الواجب على الأصل المعهود أن ايجاب الشئ ايجاب له ولما لا يتوصل إليه الا به كالأمر بإقامة الصلاة يكون أمرا بالطهارة ونحو ذلك والله أعلم (وأما) شرط وجوبها فالقدرة على أدائها لاستحالة وجوب الفعل بدون القدرة عليه فلا يجب على غير القادر وكذا العود أو الظهار أو كلاهما على حسب اختلاف المشايخ فيه على ما مر وأما شرط جوازها فلجواز هذه الكفارة من الأنواع الثلاثة أعني الاعتاق والصيام والاطعام شرائط نذكرها في كتاب الكفارات إن شاء الله تعالى والله عز وجل أعلم (كتاب اللعان) الكلام في اللعان يقع في مواضع في بيان صورة اللعان وكيفيته وفي بيان صفة اللعان وفي بيان سبب وجوبه وفي بيان شرائط الوجوب والجواز وفي بيان ما يظهر به سبب الوجوب عند القاضي وفي بيان معنى اللعان وماهيته شرعا وفي بيان حكم اللعان وفي بيان ما يسقط اللعان بعد وجوبه وفي بيان حكمه إذا سقط أو لم يجب أصلا مع وجود القذف (أما) صورة اللعان وكيفيته فالقذف لا يخلو اما أن يكون بالزنا أو بنفي الولد فإن كان بالزنا فينبغي للقاضي أن يقيمهما بين يديه متماثلين فيأمر الزوج أولا أن يقول أربع مرات أشهد بالله انى لمن الصادقين فيما رميتها به من الزنا ويقول في الخامسة لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين فيما رميتها به من الزنا ثم يأمر المرأة أن تقول أربع مرات أشهد بالله انه لمن الكاذبين فيما رماني به من الزنا وتقول في الخامسة غضب الله عليها إن كان من الصادقين فيما رماني به من الزنا هكذا ذكر في ظاهر الرواية وروى الحسن عن أبي حنيفة أنه يحتاج إلى لفظ المواجهة فيقول الزوج فيما رميتك به من الزنا وتقول المرأة فيما رميتني به من الزنا وهو قول زفر ووجه أن خطاب المعاينة فيه احتمال لأنه يحتملها ويحتمل غيرها ولا احتمال في خطاب المواجهة فالاتيان بلفظ لا احتمال فيه أولى والجواب أنه لما قال أشهد بالله انى لمن الصادقين فيما رميتها به من الزنا وأشار إليها فقد زال الاحتمال لتعيينها بالإشارة فكان لفظ المواجهة والمعاينة فيه سواء وإن كان اللعان بنفي الولد فقد ذكر الكرخي أن الزوج يقول في كل مرة فيما رميتك به من نفى ولدك وتقول المرأة فيما رميتني به من نفى ولدى وذكر الطحاوي ان الزوج يقول في كل مرة فيما رميتها به من الزنا في نفي ولدها وتقول المرأة فيما رماني به من الزنا في نفى ولده وروى هشام عن محمد أنه قال إذا لا عن الرجل بولد فقال في اللعان أشهد بالله انى لمن الصادقين فيما رميتها به من الزنا في نفى ولدها بأن هذا الولد ليس منى وتقول المرأة أشهد بالله انك لمن الكاذبين فيما رميتني به من الزنا بأن هذا الولد ليس منك وذكر ابن سماعة عن محمد في نوادره أنه قال إذا نفى الولد يشهد بالله الذي لا إله إلا هو انه لصادق فيما رماها به من الزنا ونفى هذا الولد قال القدوري وهذا ليس باختلاف رواية وإنما هو اختلاف حال القذف فإن كان القذف من الزوج بقوله هذا الولد ليس منى يكتفى في اللعان أن يقول فيما رميتك به من نفى الولد لأنه ما قذفها الا بنفي الولد وإن كان القذف بالزنا ونفى الولد لابد من ذكر الامرين لأنه قذفها بالامرين جميعا وإنما بدئ بالرجل لقوله سبحانه وتعالى والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء الا أنفسهم فشهادة أحدهم والفاء للتعقيب فيقتضى أن يكون لعان الزوج عقيب القذف فيقع لعان المرأة بعد لعانه وكذا روى أنه لما نزلت آية اللعان وأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يجرى اللعان على ذينك الزوجين بدأ بلعان الرجل وهو قدوة لان لعان الزوج وجب حقا لها لان الزوج ألحق بها العار بالقذف فهي بمطالبتها إياه باللعان تدفع العار عن نفسها ودفع العار عن نفسها حقها وصاحب الحق إذا طالب من عليه الحق بإيفاء حقه لا يجوز له التأخير كمن عليه الدين فان أخطأ الحاكم فبدأ بالمرأة ثم بالرجل ينبغي له ان يعيد اللعان على المرأة لان اللعان شهادة والمرأة بشهادتها تقدح في شهادة الزوج فلا يصح قبل وجود شهادته ولهذا في باب الدعاوى يبدأ بشهادة المدعى ثم بشهادة المدعى عليه بطريق الدفع له كذا ههنا فإن لم يعد لعانها حتى فرق بينهما نفذت الفرقة لان تفريقه صادف محل الاجتهاد لأنه يزعم أن اللعان ليس بشهادة بل هو يمين ويجوز تقديم
(٢٣٧)