أي ان كنتم لا تعبدون إلهي الا بهذا الشرط فإنكم لا تعبودنه أبدا.. وقد طعن بعض الناس على هذا التأويل بأن قال إنه يقتضي شرطا وحذفا لا يدل عليه ظاهر الكلام وهو ما شرطه في قوله ولا أنتم عابدون ما أعبد قال وإذا كان ما نفاه عن نفسه من عبادته ما يعبدون مطلقا غير مشروط فكذلك ما عطفه عليه وهذا الطعن غير صحيح لأنه لا يمتنع اثبات شرط بدليل وان لم يكن في ظاهر الكلام ولا يمتنع عطف المشروط على المطلق بحسب قيام الدلالة.. وعن هذا السؤال ثلاثة أجوبة كل واحد منها أوضح مما ذكره ابن قتيبة.. أولها ما حكى عن أبي العباس ثعلب أنه قال إنما حسن التكرار لأن تحت كل لفظة معنى ليس هو تحت الأخرى وتلخيص الكلام قل يا أيها الكافرون لا أعبد تعبدون الساعة وفي هذه الحال ولا أنتم عابدون ما أعبد في هذه الحال أيضا واختص الفعلان منه ومنهم بالحال.. وقال من بعد ولا أنا عابد ما عبدتم في المستقبل ولا أنتم عابدون ما أعبد فيما تستقبلون فاختلف المعاني وحسن التكرار في اختلافها ويجب أن تكون السورة على هذا مختصة بمن المعلوم انه لا يؤمن.. وقد ذكر مقاتل وغيره أنها نزلت في أبي جهل والمستهزئين ولم يؤمن من الذين نزلت فيهم أحد والمستهزئون هم العاصي بن وائل والوليد بن المغيرة والأسود بن المطلب والأسود بن عبد يغوث وعدي بن قيس .. والجواب الثاني وهو جواب الفراء أن يكون التكرار للتأكيد كقول المجيب مؤكدا بلى بلى والممتنع مؤكدا لا لا.. ومثله قول الله تعالى (كلا سوف تعلمون ثم كلا سوف تعلمون).. وأنشد الفراء وكائن وكم عندي لهم من صنيعة * أيادي ثنوها علي وأوجبوا .. وأنشد أيضا كم نعمة كانت لكم كم كم وكم .. وأنشد أيضا نعق الغراب ببين لبني غدوة كم كم وكم لفراق لبني ينعق .. وقال آخر
(٨٤)