على العامل المضاربة في مال آخر أو اخذ بضاعة منه أو قرض أو خدمة في شئ بعينه معللا له الثاني منهما بعموم قوله تعالى: " أوفوا بالعقود " وقوله: " المؤمنون عند شروطهم " لكن عن ابن البراج الجزم بفساد العقد والشرط وكذا عن المبسوط الا أنه قال أخيرا: لو قلنا: القراض والشرط جائز لكن لا يلزم الوفاء به كان قويا.
ثم إنه في جامع المقاصد قد حكى عن السراير عدم لزوم الوفاء به، ثم قال:
" وهو حق فان العقد جائز من الطرفين لكن لم يذكروا حكم ما إذا عمل العامل ولم يف بالشرط فظهر ربح، والذي يقتضيه النظر ان للمالك الفسخ بفوات ما جرى عليه التراضي فيكون للعامل أجرة المثل وللمالك الربح " - إلى أن قال - ولو شرط ذلك من طرف العامل على المالك فالحكم كما هنا بغير تفاوت الا ان الفسخ هنا بعد العمل إذا لم يحصل الوفاء يكون للعامل لأنه إنما رضى بالحصة القليلة مع هذا الشرط " انتهى.
أقول: وفيما ذكره نظر من وجهين:
الأول فيما ذكره من عدم منافاة اشتراط اللزوم في العقود الجائزة بالذات كاشتراط الجواز في العقود اللازمة لان الجواز في العقود الجائزة بالذات من أحكام العقد ومن شؤون سلطنة الشخص على نفسه وعمله، لما عرفت من أن مرجع العقود الجائزة بالذات المسماة بالعقود الاذنية إلى عملين مستقلين مترتبين، فيكون حينئذ لكل واحد من المتعاقدين الرجوع عن عمله ولا يقبل الاسقاط والانقلاب إلى اللزوم لاستحالة سلب سلطنة الشخص عن نفسه وعمله، بخلاف لزوم العقود اللازمة بالذات فان مرجعه إلى عدم سلطنة أحد المتعاقدين على حل عمل الاخر ورفعه لما ظهر لك من أن مرجع العقود اللازمة بالذات إلى امر وحداني بسيط في الخارج منتزع عن عملين، فلا يستقل أحدهما في رفعه وحله كما لا يستقل في اثباته فمرجع الجواز المجعول حينئذ إلى اثبات سلطنة لأحدهما على الاخر في حل عمله، أو بجعل الشارع أو بجعل المتعاقدين وهو امر معقول ويكون من الحقوق فيقبل الجعل والاسقاط.