قال: بعد أبيه وأمه في أرض، تسمى كربلا، وإن اخترت أن أريك من ترابها قبضة، فغاب عني وجائني بهذه القبضة، وقال: هذا من تربته، قال: خذيها واحفظيها عندك في تلك الزجاجة، وانظري إليها، فإذا رايتها قد صارت دما عبيطا، فاعلمي أن ولدي الحسين - عليه السلام - في تلك الساعة قد قتل.
قالت أم سلمة ففعلت ما أمرني، وعلقتها في جانب البيت، حتى قبض النبي - صلى الله عليه وآله - وجرى ما جرى فلما خرج الحسين - عليه السلام - من المدينة إلى العراق أتيته لأودعه، فقال يا أم سلمة توصى في الزجاجة، فبقيت أترقبها وانظر فيها اليوم المرتين والثلاث، فلما كان يوم العاشر من المحرم قرب الزوال أخذتني سنة من النوم، فنمت هنيئة فرأيت رسول الله - صلى الله عليه وآله - في منامي، وإذا هو أشعث أغبر وعلى كريمته الغبار والتراب.
فقلت: بابي وأمي مالي أراك يا رسول الله مغبرا أشعث ما هذا الغبار والتراب الذي أراه على كريمتك ووجهك؟
فقال لي: يا أم سلمة لم أزل هذه الليلة أحفر قبر ولدي الحسين - عليه السلام -، وقبور أصحابه وهذا أوان فراغي من تجهيز ولدي الحسين - عليه السلام - وأصحابه، قتلوا بكربلا، فانتبهت فزعة مرعوبة، وقمت، فنظرت إلى القارورة، وإذا بها دما عبيطا، فعلمت أن الحسين - عليه السلام - قد قتل قالت: والله ما كذبني الوحي ولا كذبني رسول الله - صلى الله عليه وآله - قالت:
فجعلت أصيح وا ابناه وا قرة عيناه وا حبيباه وا حسيناه وا ضيعتاه بعدك يا أبا عبد الله! قالت: حتى اجتمع الناس عندي، فقالوا: ما الخبر، فأعلمتهم،