وخبر سعد ابن سعد عن الرضا عليه السلام قال " سئلته عن رجل مسافر حضره الموت فدفع مالا إلى رجل من التجار فقال له ان هذا المال لفلان ابن فلان ليس لي فيه قليل ولا كثير فادفعه إليه يصرفه حيث شاء فمات ولم يأمر فيه صاحبه الذي جعله له بأمر ولا يدرى صاحبه ما الذي حمله على ذلك كيف يصنع حينئذ؟ قال يضعه حيث شاء ".
أقول بعون الله تعالى ومشيته: ان الذي يستفاد من مجموع الروايات الشريفة انه ان ثبت الدين باقراره اما بواسطة كون المقر مرضيا مأمونا مصدقا كما تدل عليه الروايات الستة المتقدمة فان الملي في رواية الحلبي راجع إلى كونه مصدقا مأمونا، بناء على ما في الصحاح من أنه ملا الرجل صار مليا أي ثقة، أو على أن الملائة كناية عن رفع التهمة، واما بواسطة قرائن خارجية كما تدل عليه المكاتبة المذكورة حيث علق فيها النفوذ من الأصل على كون الدين صحيحا معروفا مفهوما، وهو باطلاقه شامل لصحته من الخارج وان لم يثبت به لاتهام المقر وعدم ثبوته من الخارج نفذ من الثلث.
توضيح الامر غاية الايضاح ان الاقرار فيه جنبتان جنبة الموضوعية وجنبة الكشف، ونفوذه إنما هو من جهة جنبة الموضوعية - كما ينبئ عنه قضية اقرار العقلاء على أنفسهم جائز، ومن ملك شيئا ملك الاقرار به (فان نفوذ اقرار العاقل على نفسه واقرار المالك فيما يتعلق بمحل سلطنته وملكه لا يتوقف على احراز صدق اقراره فيما أقر به.
واما جهة كشفه فهي ناقصة فلا يكون مثبتا لما أقر به الا بضميمة كونه موثوقا به مصدقا أو بضميمة قرائن خارجية، فإذا ثبت المقر به من طرف كون المقر مصدقا أو من الخارج نفذ من أصل التركة لان الدين مقدم على الإرث ومع ثبوته لا مجال لمزاحمة الورثة، وإذا لم يثبت به لاتهام المقر وعدم ثبوت المقر به من الخارج لم يبق الا جنبة الموضوعية، وهي لا تقتضي نفوذه الا من الثلث لأنه في