فان قلت: ثبوت الحدث عند عروض سببه مقطوع به لأنه محدث حينئذ، اما بالحدث السابق أو بالحدث الجديد، فهو متيقن حينئذ بالحدث كما أنه متيقن بالطهارة، فيستصحب الحدث المتيقن كما يستصحب الطهارة المتيقنة، فيتعارض الاستصحابان، ويتساقطان لتكافؤهما، فلا بد ان يتطهر حينئذ لأجل احراز شرط صحة الصلاة وما بمنزلتها.
قلت: لا مجال لاستصحاب الحدث المردد بين كونه سابقا وحادثا لان السابق قد زال قطعا بالطهارة اللاحقة والحادث مشكوك الحدوث، فلا متيقن حتى يستصحب ضرورة ان الحدث السابق ارتفع بالطهارة ولا شك فيه فالشك إنما هو في الحدث الجديد، والشك فيه إنما هو في حدوثه لا في بقائه بعد اليقين بحدوثه، والاستصحاب إنما يجرى فيما يتيقن حدوثه، وشك في بقائه لا فيما شك في حدوثه.
فاتضح بحمد الله غاية الاتضاح ان الحكم بوجوب التطهر مطلقا فيما إذا تيقنهما وشك في المتأخر منهما في غير محله، وان الحق التفصيل كما بيناه وتوهم وقوع الاجماع على وجوب التطهر مطلقا حينئذ باطل من وجهين:
الأول وجوب المخالف. والثاني تعليل الحكم به بتعارض اليقينين، وعدم رجحان أحدهما لا بالاجماع، ويمكن حينئذ تنزيل اطلاقاتهم على ما بيناه لعدم تعارض اليقينين الا فيما إذا لم يعلم تاريخ أحدهما، ولم يعلم الحالة السابقة على الحالتين.
وبما بيناه تبين الحال فيما إذا علم بجنابة وغسل وشك في المتأخر منهما، فإنه ان علم بتاريخ أحدهما اخذ به واستصحبه، وان جهل تاريخهما، فان علم بان حالته السابقة عليهما هي الجنابة بنى على الطهارة، وان علم بان حالته السابقة عليهما هي عدم الجنابة سواء علم بأنه متطهرا أو محدث بالحدث الأصغر بنى على الجنابة،