فبعث علي عليه السلام إلى معاوية أن اخرج إلي أبارزك فلم يفعل. وقد جرى بين العسكرين أربعون وقعة يغلبها أهل العراق أولها: يوم الأربعاء بين الأشتر وحبيب بن مسلمة. والثاني: بين المرقال وأبي الأعور السلمي. والثالث بين عمار وعمرو بن العاص والرابع بين ابن الحنفية وعبيد الله بن عمر والخامس بين عبد الله بن العباس والوليد بن عقبة. والسادس: بين سعد بن قيس وذي الكلاع إلى تمام الأربعين وقعة آخرها ليلة الهرير خرج عون بن عوف الحارثي قائلا:
اني انا عون أخو الحروب * صاحبها ولست بالهروب فبارزه علقمة قائلا:
يا عون لو كنت امرءا حازما * لم تبرز الدهر إلى علقمة لقيت ليثا أسدا باسلا * يأخذ بالأنفاس والغلصمة وخرج أحمر مولى عثمان قائلا:
ان الكتيبة عند كل تصادم * تبكي فوارسها على عثمان فأجابه كيسان مولى علي عليه السلام:
عثمان ويحك قد مضى لسبيله * فاثبت لحد مهند وسنان فقتله الأحمر. فقال علي عليه السلام: قتلني الله ان لم أقتلك، اخذ بجريان درعه ورفعه وضربه على الأرض وجعل يجول في الميدان ويقول:
لهف نفسي وقليل ما أسر * ما أصاب الناس من خير وشر لم أرد في الدهر يوما حربهم * وهم الساعون في الشر الشمر فحث معاوية غلامه حريثا أن يغتال عليا في قتله فطير أمير المؤمنين عليه السلام قحفه في الهواء وجعل يجول ويقول:
ألا احذروا في حربكم أبا الحسن * فلا تروموه فمذا من الغبن فإنه يدقكم دق الطحن * ولا يخاف في الهياج من ومن وخرج عمرو بن العاص مرتجزا يقول:
لا عيش إن لم الق يوما هاشما * ذاك الذي جشمني المجاشما ذاك الذي يشتم عرضي ظالما * ذاك الذي لم ينج منى سالما فبرز هاشم مرتجزا:
ذاك الذي نذرت فيه النذرا * ذاك الذي أعذرت فيه العذرا