بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٣ - الصفحة ١٧٠
قوله تعالى لا يستوى أصحاب النار وأصحاب الجنة انه لما لم يمكن العمل بعمومه لثبوت المساواة بين المسلم والكافر في أشياء كثيرة حمل على الخصوص وهو نفى المساواة بينهما في العمل في الدنيا أو في الجزاء في الآخرة كذا هذا فان نوى مع ذلك اللباس أو امرأته فالتحريم واقع على جميع ذلك وأي شئ من ذلك فعل وحده لزمته الكفارة لان اللفظ صالح لتناول كل المباحات وإنما حملناه على الطعام والشراب بدليل العرف فإذا نوى شيئا زائد على المتعارف نوى بما يحتمله لفظه وفيه تشديد على نفسه فيقبل قوله فإذا نوى شيئا بعينه دون غيره بان نوى الطعام خاصة أو الشراب خاصة أو اللباس خاصة أو امرأته خاصة فهو على ما نوى فيما بينه وبين الله تعالى وفي القضاء لما ذكرنا ان هذا اللفظ متروك العمل بظاهر عمومه ومثله يحمل على الخصوص فإذا قال أردت واحدا بعينه دون غيره فقد ترك ظاهر لفظ هو متروك الظاهر فلم يوجد منه العدول فيصدق وان قال كل حل على حرام ونوى امرأته كان عليها وعلى الطعام والشراب لان الطعام والشراب دخلا تحت ظاهر هذا اللفظ ولم ينفهما بنيته فبقيا داخلين تحت اللفظ بخلاف الفصل الأول لأنه هناك نوى امرأته خاصة ونفى الطعام والشراب بنيته فلم يدخلا وههنا لم ينف الطعام والشراب بنيته وقد دخلا تحت اللفظ فبقيا كذلك ما لم ينفيا بالنية وان نوى في امرأته الطلاق لزمه الطعام فيها فان أكل أو شرب لم تلزمه الكفارة لان اللفظ الواحد لا يجوز حمله على الطلاق واليمين لاختلاف معنييهما واللفظ الواحد لا يشتمل على معنيين مختلفين فإذا أراد به في الزوجة الطلاق الذي هو أشد الامرين وأغلظهما لا يبقى الآخر مرادا وكذا روى عن أبي يوسف ومحمد في رجل قال لامرأتين له أنتما على حرام يعنى في إحداهما الطلاق وفي الأخرى الايلاء فهما طالقان جميعا لما ذكرنا ان اللفظ الواحد لا يحتمل معنيين مختلفين فإذا أرادهما بلفظ واحد يحمل على أغلظهما ويقع الطلاق عليهما ولو قال هذه على حرام ينوى الطلاق وهذه على حرام ينوى الايلاء كان كما نوى لأنهما لفظان فيجوز ان يراد بأحدهما خلاف ما يراد بالآخر وعن أبي يوسف فيمن قال لامرأتيه أنتما على حرام ينوى في إحداهما ثلاثا وفي الأخرى واحدة انهما جميعا طالقان ثلاثا لان حكم الواحدة البائنة خلاف حكم الثلاث لان الثلاث يوجب الحرمة الغليظة واللفظ الواحد لا يتناول معنيين مختلفين في حالة واحدة فإذا نواهما يحمل على أغلظهما وأشدهما وقال ابن سماعة في نوادره سمعت أبا يوسف يقول في رجل قال ما أحل الله على حرام من مال وأهل ونوى الطلاق في أهله قال ولا نية له في الطعام فان أكل لم يحنث لما قلنا قال وكذلك لو قال هذا الطعام على حرام وهذه ينوى الطلاق لان اللفظة واحدة وقد تناولت الطلاق فلا تتناول تحريم الطعام وقالوا فيمن قال لامرأته أنت على كالدم أو الميتة أو لحم الخنزير أو كالخمر انه يسئل عن نيته فان نوى كذبا فهو كذب لان هذا اللفظ ليس صريحا في التحريم ليجعل يمينا فيصدق انه أراد به الكذب بخلاف قوله أنت على حرام فإنه صريح في التحريم فكان يمينا وان نوى التحريم فهو ايلاء لأنه شبهها بما هو محرم فكأنه قال أنت حرام وان نوى الطلاق فالقول فيه كالقول فيمن قال لامرأته أنت على حرام ينوي الطلاق وروى ابن سماعة عن محمد فيمن قال لامرأته ان فعلت كذا فأنت أمي يريد التحريم قال هو باطل لأنه لم يجعلها مثل أمه ليكون تحرما وإنما جعلها أمه فيكون كذبا قال محمد ولو ثبت التحريم بهذا الثبت إذا قال أنت حواء وهذا لا يصح وقال ابن سماعة عن محمد فيمن قال لامرأته أنت معي حرام فهو مثل قوله أنت على حرام لأن هذه الحروف يقام بعضها مقام بعض والله تعالى أعلم (فصل) وأما شرائط ركن الايلاء فنوعان نوع هو شرط صحته في حق حكم الحنث ونوع هو شرط صحته في حق حكم البر وهو الطلاق أما الأول فموضع بيانه كتاب الايمان لان الايلاء يساوي سائر الايمان في حق أحد الحكمين وهو حكم الحنث وإنما يخالفها في حق الحكم الآخر وهو حكم البر لأنه لا حكم لسائر الايمان عند تحقق البر فيها وللايلاء عند تحقق البر حكم وهو وقوع الطلاق إذ هو تعليق الطلاق البائن شرعا بشرط البر كأنه قال إذا مضت أربعة أشهر ولم أقربك فيها فأنت طالق بائن فنذكر الشرائط المختصة به في حق هذا الحكم وهو الطلاق فنقول لركن
(١٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الايمان والكلام فيه مطلب في بيان أنواع الايمان 2
2 فصل وأما ركن اليمين فهو الخ 5
3 فصل وأما شرائط ركن اليمين فأنواع 10
4 فصل وأما حكم اليمين فيختلف باختلافه 15
5 فصل في بيان أن اليمين على نية الحالف أو المستحلف 20
6 فصل وأما اليمين بغير الله فهي نوعان 21
7 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 26
8 فصل وأما حكم اليمين المعلق الخ 30
9 فصل وأما الحلف على الدخول الخ 36
10 فصل واما الحلف على الخروج فهو الخ 42
11 فصل وأما الحلف على الكلام فهو الخ 47
12 فصل وأما الحلف على الاظهار والاعلان الخ 53
13 فصل وأما الحلف على الأكل والشرب الخ 56
14 فصل واما الحلف على اللبس والكسوة الخ 69
15 فصل واما الحلف على الركوب فهو الخ 71
16 فصل واما الحلف على الجلوس فهو الخ 71
17 فصل وأما الحلف على السكنى والمساكنة فهو الخ 72
18 فصل وأما الحلف على المعرفة فهو الخ 75
19 فصل واما الحلف على أخذ الحق وقبضه الخ. 75
20 فصل وأما الحالف على الهدم فهو الخ 76
21 فصل وأما الحلف على الضرب والقتل فهو الخ 76
22 فصل وأما الحلف على المفارقة والوزن فهو الخ 78
23 فصل وأما الحلف على ما يضاف إلى غير الحالف 78
24 فصل وأما الحالف على ما يخرج من الحالف أو لا يخرج الخ 80
25 فصل وأما الحلف على أمور شرعية الخ 81
26 فصل واما الحلف على أمور متفرقة الخ 87
27 كتاب الطلاق والكلام عليه مطلب في أن صفة الطلاق نوعان سنة وبدعة 88
28 فصل وأما بيان الالفاظ التي يقع بها طلاق السنة فهو نوعين نص ودلالة أما النص الخ 91
29 مطلب وأما الدلالة فنحو أن يقول الخ 92
30 فصل وأما طلاق البدعة فالكلام فيه في ثلاثة مواضع 93
31 فصل وأما حكم الالفاظ التي يقع بها طلاق البدعة 96
32 فصل وأما طلاق البدعة فهو الخ 96
33 فصل وأما قدر الطلاق وعدده فنقول الخ 97
34 فصل وأما بيان ركن الطلاق الخ 98
35 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 99
36 فصل في النية في أحد نوعي الطلاق 101
37 فصل وأما الكناية فنوعان النوع الأول منه الخ 105
38 فصل وأما النوع الثاني فهو الخ 109
39 فصل وأما بيان صفة الواقع بها الخ 109
40 فصل وأما الكناية فثلاثة ألفاظ رواجع بلا خلاف 111
41 فصل وأما قوله أمرك بيدك فالكلام فيه الخ 113
42 فصل واما قوله اختاري فالكلام فيه الخ 118
43 فصل وأما قوله أنت طالق إن شئت فهو الخ 121
44 فصل وأما قوله طلقي نفسك فهو عندنا تمليك الخ 122
45 فصل وأما الرسالة فهو أن يبعث الزوج طلاق امرأته الغائبة الخ 126
46 فصل وأما الذي يرجع إلى المرأة فمنها الملك الخ 126
47 فصل وأما حكم الخلع فنقول الخ 151
48 فصل وأما الطلاق على مال فهو في أحكامه كالخلع 152
49 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس الركن الخ 153
50 مطلب وأما أحد نوعي الاستثناء فهو الخ 155
51 مطلب في مسائل نوع من الاستثناء 157
52 فصل وأما الذي يرجع إلى الوقت فهو الخ 161
53 فصل وأما شرائط ركن الايلاء فنوعان 170
54 فصل وأما حكم الايلاء فنقول الخ 175
55 فصل وأما بيان ما يبطل به الايلاء فنوعان 178
56 فصل وأما بيان حكم الطلاق فيختلف الخ 180
57 فصل وأما شرائط جواز الرجعة فمنها الخ 183
58 فصل وأما الطلاق البائن فنوعان الخ 187
59 فصل ومنها أن يكون نكاح الثاني صحيحا 187
60 فصل وأما الذي هو من التوابع فنوعان 190
61 فصل وأما عدة الأشهر فنوعان 192
62 فصل وأما عدة الحمل فهي مدة الحمل 192
63 فصل في بيان مقادير العدة وما تنقضى به 193
64 فصل في بيان ما يعرف به انقضاء العدة 198
65 فصل في بيان انتقال العدة وتغيرها 200
66 فصل وأما تغير العدة فنحو الأمة الخ 201
67 فصل في أحكام العدة 204
68 كتاب الظهار والكلام عليه 229
69 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر 232
70 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر به. 233
71 فصل وللظهار أحكام 234
72 فصل في بيان ما ينتهى به حكم الظهار أو يبطل 235
73 فصل في بيان كفارة الظهار والكلام عليها 235
74 كتاب اللعان والكلام عليه 237
75 فصل في بيان صفة اللعان 238
76 فصل في بيان سبب وجود اللعان 239
77 فصل في شرائط وجوب اللعان وجوازه 240
78 فصل في بيان ما يظهر به سبب وجوب اللعان 243
79 فصل في بيان ما يسقط به للعان بعد وجوبه 243
80 فصل في بيان حكم اللعان 244
81 فصل في بيان ما يبطل به حكم اللعان 248