أحدهما لوقع على الاخر، وهذا القسم منتزع من عرض متأصل موجود في الخارج ولا يتوقف انتزاعه منه على اعتبار معتبر وتصور متصور، ومعنى اعتباريته انه لا استقلال له في الوجود لا انه يتوقف تحققه على اعتبار معتبر.
وثانيهما ما ينتزع من فعل فاعل وهو على قسمين أيضا:
أحدهما: ما ينتزع منه قهرا قصده الفاعل أم لا، كتولد الاحراق من القاء الحطب في النار.
وثانيهما: مالا ينتزع منه الا مع قصد الفاعل إياه، كالتأديب والقصاص المنتزعين من الضرب ونحوه والتعظيم المنتزع من القيام ونحوه، والامر المنتزع متحد مع منشأ انتزاعه في الخارج ومترتب عليه طبعا، ولذا يصح حمله عليه فيقال الضرب منه تأديب ومنه قصاص ومنه ظلم، وان يجعل المنتزع علة غائية لمنشأه فيقال ضربت للتأديب، ولا منافاة بينهما لاختلاف الاعتبارين، فباعتبار متحد معه وباعتبار علة غائية له يتأخر وجودها عنه.
ثم إن الامر المنتزع قد ينتزع حدوثه من حدوث شئ فيتحدان في مرحلة الحدوث وان انفك وجود أحدهما من وجود الاخر، كعلقة الازدواج والمبادلة وسائر العلائق المنتزعة من الايجاب والقبول، فان حدوثها منتزع من حدوثهما، فهي متحدة معهما في الحدوث منفكة عنهما في الوجود فإنها باقية بعد انقضائهما، وقد ينتزع وجوده من وجود شئ فيدور الامر المنتزع حينئذ مدار منشأ انتزاعه وجودا وعدما، كالفوقية والتحتية المنتزعتين من تقابل الجسمين فإنهما باقيتان مع بقائه وزائلتان بزواله.
فتبين بما بيناه ان المفاهيم الانشائية في العقود و الايقاعات منتزعة من حدوث الانشاء في الخارج وحادثة به على وجه الانتزاع لا على وجه الاستقلال، وانه لا ينافي منه احتياجه إلى قصد الفاعل إياها بحيث لولا قصده إياها لا تنتزع منه، كاحتياج انتزاع التأديب من الضرب مثلا على قصد الضارب إياه، فكما ان التأديب لا يتحقق الا بعد تحقق الضرب في الخارج وبتحققه يتحقق على وجه الانتزاع والمعنى النفسي