عوالي اللئالي - ابن أبي جمهور الأحسائي - ج ٣ - الصفحة ١٩٥
رجل ضارب في الأرض يطلب من فضل الله ما يكف به نفسه، ويعود به على عياله " (1) (2).
(10) وعن الرضا عليه السلام قال: (أتى رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله بدينارين فقال: يا رسول الله أريد أن أحمل بهما في سبيل الله. قال: " ألك والدان أو أحدهما؟ " قال: نعم، قال:
" اذهب فأنفقهما على والديك، فهو خير لك من أن تحمل بهما في سبيل الله " فرجع ففعل، وأتاه بدينارين آخرين فقال: قد فعلت، وهذه ديناران أريد أن أحمل بهما في سبيل الله، قال: " ألك ولد؟ " قال: نعم، قال: " فأنفقهما على ولدك، فهو خير لك من أن تحمل بهما في سبيل الله " فرجع ففعل، وأتاه بدينارين آخرين، وقال: يا رسول الله قد فعلت، وهذان الديناران أحمل بهما في سبيل الله، قال: " ألك زوجة؟ " قال: نعم، قال: " انفقهما على زوجتك، فهو خير لك من أن تحمل بهما في سبيل الله " فرجع وفعل، وأتاه بدينارين آخرين، وقال يا رسول الله قد فعلت، وهذان ديناران أريد أن أحمل بهما في سبيل الله، فقال: " ألك خادم؟ " قال: نعم، قال: " فاذهب فأنفقهما على خادمك، فهو خير لك من أن تحمل بهما في سبيل الله " ففعل، واتاه بدينارين آخرين، وقال: يا رسول الله أريد أن أحمل بهما في سبيل الله، فقال: " احملهما، واعلم أنهما ليسا بأفضل من دنانيرك ") (3) (4).

(١) دعائم الاسلام: ٢، كتاب البيوع والاحكام فيها، فصل (١) ذكر الحض على طلب الرزق، حديث ٨.
(٢) ظاهر هذا الحديث يدل على أن هذه الدرجة للضارب في الأرض مشروط بكون طلبه لما ذكره أن يكون نيته لذلك لا للجمع ولا التكاثر، ولا الادخار والكنز، ولا لطلب مراتب الدنيا. وقوله: (ويعود به على عياله) سواء كان بقصد التوسعة عليهم على قدر حالهم، أو ما يكفيهم به عن الحاجة إلى الغير (معه).
(٣) التهذيب: ٦، كتاب الجهاد وسيرة الإمام عليه السلام، باب النوادر، حديث ٨.
(٤) علم من هذا الحديث ان الانفاق في سبيل الله ليس بأفضل من الانفاق على العيال الواجبي النفقة، بل هما متساويان، خصوصا إذا كانا معا في رتبة الوجوب، وظاهر الحديث ذلك. وأمر النبي صلى الله عليه وآله عند كل دينارين بقوله: انفقهما في كذا، يعلم منه ان حال هذا الشخص لم يكن قائما بنفقة عياله على ما ينبغي، فعرفه النبي صلى الله عليه وآله، بأن النفقة على العيال مقدم على النفقة في سبيل الله، وهو موافق للأصل، من حيث إن النفقة على العيال حتى الادمي، والنفقة على الجهاد حق الله، ومع تعارضهما يقدم حق الادمي.
وأما تقديم الانفاق على الوالدين وبعدهما على الولد وبعده الزوجة وبعده الخادم، فليس دالا على أن هذا الترتيب متعين عند التعارض، بل ليعرفه على أن الانفاق على الكل واجب، والكل بالنسبة إلى هذا المأمور في مرتبة واحدة. ليمكنه على الانفاق على الكل. ولا شك انه مع التمكن لا مشاحة في التقديم والتأخير، لوجوب الكل على السوية، نعم مع التعارض يظهر للتقديم والتأخير الفائدة، وإنما يكون ذلك مع التمكن من البعض، وباب الترجيح حينئذ لا يفهم من هذا الحديث، فيرجع إلى القواعد الفقهية (معه).
(١٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 ... » »»
الفهرست