فقلت: قد كان ذلك، فما تأمرني الآن؟ قال: هذا وقت صبر حتى يفرج الله، ويأتي بمخرج، فمضى ومضيت، ولقي الأشعث الزبرقان بن بدر السعدي (1)، فذكر ما جرى بيني وبينه من الكلام، فنقل الزبرقان الكلام إلى أبي بكر فذكر (2) ذلك، ثم قال: إنك لتشوق إليها يا بن الخطاب؟ فقلت: وما يمنعني من التشوق إلى ما كنت أحق به ممن غلبني عليه، أما والله لتكفن أو لأقولن كلمة بالغة بي وبك ما بلغت، فإن شئت استدمت ما فيه عفوا - قال: بل أستديمه وهي صائرة إليك بعد أيام، فما ظننت أن تأتي عليه جمعة بعد ذلك حتى يردها إلي، فوالله ما ذكر لي منها حرفا بعد ذلك.
ولقد مد في أمدها (3) عاضا على نواجذه، حتى كان عند إياسه منها حين ما حضرته الوفاة، فكان ما رأيتما منه، ثم قال لنا: احفظا ما قلت لكما وليكن منكما بحيث أمرتكما إذا شئتما على بركة الله وفي حفظه.