أحدهما قال: فخلع قميصه فقال برأني الله من ذلك كما برأني من قميصي، ولما جرى ليلة الهرير صاحوا يا معاوية هلكت العرب، فقال معاوية: يا عمرو نفر أو نستأمن؟
قال: نرفع المصاحف على الرماح ونقرأ " ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم " فان قبلوا حكم القرآن رفعنا الحرب ورافعنا بهم إلى اجل، وإن أبى بعضهم إلا القتال فللنا شوكتهم وتقع بينهم الفرقة وآمر بالنداء فلسنا ولستم من المشركين، ولا المجمعين على الردة، فان تقبلوها ففيها البقاء، للفرقتين وللبلدة، وإن تدفعوها ففيها الفناء، وكل بلاء إلى مدة، فقال عوف بن عبد الله:
رميناهم حتى أزلنا صفوفهم * فلم ير إلا بوجة وكابيا وحتى استغاثوا بالمصاحف والقنا * بها وقفات يختطفن المحاميا وقال الجماني العلوي:
هبلت أم قريش حين تدعون الهبل * حين ناطوا بكتاب الله أطراف الأسل فقال مسعر بن فدكي وزيد بن حصين الطائي والأشعث بن قيس الكندي أجب القوم إلى كتاب الله، فقال أمير المؤمنين (ع): ويحكم والله انهم ما رفعوا المصاحف إلا خديعة ومكيدة حين علوتموهم.
وقال خالد بن معمر السدوسي: يا أمير المؤمنين أحب الأمور الينا ما كفينا مؤنته. وأنشد رفاعة بن شداد البجلي:
وإن حكموا بالعدل كانت سلامة * وإلا أثرناها بيوم قماطر فقصد إليه عشرون الف رجل يقولون: يا علي أجب إلى كتاب الله إذا دعيت وإلا دفعناك برمتك إلى القوم أو نفعل بك ما فعلنا بعثمان فقال: فاحفظوا عني مقالتي فاني آمركم بالقتال فان تعصوني فافعلوا ما بدا لكم قالوا: فابعث إلى الأشتر ليأتينك فبعث يزيد بن هاني السبيعي يدعوه. فقال الأشتر: إني قد رجوت أن يفتح الله لا تعجلني وشدد في القتال. فقالوا: حرضته في الحرب فابعث إليه بعزيمتك ليأتيك وإلا والله اعتزلناك قال: يا يزيد عد إليه وقل له اقبل الينا فان الفتنة قد وقعت فأقبل الأشتر يقول لأهل العراق: يا أهل الذل والوهن أحين علوتم القوم وعلموا انكم لهم قاهرون رفعوا لكم المصاحف خديعة ومكرا؟ فقالوا: قاتلناهم في الله فقال: امهلوني ساعة وأحسست بالفتح وأيقنت بالظفر قالوا: لا. قال: امهلوني