بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٣ - الصفحة ١١٨
نص عليه وبه تبين أنه ما ملكها نفسها وإنما ملكها التطليقة وخيرها بين الفعل والترك عرفنا ذلك بنص كلامه بخلاف ما إذا أطلق لأنه لما أطلق فقد ملكها نفسها ولا تملك نفسها الا بالبائن ولو قال أمرك بيدك ونوى الثلاث فطلقت نفسها ثلاثا كان ثلاثا لأنه جعل أمرها بيدها مطلقا فيحتمل الواحد ويحتمل الثلاث فإذا نوى الثلاث فقد نوى ما يحتمله مطلق الامر فصحت نيته وان نوى اثنتين فهي واحدة عند أصحابنا الثلاثة خلافا لزفر وقد ذكرنا المسألة فيما تقدم وكذا إذا قالت طلقت نفسي أو اخترت نفسي ولم تذكر الثلاث فهي ثلاث لأنه جواب تفويض الثلاث فيكون ثلاثا وكذا إذا قالت ابنت نفسي أو حرمت نفسي وغير ذلك من الألفاظ التي تصلح جوابا ولو قالت طلقت نفسي واحدة أو اخترت نفسي بتطليقة فهي واحدة بائنة لأنه لما نوى ثلاثا فقد فوض إليها الثلاث وهي أتت بالواحدة فيقع واحدة كما لو قال لها طلقي نفسك ثلاثا فطلقت نفسها واحدة فتكون بائنة لأنه ملكها نفسها ولا تملك نفسها الا بالبائن ولو قالت اخترت نفسي بواحدة فهو ثلاث فرقا بينه وبين قولها طلقت نفسي واحدة وجه الفرق أن معنى قولها بواحدة أي بمرة واحدة وهي عبارة عن توحد فعل الاختيار على وجه لا يحتاج بعده إلى اختيار آخر وانقطاع العلقة بينهما بالكلية بحيث لا يبقى بينهما أمر بعد ذلك وذلك أنما يكون بالثلاث بخلاف قولها طلقت نفسي واحدة لأنها جعلت التوحد هناك صفة المختار وهو الطلاق لا صفة فعل الاختيار فهو الفرق بين الفصلين والله أعلم (فصل) وأما قوله اختاري فالكلام فيه يقع فيما ذكرنا من المواضع في الامر باليد والجواب فيه كالجواب في الامر باليد في جميع ما وصفنا لان كل واحدة منهما تمليك الطلاق من المرأة وتخييرها بين أن تختار نفسها أو زوجها لا يختلفان الا في شيئين أحدهما أن الزوج إذا نوى الثلاث في قوله أمرك بيدك يصح وفي قوله اختاري لا يصح نية الثلاث والثاني ان في اختاري لابد من ذكر النفس في أحد الكلامين اما في تفويض الزوج واما في جواب المرأة بأن يقول لها اختاري نفسك وتقول اخترت أو يقول لها اختاري فتقول اخترت نفسي أو ذكر الطلاق في كلام الزوج أو في كلام المرأة بأن يقول لها اختاري فقول اخترت الطلاق أو ذكر ما يدل على الطلاق وهو تكرار التخيير من الزوج بأن يقول لها اختاري اختاري فتقول اخترت أو ذكر الاختيارة في كلام الزوج أو في كلام المرأة بأن يقول لها الزوج اختاري اختيارة فتقول المرأة اخترت اختيارة وإنما كان كذلك لان القياس في قوله اختاري أن لا يقع به شئ وان اختارت لأنه ليس من ألفاظ الطلاق لغة ألا ترى ان الزوج لا يملك ايقاع الطلاق بهذا اللفظ فان من قال لامرأته اخترت نفسي لا تطلق فإذا لم يملك ايقاع الطلاق بهذا اللفظ بنفسه فكيف يملك تفويضه إلى غيره الا أنه جعل من ألفاظ الطلاق شرعا بالكتاب والسنة والاجماع أما الكتاب فقوله تعالى يا أيها النبي قل لأزواجك ان كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا إلى قوله أجرا عظيما أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بتخيير نسائه بين اختيار الفراق والبقاء على النكاح والنبي صلى الله عليه وسلم خيرهن على ذلك ولو لم تقع الفرقة به لم يكن للامر بالتخيير معنى وروى عن عائشة رضي الله عنها انها قالت لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتخيير أزواجه بدأ بي فقال يا عائشة انى ذاكر لك أمرا فلا عليك أن تعجلي حتى تستأمري أبويك قالت وقد علم الله تعالى ان أبوى لم يكونا ليأمراني بفراقه قالت فقرأ يا أيها النبي قل لأزواجك ان كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا إلى قوله أجرا عظيما فقلت أفي هذا أستأمر أبوى فانى أريد الله ورسوله والدار الآخرة وفي بعض الروايات فقالت بل أختار الله ورسوله والدار الآخرة وفعل سائر أزواجه مثل ما فعلت فدل انه يوجب اختيار التفريق والبقاء على النكاح وأما الاجماع فإنه روى عن جماعة من الصحابة مثل عمر وعثمان وعلي وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمر وجابر وعائشة رضي الله عنهم ان المخيرة إذا اختارت نفسها في مجلسها وقع الطلاق وكذا شبهوا أيضا هذا الخيار بالخيارات الطارئة على النكاح وهو خيار المعتقة وامرأة العنين وتقع الفرقة بذلك الخيار فكذا بهذا وكذا اختلفوا في كيفية الواقع على ما نذكر وذلك دليل أصل الوقوع إذ الكيفية من باب الصفة والصفة تستدعى
(١١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الايمان والكلام فيه مطلب في بيان أنواع الايمان 2
2 فصل وأما ركن اليمين فهو الخ 5
3 فصل وأما شرائط ركن اليمين فأنواع 10
4 فصل وأما حكم اليمين فيختلف باختلافه 15
5 فصل في بيان أن اليمين على نية الحالف أو المستحلف 20
6 فصل وأما اليمين بغير الله فهي نوعان 21
7 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 26
8 فصل وأما حكم اليمين المعلق الخ 30
9 فصل وأما الحلف على الدخول الخ 36
10 فصل واما الحلف على الخروج فهو الخ 42
11 فصل وأما الحلف على الكلام فهو الخ 47
12 فصل وأما الحلف على الاظهار والاعلان الخ 53
13 فصل وأما الحلف على الأكل والشرب الخ 56
14 فصل واما الحلف على اللبس والكسوة الخ 69
15 فصل واما الحلف على الركوب فهو الخ 71
16 فصل واما الحلف على الجلوس فهو الخ 71
17 فصل وأما الحلف على السكنى والمساكنة فهو الخ 72
18 فصل وأما الحلف على المعرفة فهو الخ 75
19 فصل واما الحلف على أخذ الحق وقبضه الخ. 75
20 فصل وأما الحالف على الهدم فهو الخ 76
21 فصل وأما الحلف على الضرب والقتل فهو الخ 76
22 فصل وأما الحلف على المفارقة والوزن فهو الخ 78
23 فصل وأما الحلف على ما يضاف إلى غير الحالف 78
24 فصل وأما الحالف على ما يخرج من الحالف أو لا يخرج الخ 80
25 فصل وأما الحلف على أمور شرعية الخ 81
26 فصل واما الحلف على أمور متفرقة الخ 87
27 كتاب الطلاق والكلام عليه مطلب في أن صفة الطلاق نوعان سنة وبدعة 88
28 فصل وأما بيان الالفاظ التي يقع بها طلاق السنة فهو نوعين نص ودلالة أما النص الخ 91
29 مطلب وأما الدلالة فنحو أن يقول الخ 92
30 فصل وأما طلاق البدعة فالكلام فيه في ثلاثة مواضع 93
31 فصل وأما حكم الالفاظ التي يقع بها طلاق البدعة 96
32 فصل وأما طلاق البدعة فهو الخ 96
33 فصل وأما قدر الطلاق وعدده فنقول الخ 97
34 فصل وأما بيان ركن الطلاق الخ 98
35 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 99
36 فصل في النية في أحد نوعي الطلاق 101
37 فصل وأما الكناية فنوعان النوع الأول منه الخ 105
38 فصل وأما النوع الثاني فهو الخ 109
39 فصل وأما بيان صفة الواقع بها الخ 109
40 فصل وأما الكناية فثلاثة ألفاظ رواجع بلا خلاف 111
41 فصل وأما قوله أمرك بيدك فالكلام فيه الخ 113
42 فصل واما قوله اختاري فالكلام فيه الخ 118
43 فصل وأما قوله أنت طالق إن شئت فهو الخ 121
44 فصل وأما قوله طلقي نفسك فهو عندنا تمليك الخ 122
45 فصل وأما الرسالة فهو أن يبعث الزوج طلاق امرأته الغائبة الخ 126
46 فصل وأما الذي يرجع إلى المرأة فمنها الملك الخ 126
47 فصل وأما حكم الخلع فنقول الخ 151
48 فصل وأما الطلاق على مال فهو في أحكامه كالخلع 152
49 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس الركن الخ 153
50 مطلب وأما أحد نوعي الاستثناء فهو الخ 155
51 مطلب في مسائل نوع من الاستثناء 157
52 فصل وأما الذي يرجع إلى الوقت فهو الخ 161
53 فصل وأما شرائط ركن الايلاء فنوعان 170
54 فصل وأما حكم الايلاء فنقول الخ 175
55 فصل وأما بيان ما يبطل به الايلاء فنوعان 178
56 فصل وأما بيان حكم الطلاق فيختلف الخ 180
57 فصل وأما شرائط جواز الرجعة فمنها الخ 183
58 فصل وأما الطلاق البائن فنوعان الخ 187
59 فصل ومنها أن يكون نكاح الثاني صحيحا 187
60 فصل وأما الذي هو من التوابع فنوعان 190
61 فصل وأما عدة الأشهر فنوعان 192
62 فصل وأما عدة الحمل فهي مدة الحمل 192
63 فصل في بيان مقادير العدة وما تنقضى به 193
64 فصل في بيان ما يعرف به انقضاء العدة 198
65 فصل في بيان انتقال العدة وتغيرها 200
66 فصل وأما تغير العدة فنحو الأمة الخ 201
67 فصل في أحكام العدة 204
68 كتاب الظهار والكلام عليه 229
69 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر 232
70 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر به. 233
71 فصل وللظهار أحكام 234
72 فصل في بيان ما ينتهى به حكم الظهار أو يبطل 235
73 فصل في بيان كفارة الظهار والكلام عليها 235
74 كتاب اللعان والكلام عليه 237
75 فصل في بيان صفة اللعان 238
76 فصل في بيان سبب وجود اللعان 239
77 فصل في شرائط وجوب اللعان وجوازه 240
78 فصل في بيان ما يظهر به سبب وجوب اللعان 243
79 فصل في بيان ما يسقط به للعان بعد وجوبه 243
80 فصل في بيان حكم اللعان 244
81 فصل في بيان ما يبطل به حكم اللعان 248