الغالبون على جميع العباد، فبدأ في هذه الآية بنفسه ثم بنبيه ثم بوليه وكذلك في الآية الثانية وفي الحساب (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون)، ووزنه محمد المصطفى رسول الله وبعده المرتضى علي ابن أبي طالب وعترته، وعدد حساب كل واحد منهما ثلاثة آلاف وخمسمائة وثمانون الكافي جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عليهم السلام قال: لما نزلت (إنما وليكم الله ورسوله) اجتمع نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله في مسجد المدينة وقال بعضهم لبعض: ما تقولون في هذه الآية؟ قال بعضهم: ان كفرنا بهذه الآية كفرنا بسايرها وإن آمنا فان هذا ذل حين يسلط علينا علي بن أبي طالب، فقالوا: قد علمنا أن محمدا صادق فيما يقول ولكن نتوالاه ولا نطيع عليا فيما أمرنا فنزل (يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها) يعني ولاية محمد (وأكثرهم الكافرون) بولاية علي.
علي بن جعفر عن أبي الحسن عليه السلام في قوله تعالى (وإذا قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى) أوحى الله إليه يا محمد اني أمرت فلم أطع فلا تجزع أنت إذا أمرت فلم تطع في وصيك. فقوله تعالى (والذين آمنوا يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) أثبت الولاية لمن جعله وليا لنا على وجه بالتخصيص ونفى معناها عن غيره، ويعني بوليكم القائم بأموركم ومن يلزمكم طاعته وإذ ثبت ذلك ثبتت إمامته لان لا أحد يجب له التصرف في الأمة وفرض الطاعة له بعد النبي صلى الله عليه وآله إلا من كان إماما لهم وثبتت أيضا عصمته لأنه سبحانه إذا أوجب له فرض الطاعة مثل ما أوجبه لنفسه ولنبيه صلى الله عليه وآله اقتضى ذلك طاعته في كل شئ وهذا برهان عصمته لأنه لو لم يكن كذلك لجاز منه الامر بالقبيح فيقبح طاعته وإذا قبحت كان تعالى قد أوجب فعل القبيح وفي علمنا أن ذلك لا يجوز عليه سبحانه ودليل على وجوب العصمة.
(والدليل) على أن لفظة ولي في الآية تفيد الأولى ما ذكره المبرد في كتاب العبارة عن صفات الله ان الولي هو الأولى، وقال النبي صلى الله عليه وآله: أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها ومنه أولياء الدم وفلان ولي امر الرعية:
ونعم ولي الأمر بعد وليه * ومنتجع التقوى ونعم المؤدب وما يعترض به السائل فلا يلتفت إليه، واختصاص الآية ببعض المؤمنين حيث وصفهم بايتاء الزكاة يوجب خروج من لم يؤتها، ومن حيث خص ايتائهم بحال