على اليسرى، وهو على قفاه، وإذا بالحسين - عليه السلام -، وهو ابن ثلاث سنين وأشهر، أتى إليه، فلما رآه - صلى الله عليه وآله - قال: مرحبا بقرة عيني وثمرة فؤادي، ولم يزل يمشي حتى ركب على صدر جده فأبطأ، فخشيت أن النبي - صلى الله عليه وآله - قد تعب وأحببت أن أنحيه عن صدره (1)، فقال: دعيه يا أم سلمة! متى ما أراد الانحدار ينحدر، واعلمي أن من آذى منه شعرة فقد آذاني.
قالت: فتركته ومضيت، فما رجعت إلا ورسول الله يبكي، فعجبت من ذلك بعد الضحك والفرح، فقربت منه، وقلت: يا رسول الله! ما يبكيك لا أبكى الله عينيك؟ وهو ينظر شيئا بيده ويبكي.
قال: ما تنظرين؟ فنظرت، وإذا بيده تربة، فقلت: ما هي؟
قال: أتاني بها جبرئيل هذه الساعة، وقال: يا رسول الله! هذه طينة من [أرض] (2) كربلا، وهي طينة ولدك الحسين - عليه السلام - وتربته التي يدفن فيها، فصيريها عندك في قارورة، فإذا رايتها قد صارت دما عبيطا، فاعلمي أن ولدي الحسين - عليه السلام - قد قتل، وسيصير ذلك (من) (3) بعدي وبعد أمه وأبيه وأخيه.
قالت: فبكيت وأخذتها من يده، وأتمرت بما أمرني به، فإذا لها رائحة كالمسك الأذفر، فما مضت الأيام والسنون إلا وقد سافر الحسين - عليه السلام - إلى أرض كربلاء، فحس قلبي بالشر فصرت كل يوم أتعاهد