وأقول: إن الشمس والقمر وسائر النجوم أجسام نارية لا حياة لها ولا موت خلقها الله لينتفع بها عباده وجعلها زينة لسماواته وآية من آياته كما قال سبحانه: (هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ما خلق الله ذلك إلا بالحق يفصل الآيات لقوم يعلمون) (سورة يونس: 5) وكما قال تعالى: (وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمت البر والبحر قد فصلنا الآيات لقوم يعلمون) (سورة الأنعام: 97) وكما قال عز وجل: (وعلمت وبالنجم هم يهتدون) (سورة النحل: 16) وكما قال تبارك اسمه: (وزينا السماء الدنيا بمصابيح) (سورة فصلت: 12). فأما الأحكام على الكائنات بدلالتها والكلام على مدلول حركاتها فإن العقل لا يمنع منه غير أنا لا نقطع عليه ولا نعتقد استمراره في الناس إلى هذه الغاية، فأما مما نجده من أحكام المنجمين في هذا الوقت وإصابة بعضهم فيه فإنه لا ينكر أن يكون ذلك بضرب من التجربة وبدليل عادة، وقد يختلف أحيانا ويخطي المعتمد عليه كثيرا، ولا تصح إصابته فيه أبدا لأنه ليس بجار مجرى دلائل العقول ولا براهين الكتاب ولا أخبار الرسول (ص)، وهذا مذهب جمهور متكلمي أهل العدل وإليه ذهب بنو نوبخت - رحمهم الله - من الإمامية وأبو القاسم وأبو علي من المعتزلة، انتهى (1).
وقد أشار إلى ذلك في موضع آخر فقال: وقد قدمنا نحن فصلا منفردا حكينا فيه كلام الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان رضوان الله جل جلاله عليه في كتابه المسمى كتاب (أوائل المقالات) إلى آخر ما ذكره (2).