وجعل يتخلل الصفوف حتى انتهى إلى علي عليه السلام فوضع مشفره ما بين رأس علي ومنكبه وجعل يحركها بجرانه فقال علي: والله انها لعلامة بيني وبين رسول الله، قال: فجد الناس في ذلك اليوم واشتد قتالهم.
وحدثني أبو العزيز كادش العكبري باسناد أورده: ان رجلا من ناحية اذربيجان كان له إبلا قد استصعبت عليه فجاء إلى أمير المؤمنين فأخبره بذلك وشكا إليه فقال عليه السلام إذا انصرفت فصر إلى الموضع الذي هي فيه وقل اللهم إني أتوجه إليك بنبيك نبي الرحمة وأهل بيته الذين اخترتهم على علم على العالمين اللهم فذلل لي صعوبتها وحرانها واكفني شرها فإنك الكافي المعافى والغالب القاهر، فانصرف الرجل فلما كان من قابل عاد ومعه جملة من أثمانها قد حمله إلى أمير المؤمنين فقال عليه السلام له: انها لما صرت إليها جاءتك لائذة خاضعة ذليلة فأخذت بنواصيها واحدا فواحدا قال: صدقت يا أمير المؤمنين كأنك كنت حاضرا معي فتفضل علي بقبول ما جئتك به، فقال: امض راشدا بارك الله لك فيه فبورك للرجل في ماله حتى ضاق عليه رحاب بلده.
وفي حديث عمار لما ارسل النبي عليا إلى مدينة عمان في قتال الجلندي بن كركرة وجرى بينهما حربا عظيما وضربا وجيعا دعا الجلندي بغلام يقال له الكندي وقال له:
ان أنت خرجت إلى صاحب العمامة السوداء والبغلة الشهباء فتأخذه أسيرا أو تطرحه مجدلا عفيرا أزوجك ابنتي التي لم أنعم لأولاد الملوك بزواجها، فركب الكندي الفيل الأبيض وكان مع الجلندي ثلاثون فيلا وحمل بالافيلة والعسكر على أمير المؤمنين فلما نظر الإمام عليه السلام إليه نزل عن بغلته ثم كشف عن رأسه فأشرقت الفلاة طولا وعرضا ثم ركب ودنا من الافيلة وجعل يكلمها بكلام لا يفهمه الآدميون وإذا بتسعة وعشرين فيلا قد دارت رؤسها وحملت على عسكر المشركين وجعلت تضرب فيهم يمينا وشمالا حتى أوصلتهم إلى باب عمان ثم رجعت وهي تتكلم بكلام يسمعه الناس يا علي كلنا نعرف محمدا ونؤمن برب محمد إلا هذا الفيل الأبيض فإنه لا يعرف محمدا ولا آل محمد، فزعق الامام زعقته المعروفة عند الغضب المشهورة فارتعد الفيل ووقف فضربه الامام بذي الفقار ضربة رمى رأسه عن بدنه فوقع الفيل إلى الأرض كالجبل العظيم واخذ الكندي من ظهره فأخبر جبرئيل النبي صلى الله عليه وآله فارتقى على السور فنادى أبا الحسن هبه لي فهو أسيرك فأطلق علي سبيل الكندي فقال: يا أبا الحسن ما حملك على اطلاقي؟ قال:
ويلك مد نظرك، فمد عينيه فكشف الله عن بصره فنظر النبي على سور المدينة وصحابته