من حدوث منشأ انتزاعها، كالعقود والطهارة عن الحدث والخبث حيث إن العلقة المتولدة من الايجاب والقبول إنما يتولد حدوثها من حدوثهما وهكذا الامر في الطهارة فإنها تحدث بحدوث أسبابها. ومنها ما ينتزع وجودها من وجود منشأ انتزاعها بحيث يدور مدار منشأ انتزاعه حدوثا وبقاءا كالفوقية والتحتية المنتزعتين من تقابل الجسمين بحيث لو وقع أحدهما لوقع على الاخر.
والأول على قسمين أيضا:
فمنها ما يكون قارا في حد نفسه ويكون باقيا بعد حدوثه من منشأ انتزاعه ما لم يطرء عليه مزيل كالعقود المنتزعة من الايجاب والقبول فإنها حادثة بحدوثهما وتكون باقيه ما لم يطرء عليها رافع من جهة انها قارة في حد أنفسها ولا تكون في بقائها مسندة إلى منشأ انتزاعها الا باعتبار حدوثها ضرورة انه لا تأثير للصيغة في بقاء العقد وعدمه وهكذا الامر في الطهارة المنتزعة من الوضوء والغسل فإنهما إنما يوجبان حدوث الطهارة ولا تأثير لهما في بقائها وعدمه. ومنها مالا يكون قارا في حد نفسه كالتعليم والتدريس المنتزع من القاء الكلام نحو المستمع فإنه حادث بحدوث منشأ انتزاعه منقضيا بانقضائه.
الرابع: ان الأمور المنتزعة مطلقا متحدة مع منشأ انتزاعها في الخارج ولا وجود لها وراء وجود منشأ انتزاعها ولا ينافي ذلك من بقاء الأمور المنتزعة القارة من حدوث منشأها الذي لا يكون باقيا لان الانتزاع فيها إنما هو بين الحدوثين وهما متحدان في الخارج ولا يكون بقائها منتزعا مستندا إلى المنشأ بوجه.
الخامس: ان رفع الامر لا يتوقف على رفع منشأ انتزاعه، إذا كان حدوثه منشأ لانتزاع حدوث الامر المنتزع، ضرورة انه ينتقض الطهارة بالحدث، ويرتفع الحدث بالطهارة من دون تطرق خلل في منشأ انتزاعهما، ولا ينافي ذلك مع اتحاد الامر المنتزع من منشأ انتزاعه، ولا مع كونه علة تامة للانتزاع، لان الاتحاد والعلية لا يكونان الا بين الحدوثين، ولم يتطرق بالنسبة إلى حدوث المنتزع حينئذ خلل حتى ينافيه الاتحاد أو العلية التامة، نعم إذا كان الانتزاع في الوجود لا في الحدوث،