لا تحصل الا بالاجتناب عن الجميع، لا انه ثبت حكم جديد للأطراف، وهكذا الامر في أصالة التخيير فإنها راجعة إلى الاكتفاء بالموافقة الاحتمالية في مورد الامتثال للعجز عن الموافقة القطعية لأجل عدم امكان الجمع بين الأطراف عقلا أو شرعا، وهكذا الامر في الاستصحاب فإنه بناء على اليقين وركون إليه والغاء للشك، ومن المعلوم ان اثر اليقين إنما هو التنجيز أو الاعذار، وهذه الأصول الثلاثة من اثار العلم.
واما أصل العدم والبراءة، فان قلنا إنه من اثار الجهل فمرجعه إلى ثبوت العذر وعدم تنجز الحكم كما هو ظاهر، وان قلنا إنه من اثار العلم بالعدم الأزلي كما هو التحقيق حيث إن ترجيح العدم على الوجود والبناء عليه في مشكوك الحدوث والوجود على العدم في مشكوك البقاء ليس الا من قبل العلم فكذلك أيضا، لان تأثير العلم إنما هو في التنجيز أو الاعذار، وهكذا الامر في الامارات فإنها منزلة منزلة الدليل العلمي فمؤداها العلم التنزيلي الموجب لتنجيز الحكم أو الاعذار عنه.
وإذا اتضح لك ما بيناه فقد اتضح لك أمور:
الأول: ان مؤدى الأصول والامارات المعبر عنه بالحكم الظاهري ليس من سنخ الحكم التكليفي وان اشترك معه في التعبير عنه بالوجوب والحرمة والإباحة فلا مجال لما يتوهم من أنه مع مطابقته مع الحكم الواقعي يلزم اجتماع المثلين ومع مخالفته معه يلزم اجتماع الضدين، ضرورة ان اجتماع المثلين أو الضدين إنما يلزم إذا كانا من سنخ واحد،.
واما إذا كان الحكم الظاهري عبارة عن تنجز الحكم التكليفي أو العذر عنه - كما أوضحناه - فهو من لواحق الحكم التكليفي وتوابعه المتفرعة عليه، فمرجعهما إلى قضيتين مختلفتين موضوعا ومحمولا، فان موضوع الحكم الواقعي هو فعل المكلف ومحموله الحكم التكليفي المولوي، وموضوع الحكم الظاهري هو نفس الحكم الواقعي ومحموله تنجزه على المكلف أو العذر عنه.