متنافيين في الأثر إذا اجتمعا على محل واحد، فان تعادلا تساقطا ولم يؤثر واحد منهما وإن كان أحدهما أقوى من الاخر اختص الأقوى بالتأثير.
والرابع: ان التعارض بين شيئين تنافيهما في الأثر ولا تنافى بين الأصول الجارية في أطراف الشبهة بعضها مع بعض، وإنما التنافي بينها وبين وجوب الاحتياط الذي هو اثر تنجز الحكم بالعلم الاجمالي، ولا تعارض بينهما، إذ بعد فرض تنجز الحكم الموجب لوجوب الاحتياط لا يكون مجال للعذر حتى يجرى فيها أصالة العدم.
فان قلت: التعارض حينئذ بين العلم الاجمالي بالحكم الموجب لتنجزه وجهل المكلف به الموجب للعذر، وهما سببان متعارضان.
قلت: أولا ان مطلق الجهل ليس سببا للعذر حتى يعارض مع العلم بالحكم وإنما الموجب للعذر هو الجهل التصديقي بالحكم لا الجهل التصوري المتعلق بالمكلف به، والحكم معلوم في المقام بالعلم التصديقي فلا سبيل للعذر فيه لعدم تطرق الجهل فيه بوجه، والجهل بمعنى فقد المعرفة إنما هو في المكلف به. لتردده بين أمور محصورة، وهو لا يوجب العذر حتى يعارض العلم.
وثانيا لو سلم فهو لا يوجب المعارضة بين الأصول الجارية في أطراف العلم الاجمالي بعضها مع بعض.
والحاصل: ان توهم جريان الأصل في أطراف العلم الاجمالي ووقوع التعارض بينها في الأطراف الأصلية وتساقطها من اجل عدم ترجيح بعضها على بعض وهم فاحش.
ثم إنه استثنى (قده) مما ذكره صورة واحدة فحكم فيها بالاجتناب عن الملاقي (بالكسر) فقال: " ولو كان ملاقاة شئ لاحد المشتبهين قبل العلم الاجمالي وفقد الملاقى (بالفتح) ثم حصل العلم الاجمالي بنجاسة المشتبه الباقي أو المفقود قام ملاقيه مقامه في وجوب الاجتناب عنه وعن الباقي، لان أصالة الطهارة في الملاقى (بالكسر) معارضة