ثبت ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ولا تنكح البكر حتى تستأذن - وهو قول عام وكل من عقد على خلاف ما شرع رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو باطل لأنه الحجة على الخلق وليس لاحد ان يستثنى من السنة الأسنة مثلها فلما ثبت ان أبا بكر الصديق زوج عائشة من النبي صلى الله عليه وسلم وهي صغيرة لا امر لها في نفسها كان ذلك مستثنى منه انتهى كلامه وقوله عليه السلام في حديث ابن عباس والبكر يستأذنها أبوها - صريح في أن الأب لا يجبر البكر البالغ ويدل عليه أيضا حديث جرير عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس وسيذكرهما البيهقي بعد فترك الشافعي منطوق هذه الأدلة واستدل بمفهوم حديث الثيب أحق بنفسها - وقال هذا يدل على أن البكر بخلافها وقال ابن رشد العموم أولى من المفهوم بلا خلاف لا سيما وفي حديث مسلم البكر يستأمرها أبوها - وهو نص في موضع الحلاف وقال ابن حزم ما نعلم لمن أجاز على البكر البالغة انكاح أبيها لها بغير أمرها متعلقا أصلا وذهب ابن جرير أيضا إلى أن البكر البالغة لا تجبر وأجاب عن حديث الأيم أحق بنفسها بان الأيم من لا زوج له رجلا أو امرأة بكرا أو ثيبا لقوله تعالى وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين - وكرر ذكر البكر بقوله والبكر تستأذن واذنها صماتها - للفرق بين الاذنين اذن الثيب واذن البكر ومن أول الأيم بالثيب أخطأ في تأويله وخالف سلف الأمة وخلفها في اجازتهم لوالد الصغيرة تزويجها بكرا كانت أو ثيبا من غير خلاف، وفي التمهيد ملخصا قال أبو حنيفة وأصحابه والثوري والأوزاعي والحسن بن حي وأبو تور وأبو عبيد لا يجوز للأب ان يزوج بنته البالغة بكرا أو ثيبا الا باذنها والأيم التي لا بعل لها بكرا أو ثيبا فحديث الأيم أحق بنفسها وحديث لا تنكح البكر حتى تستأذن على عمومهما وخص منهما الصغيرة لقصة عائشة، ثم ذكر البيهقي حديث ابن عباس (والبكر يستأمرها أبوها) من طريق ابن عيينة ثم عزاه إلى مسلم ثم قال (قال الشافعي زاد ابن عيينة والبكر يزوجها أبوها فهذا يبين ان الامر إلى الأب في البكر والمؤامرة قد تكون على استطابة النفس لأنه يروى انه عليه السلام قال وأمروا النساء في بناتهن) - قلت - قوله يزوجها أبوها لم أجده في شئ من الكتب المتداولة
(١١٥)