فتبين مما بيناه ان عدم نفوذ اقرار المريض بالدين في مرض موته مع التهمة الا في الثلث ما له دليل قاطع على عدم نفوذ تبرعاته المنجزة الا في ثلث ماله من دون احتمال تفصيل.
واغرب منه ما توهمه بعض من أن المتجه مع التهمة اخراج ثلث ما أقر به من الدين من ثلثه والامضاء في ثلث العين المقر بهما من دون غرامة قيمة الباقي من ثلثه، لان الدين بعد الموت يتعلق بمجموع التركة، ولذا لو أقر الوارث نفذ في حصته بالنسبة، ولان تعلق حق الورثة يمنع من نفوذ الاقرار في الزائد على الثلث فلا تقصير منه يوجب الضمان للمالك، كما أنه لا مقتضى لغرامته للوارث من ثلثه لو اخذها المقر له بالاقرار ". انتهى.
وفيه انه مع التهمة لا يثبت الدين حتى يتعلق بمجموع التركة ويوزع على الجميع وإنما يغرم المريض ما أقر به من قبل اقراره به فان العاقل مأخوذ باقراره وليس له حينئذ الا ثلث ماله فيخرج ما أقر به من ثلث ماله كفى أو لم يكف، ومقايسة ما نحن فيه باقرار الوارث بدين مورثه في غاية البشاعة، لان اقرار الوارث بدين مورثه اقرار على نفسه وعلى غيره فلا ينفذ تمام ما أقر به على نفسه، بل يوزع عليهما فينفذ في حقه بالنسبة إلى سهمه ولا ينفذ بالنسبة إلى سائر الورثة لعدم نفوذ الاقرار على غيره، بخلاف المقام فإنه اقرار على نفسه فيجب عليه دفع تمام ما أقر به للمقر له وليس له حينئذ الا ثلث ماله فيخرج تمام أقربه من ثلثه ولا يتطرق فيه التوزيع.
إذا اتضح لك ما بيناه فقد تلخص لك أمور:
الأول: ان المدار في نفوذ الاقرار من الأصل وعدم نفوذه الا في الثلث على ثبوت المقر به باقراره وعدم ثبوته به، والتفصيل في النفوذ من الأصل وعدمه باختلاف حال المقر في كونه مأمونا ومتهما إنما هو بهذا الاعتبار لا بذاته فلا واسطة بينهما لعدم تصور الثالث حينئذ، فما يظهر من الجواهر من ثبوت الواسطة بينهما و نفوذ الاقرار من الأصل حينئذ في غير محله.