واتهاب المتهب إنما هو اخذ الحبل الملقى إليه لا فعل في عرض فعل الواهب فلا تأثير له في الفعل وإنما له التأثير في الانفعال من جهة ان دخول العين في ملكه إنما يكون باختياره ومطاوعته فرجوع الواهب عن هبته حينئذ إنما يكون رجوعا عن عمل نفسه وليس فيه حل وإزالة العمل صاحبه.
ولذا اتفق الأصحاب (قدس سره) على أن رجوع الواهب عن هبته حكم لاحق قابل للاسقاط بخلاف الخيار الثابت في عقود المعاوضات فإنهم اتفقوا على أنه حق قابل للاسقاط لرجوعه إلى سلطنة ذي الخيار على حل عمل صاحبه وازالته فهي سلطنة جديد ثابته اما بجعل الشرع أو باشتراط المتعاقدين في متن العقد.
فان قلت: مجرد كون الهبة فعل الواهب وعلمه لا يقتضى جواز رجوعه عنها لخروج العين الموهوبة عن ملك الواهب ودخولها في ملك المتهب فلا ينفذ تقلب الواهب فيها لعدم سلطنته على المتهب وماله.
قلت: سلطنته على الرجوع عنها لا تكون من شؤون ملك العين حتى يقال إنه لا موضوع لها بعد الهبة الخروج العين الموهوبة عن ملكه بل من شؤون سلطنته على عمله وهو التمليك إذ كما له احداثه وايجاده، فكذلك له ابقائه وازالته ما لم يصادف مانعا، وهذه السلطنة أي سلطنته العمل على عمله باقية حتى في العقود اللازمة.
ومن هنا تنفذ الإقالة من المتبايعين ولو زالت سلطنتهما على عملهما بلزوم العقد لزم اما بطلان الإقالة أو رجوعها إلى عقد الحل لا حل العقد كما نسب إلى أبي حنيفة واللازم بكلا شقيه باطل بالضرورة هذا كله بالنسبة إلى الواهب.
واما المتهب فلا يستقل في الرجوع عنها بمعنى القاء حبل الموهوبة إلى الواهب وادخاله في ملكه لعدم سلطنته على الواهب حتى يدخلها في ملكه قهرا فلا تدخل في ملكه الا بايجاب جديد منه وقبول الواهب إياه وهذا معنى لزوم الهبة بالنسبة إليه.
واما الرهن فهو كالهبة مركب من ايجاب وقبول محض لأنه عبارة عن اعطاء ولاية للمرتهن في استيفاء حقه من العين المرهونة فايجابه من الراهن ولا دخل