بيته صرعى، ألتفت إلى الخيمة ونادى: يا سكينة! يا فاطمة! يا زينب! يا أم كلثوم!
عليكن مني السلام، فنادته سكينة: يا أبة أستسلمت للموت؟ فقال: كيف لا يستسلم من لا ناصر له ولا معين؟
فقالت: يا أبة ردنا إلى حرم جدنا فقال: هيهات لو ترك القطا لنام، فتصارخن النساء فسكتهن الحسين، وحمل على القوم (1).
[318] - 12 - وقال القندوزي:
يقول الحسين (رضي الله عنه): اللهم إنك شاهد على هؤلاء القوم الملاعين إنهم قد عمدوا أن لا يبقون من ذرية رسولك (صلى الله عليه وآله)، ويبكي بكاءا شديدا وينشد ويقول:
يا رب لا تتركني وحيدا * قد أظهروا الفسوق والجحودا وصيرونا بينهم عبيدا * يرضون في فعالهم يزيدا أما أخي فقد مضى شهيدا * مجدلا في فدفد فريدا وأنت بالمرصاد يا مجيدا ثم نادى: يا أم كلثوم ويا سكينة ويا رقية ويا عاتكة ويا زينب يا أهل بيتي عليكن مني السلام، فلما سمعن رفعن أصواتهن بالبكاء فضم بنتها (2) سكينة إلى صدره وقبل ما بين عينيها ومسح دموعها وكان يحبها حبا شديدا ثم جعل يسكتها ويقول:
سيطول بعدي يا سكينة فاعلمي * منك البكاء إذ الحمام دهاني لا تحرقي قلبي بدمعك حسرة * ما دام مني الروح في جثماني