ويكون الراهن راهنا بما فيه ولا يرجع المرتهن على الراهن بالمائة الفاضلة لان قول العدل مقبول في براءة نفسه غير مقبول في اسقاط الضمان عن بعض ما تعلق به ولا في الرجوع على الراهن وذكر في الأصل إذا كان المرتهن مسلطا على البيع فأقام بينة انه باعه بتسعة وأقام الراهن بينه انه مات في يد المرتهن أخذ بينة المرتهن وقال أبو يوسف يؤخذ بينه الراهن (وجه) قوله إن بينة الراهن تثبت زيادة ضمان بنفيها بينة المرتهن فكانت المثبتة أولى (وجه) رواية الأصل ان بينة المرتهن تثبت أمرا لم يكن وهو تحول الضمان من العين إلى الثمن وبينة الراهن تقرر ضمانا كان ثابتا قبل الموت فكانت المثبتة أولى والله تعالى أعلم كتاب المزارعة الكلام في هذا الكتاب في مواضع في معنى المزارعة لغة وشرعا وفي بيان شرعيتها وفي بيان ركن المزارعة وفي بيان الشرائط المصححة للركن على قول من يجيز المزارعة والشرائط المفسدة لها وفي بيان حكم المزارعة الصحيحة وفي بيان حكم المزارعة الفاسدة وفي بيان المعاني التي هي عذر في فسخ المزارعة وفي بيان الذي ينفسخ به عقد المزارعة بعد وجودها وفي بيان حكم المزارعة المنفسخة (اما) الأول فالمزارعة في اللغة مفاعلة من الزرع وهو الانبات والانبات المضاف إلى العبد مباشرة فعل أجرى الله سبحانه وتعالى العادة بحصول النبات عقيبه لا بتخليقه وايجاده وفى عرف الشرع عبارة عن العقد على المزارعة ببعض الخارج بشرائطه الموضوعة له شرعا فان قيل المزارعة من باب المفاعلة فيقتضى وجود الفعل من اثنين كالمقابلة والمضاربة ونحوهما وفعل الزرع يوجد من العامل دون غيره بدليل انه يسمى هو مزارعا دون رب الأرض والبذر وخمن لاعمل من جهته فكيف يسمى هذا العقد مزارعة فالجواب عنه من وجهين أحدهما ان المفاعلة جاز أن تستعمل فيما لا يوجد الفعل الامن واحد كالمداواة والمعالجة وإن كان الفعل لا يوجد الامن الطبيب والمعالج وقال الله تعالى عز شأنه قاتلهم الله أنى يؤفكون ولا أحد يقصد مقاتلة الله عز شأنه فكذلك المزارعة جاز أن تكون كذلك والثاني إن كان أصل الباب ما ذكر فقد وجد الفعل هنا من اثنين لامن المزارعة مفاعلة من الزرع والزرع هو الانبات لغة وشرعا والانبات المتصور من العبد هو التسبيب لحصول النبات وفعل التسبيب يوجد من كل واحد منهما الا ان التسبيب من أحدهما بالعمل ومن الآخر بالتمكين من العمل باعطاء الآلات والأسباب التي لا يحصل العمل بدونها عادة فكان كل واحد منهما مزارعا حقيقة لو جود فعل الزرع منه بطريق التسبيب الا انه اختص العامل بهذا الاسم في العرف ومثل هذا جائز كاسم الدابة ونحوه على ما عرف في أصول الفقه (فصل) وأما شرعية المزارعة فقد اختلف فيها قال أبو حنيفة عليه الرحمة انها غير مشروعة وبه أخذ الشافعي رحمه الله وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله انها مشروعة (وجه) قولهما ما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دفع نخل خيبر معاملة وأرضها مزارعة وأدنى درجات فعله عليه الصلاة والسلام الجواز وكذا هي شريعة متوارثة لتعامل السلف والخلف ذلك من غير إنكار (وجه) قول أبي حنيفة ان عقد المزارعة استئجار ببعض الخارج وانه منهى بالنص والمعقول (اما) النص فما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لرافع بن خديج في حائط لا تستأجره بشئ منه وروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه نهى عن قفيز الطحان والاستئجار ببعض الخارج في معناه والمنهى غير مشروع (واما) المعقول فهو ان الاستئجار ببعض الخارج من النصف والثلث والربع ونحوه استئجار ببدل مجهول وانه لا يجوز كما في الإجارة وبه تبين ان حديث خيبر محمول على الجزية دون المزارعة صيانة لدلائل الشرع عن التناقض والدليل على أنه لا يمكن حمله على المزارعة انه عليه الصلاة والسلام قال فيه أقركم ما أقركم الله وهذا منه عليه الصلاة والسلام بجهيل المدة وجهالة المدة تمنع صحة المزارعة بلا خلاف بقي ترك الانكار على التعامل وذا يحتمل أن يكون للجواز ويحتمل أن يكون لكونه محل الاجتهاد فلا يدل على الجواز مع الاحتمال
(١٧٥)