والثاني: ان موافقة الماتى به مع الأصل أو الامارة لا تقتضي الاجزاء عن المأمور به بالامر الواقعي إذا انكشف خلافه، لان موافقة الحكم الظاهري إنما يقتضى العذر مع المخالفة لا الاجزاء والثالث: انه إذا علم بنجاسة أحد الإنائين مثلا اجمالا ولاقى أحدهما شئ اخر فالملاقي (بالكسر) في حكم الملاقى (بالفتح) فهو محكوم بالنجاسة ووجوب الاجتناب عنه في الظاهر، سواء قلنا بان نجاسة الملاقى بالسراية أو انها نجاسة حكمية تعبدية، لما عرفت من أن مقتضى تنجز الحكم بالعلم الاجمالي وجوب الاحتياط والاجتناب عن الأطراف المشتبهة، وعدم جريان الأصل في الأطراف، من دون فرق بين أن يكون الطرف طرفا ابتداءا أم تبعا.
وما ذهب إليه شيخنا العلامة الأنصاري (قدس سره) من جريان الأصل في الأطراف وتساقط الأصلين في الملاقى وصاحبه، من جهة وقوع كل منهما في عرض الاخر فيتعارض الأصلان الجاريان فيهما ويتساقطان، واما الملاقي (بالكسر) فهو في طول الملاقي (بالفتح) فيبقى الأصل فيه سليما عن المعارض فهو محكوم بالطهارة في غير محله من وجوه:
الأول: انه مع تنجز الحكم بالعلم الاجمالي كما هو المفروض يجب الاحتياط، ولا سبيل للأصل الموجب للعذر لافى الطرف الابتدائي ولا التبعي، كما أوضحناه لك.
والثاني: ان أصل العدم أصل واحد لان موضوعه هو الكلى الواحد ولا يتعدد بتعدد المجرى حتى يتطرق فيه التعارض، أترى ان أصل البراءة يرجع إلى أصول غير متناهية باعتبار عدم تناهى مجارية؟ كلا ثم كلا.
والثالث: ان الأصل وظيفة صرفة وهي عبارة عن نفس الحكم الظاهري من البراءة أو الاحتياط أو التخيير أو البناء على الحالة السابقة، وهي من قبيل المسببات لا يجتمع اثنان منها في محل واحد حتى يقع التعارض بينهما، وإنما يقع التعارض بين سببين