الأمالي - السيد المرتضى - ج ٣ - الصفحة ٨٥
كفارة له ولو أصاب من ماله شيئا ثم دفعه إلى ورثته لكنا نرى ان ذلك كفارة له قال ويدل على أن عرض الرجل نفسه قول حسان هجوت محمدا فأجبت عنه * وعند الله في ذاك الجزاء (1) فإن أبي ووالده وعرضى * لعرض محمد منكم وقاء أتهجوه ولست له بكفء * فشر كما لخير كما الفداء أراد فان أبي وجدي ونفسي وقاء لنفس محمد صلى الله عليه وسلم وقال آخرون وهو الصحيح لعرض موضع المدح والذم من الرجل فإذا قيل ذكر عرض فلان فمعناه ذكر ما يرتفع به أو ما يسقط بذكره ويمدح أو يذم به وقد يدخل في ذلك ذكر الرجل نفسه وذكر آبائه وأسلافه لان كل ذلك مما يمدح به ويذم والذي يدل على هذا ان أهل اللغة لا يفرقون في قولهم شتم فلان عرض فلان بين أن يكون ذكره في نفسه بقبيح الأفعال أو شتم سلفه وأباه ويدل عليه قول المسكين الدارمي رب مهزول سمين عرضه * وسمين الجسم مهزول الحسب (2)

(١) روي أنه لما انتهى إلى هذا البيت قال له النبي صلى الله عليه وسلم جزاؤك على الله الجنة يا حسان ولما انتهى إلى قوله * فان أبى ووالده وعرضى * الخ قال صلى الله عليه وسلم وقاك الله يا حسان حر النار ولما انتهى إلى قوله * أتهجوه ولست له بكفء * الخ قال من حضر هذا أنصف بيت قالته العرب. وقوله - فشركما لخيركما الفداء - قال السهيلي في ظاهر هذا اللفظ شناعة لأن المعروف أن لا يقال هو شرهما إلا وفي كلاهما شر وكذلك خير مثله ولكن سيبويه قال تقول مررت برجل شر منك إذا نقص عن أن يكون مثله وهذا يدفع الشناعة عن الكلام الأول ونحو منه قوله عليه الصلاة والسلام شر صفوف الرجال آخرها يريد نقصان حظهم عن حظ الصف الأول كما قال سيبويه ولا يجوز أن يريد التفضيل في الشر والله أعلم (٢) ذكر أبو علي القالي العرض بأنواعه فتركنا كل ما لا يتعلق له بموضع البحث فقال والعرض أيضا ما ذم من الانسان أو مدح يقال فلان نقى العرض أي هو برئ من أن يشتم أو يعاب واختلف فيه فقال أبو عبيدة عرضه آباؤه وأسلافه وخالفه ابن قتيبة فقال عرضه جسده واحتج بحديث النبي صلى الله عليه وسلم في صفة أهل الجنة لا يبولون ولا يتغوطون إنما هو عرق يجرى من اعراضهم مثل المسك يعنى من أبدانهم ونصر شيخنا أبو بكر بن الأنباري أبا عبيدة فقال ليس هذا الحديث حجة له لان الاعراض عند العرب المواضع التي تعرق من الجسد قال والدليل على غلط ابن قتيبة في هذا التأويل وصحة تأويل أبي عبيدة قول مسكين الدارمي رب مهزول سمين عرضه * وسمين الجسم مهزول الحسب فمعناه رب مهزول البدن والجسم كريم الآباء قال وأما احتجاجه بيت حسان بن ثابت فان أبى ووالده وعرضي * لعرض محمد منكم وقاء في أن العرض الجسم فليس كما ذكر لان معناه فان أبي و والده وآبائي فأتى بالعموم بعد الخصوص ذكر الأب ثم جمع الآباء كما قال الله عز وجل (ولقد آتيناك سبعا من الثاني والقرآن العظيم) فخص السبع ثم أتي بالقرآن العام بعد ذكره إياها والذي قاله ابن قتيبة قد قاله غيره ويمكن أن ينصر ابن قتيبة بيت مسكين ومعناه رب مهزول الجسم سمين الحسب أي عظيم الشرف وسمين الجسم مهزول الحسب أي ضعيف الشرف اه‍ قلت وبعد بيت مسكين المتقدم أكسبته الورق البيض أبا * ولقد كان لا يدعي لأب - الورق - بفتح الواو وكسر الراء وهي الدراهم المضروبة وكذلك الرقة والهاء عوض عن الواو وقوله - ولا يدعى لأب - أي ولا ينتسب من الدعوة بكسر الدال. المعنى انه كان مجهول النسب ولم يكن له أب يدعي إليه فلما أعطي ما لا ظهر له نسب واشتهر له أب يدعى إليه. وقوله - ولقد كان - الواو للحال واللام للتأكيد وقد للتحقيق وكان تامة فلا تحتاج إلى خبر. وقوله - ولا يدعى لأب - جملة وقعت حالا أيضا وهي مضارع منفى جاء بالواو وهو قليل والأكثر مجيئه بلا واو
(٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (المجلس الواحد والأربعون) تأويل قوله تعالى فأين يذهبون ان هو الا ذكر للعالمين الآية 2
2 رد قوله المعتزلة في مسئلة ارادته تعالى القبائح 3
3 عود إلى ذكر بعض محاسن شعر مروان بن أبي حفصة وغيره 4
4 مفاكهة أدبية 8
5 (المجلس الثاني والأربعون الثالث) تأويل قوله تعالى: أولئك لم يكونوا معجزين في الأرض الآية 14
6 تأويل قوله تعالى: ما كانوا يستطيعون السمع الآية 14
7 استرواح بذكر شئ من شعر مروان بن أبي حفصة وغيره 16
8 (المجلس الثالث والأربعون) تأويل قوله تأويل: ما منعك ان لا تسجد إذ أمرتك الآية 25
9 عود إلى ذكر طرف من شعر مروان بن أبي حفصة أيضا 26
10 (المجلس الرابع والأربعون) تأويل قوله تعالى: نحن أعلم ما يستمعون به الآية 35
11 تأويل قوله تعالى: ان تتبعون الا رجلا مسحورا 36
12 استرواح بذكر بعض من المحاسن الشعرية 38
13 (المجلس الخامس والأربعون) تأويل قوله تعالى: كل شئ هالك الا وجهه الآية 41
14 تأويل قوله تعالى: انما نطعمكم لوجه الله الآية ونحوها 50
15 استرواح بذكر حكاية أدبية لمحمد بن يحيى الصولي وشئ من كلام البحتري 50
16 مفاكهة المكتفى بالله مع الصولي في محاسن الشيب ومدحه 52
17 واقعة امرئ القيس مع قيصر الروم 53
18 (المجلس السادس والأربعون) تأويل قوله تعالى: وإذا سئلك عبادي عني فاني قريب الآية 59
19 عود إلى ذكر الشيب وما تقوله العرب في ذمه 61
20 قصة البيدق مع الرشيد 63
21 قصة العتابي معه أيضا 63
22 (المجلس السابع والأربعون) تأويل قوله تعالى: هو الذي أنزل من السماء ماء لكم منه شراب الآية 70
23 عود إلى ذم الشيب والتألم من فقد الشباب 72
24 رد على الآمدي في انتقاده كلام البحتري 77
25 ذكر بعض مبتكرات من شعر ابن الرومي 79
26 (المجلس الثامن والأربعون) تأويل قوله تعالى: ليس لك من الأمر شئ الآية 80
27 تأويل خبر لا تناجشوا ولا تدابروا الحديث 82
28 ذكر ما ورد في اللغة العربية من معاني العرض 84
29 استرواح بذكر شئ من شعر قطري بن الفجاءة 88
30 (المجلس التاسع والأربعون) تأويل قوله تعالى: وقالت اليهود يد الله مغلولة الآية 91
31 تأويل خبر لعن الله السارق يسرق البيضة الحديث 93
32 ذكر معاني البيضة في كلام العرب والاستشهاد عليها 95
33 استرواح بذكر حكاية لطيفة للأصمعي مع الرشيد 99
34 (المجلس الخمسون) تأويل قوله تعالى: الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور 100
35 منادمة الشعبي والأخطل في مجلس عبد الملك بن مروان 101
36 استطراد لذكر مرية أعشي باهلة وبلاغتها 105
37 ذكر بعض كلام للأخطل في امتداحه لمعاوية 113
38 (المجلس الواحد والخمسون) تأويل قوله تعالى: ربنا لا تزع قلوبنا بعد إذ هديتنا الآية 114
39 استرواح بذكر قول الراعي في وصف الأثافي والرماد 116
40 (المجلس الثاني والخمسون) تأويل قوله تعالى: وإذ قال موسى لقومه ان الله يأمركم أن تذبحوا بقرة الآية 125
41 استرواح بذكر بعض كلام المتنبي وغيره 128
42 ذكر طرف من محاسن شعر عمارة بن عقيل وغيره 131
43 (المجلس الثالث والخمسون) تأويل قوله تعالى: لئن بسطت إلى يدك لتقتلني الآية 134
44 شواهد إضافة المصدر إلى فاعله ومفعوو 135
45 تأويل خبر لا يموت لمؤمن ثلاث من الأولاد الحديث 138
46 تشبيه العرب قلة مكث الشئ بتحلة اليمين والاستشهاد عليه بكلامهم 138
47 (المجلس الرابع والخمسون) تأويل قوله تعالى: ثم قست قلوبكم من بعد ذلك الآية 142
48 استرواح بذكر ما يختار من شعر الأحوص الأنصاري 149
49 (المجلس الخامس والخمسون) تأويل قوله تعالى: وعلم آدم الأسماء كلها الآية 155
50 تلخيص الجواب في هذا الموضوع 156
51 اشكال غريب في الآية المذكورة والجواب عنه 161
52 استرواح بذكر شئ من محاسن شعر حسان وغيره 162
53 (المجلس السادس والخمسون) تأويل قوله تعالى: واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا الآية 165
54 استطراد لذكر ما خوطب به صلى الله عليه وسلم والمقصود به أمته 165