ولذا يحتمل الصدق والكذب ويتطرق إليه المطابقة وعدمها.
بل الخبر مطلقا ناظر إلى الكشف عما في الضمير ابتداءا، ولكن قد يكون النظر الأصيل إلى الخارج ويكون النظر إلى ما في الضمير توطئة للكشف عنه - كما هو الشائع في الاستعمالات - ويكون صدق الكلام وكذبه حينئذ باعتبار مطابقته مع الخارج وعدم مطابقته معه، وقد يكون النظر الأصيل إلى الكشف عما في الضمير ولا نظر له إلى الخارج كالمقامات المزبورة، ويكون صدق الكلام وكذبه حينئذ باعتبار مطابقته مع ما في الضمير وعدمها.
فانقسام الكلام إلى الخبر والانشاء باعتبار جعله في وزان الواقع وناظرا إلى الكشف عنه، وجعله لا في وزان الواقع، فان جعل وزان الواقع وناظرا إليه فهو خبر سواء طابقه أم لم يطابقه، وان لم يجعل في وزان الواقع وناظرا إلى الكشف عنه بل جعل لغرض آخر من طلب مفهومه أو الاستعلام عنه أو تمنيه أو ترجيه أو ايجاده وهكذا من الاغراض فهو انشاء، ولذا لا يكون الكلام حينئذ محتملا للصدق والكذب وموردا للمطابقة وعدمها.
ضرورة ان الكلام إذا لم يكن في مقام تطبيقه على الواقع لم يتصف بالمطابقة وعدمها. فالمنشئ في مقام العقد والايقاع ان جعل كلامه ناظرا إلى الكشف عما في الضمير فهو حينئذ مخبر عما في ضميره وكلامه خبر لا انشاء، وان لم يجعل كلامه في وزان الواقع والكشف عنه، فان جعله في مقام ايجاد مفهومه واثباته فهو مخالف لما ذكره، وان جعله في مقام غرض آخر من الاغراض المترتبة على الانشاء من الطلب أو التمني أو الترجي وهكذا لزم عدم تحقق العقد والايقاع حينئذ، وان لم يجعله في مقام غرض معين من الاغراض المترتبة على الانشاء لزم أن يكون كلامه لغوا لا يترتب عليه اثر.
والحاصل ان الشخص في مقام العقد والايقاع لا يخلو كلامه عن أربع صور لا يصح منها الا واحدة.