القارورة فبينما أنا كذلك وإذا بالقارورة [انقلبت] (1) دما عبيطا، فعلمت أن الحسين - عليه السلام - قد قتل، فجعلت أنوح وأبكي يومي كله إلى الليل، ولم أتهن بطعام (ولا شراب) (2) ولا منام إلى طائفة من الليل، فأخذني النعاس، وإذا [أنا] (3) بالطيف برسول الله مقبل وعلى رأسه ولحيته تراب كثير (4)، فجعلت أنفضه وأبكي وأقول: نفسي لنفسك الفداء متى أهملت نفسك هكذا يا رسول الله! من أين لك هذا التراب؟
قال: هذه الساعة فرغت من دفن ولدي الحسين - عليه السلام -.
قالت أم سلمة: فانتبهت مرعوبة لم أملك نفسي فصحت وا حسيناه وا ولداه وا مهجة قلباه حتى علا نحيبي، فأقبلت إلي نساء المدينة الهاشميات وغيرهن، وقلن: ما الخبر يا أم المؤمنين!؟ فحكيت لهن القصة فعلى النحيب والصراخ وقام النياح، فصار ذلك اليوم كيوم مات فيه رسول الله - صلى الله عليه وآله - وسعين إلى قبره، مشققات الجيوب ومفجوعات (5) لفقد المحبوب، فصحن يا رسول الله! قتل الحسين فوالله الذي لا إله إلا هو لقد حسسنا كأن القبر، يموج بصاحبه حتى تحركت الأرض تحتنا فخشينا انها تسيخ بنا فافترقنا بين مشقوق جيبها ومنشور شعرها وباكية عينها. (6)