بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٣ - الصفحة ١٥
أمور تشتبه فإن لم في معنى فلم يحمل على معظم معاني كلام الناس ولو قال إن أتيني فلم آتك أو ان زرتني فلم أزرك أو ان أكرمتني فلم أكرمك فهذا على الأبد وهو في هذا الوجه مثل فإن لم لان الزيارة لا تتعقب الزيارة عادة فكان المقصود هو الفعل فان قيل أتيتني فلم آتك فالامر في هذا مشتبه قد يكون بمعنى ان لم آتك قبل اتيانك وقد يكون بمعنى ان لم آتك بعد اتيانك فكان محتملا للامرين فيحمل على ما كان من الغالب من معاني كلام الناس عليه فإن لم يكن فهو على ما نوى أي ذلك نوى من قبل أو بعد حملا على ما نوى وان لم تكن له نية يلحق بالمشتبه الذي لا يعرف له معنى فاما الذي يعرف من معناه انه قبل أو بعد فهو على الذي يعرف في القضاء وفيما بينه وبين الله تعالى إذا لم يكن له نية فان نوى خلاف ما يعرف لم يدين في الحكم ودين فيما بينه وبين الله تعالى فالذي الظاهر منه قبل كقوله إن خرجت من باب الدار ولم أضربك والذي ظاهره بعد مثل قوله إن أعطيتني كذا ولم أكافئك بمثله والمحتمل كقوله إن كلمتك ولم تكلمني فهذا يحتمل قبل وبعد فأيهما فعل لم يكن للحالف فيه وإن كان نوى أحد الفعلين فهو على ما نوى وإن كان قبل ذلك فنطق بكون هذا جوابا له فهو على الجواب والله عز وجل الموفق (وأما) الذي يرجع إلى نفس الركن فخلوه عن الاستثناء نحو أن يقول إن شاء الله تعالى أو الا ان يشاء الله أو ما شاء الله أو الا أن يبدو لي غير هذا أو الا ان أرى غير هذا أو الا ان أحب غير هذا أو قال إن أعانني الله أو يسر الله أو قال بمعونة الله أو بتيسيره ونحو ذلك فان قال شيئا من ذلك موصولا لم تنعقد اليمين وإن كان مفصولا انعقدت وسيأتي الكلام في الاستثناء وشرائطه في كتاب الطلاق ولو قال الا ان أستطيع فان عنى استطاعة الفعل وهو المعنى الذي يقصد فلا يحنث أبدا لأنها مقارنة للفعل عندنا فلا توجد ما لم يوجد الفعل وان عنى به استطاعة الأسباب وهي سلامة الآلات والأسباب والجوارح والأعضاء فإن كانت له هذه الاستطاعة فلم يفعل حنث وإلا فلا وهذا لان لفظ الاستطاعة يحتمل كل واحد من المعنيين لأنه يستعمل فيهما قال الله تعالى ما كانوا يستطيعون وقال إنك لن تستطيع معي صبرا والمراد منه استطاعة الفعل وقال الله تعالى ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا وقال عز وجل فمن لم يستطع فاطعام ستين مسكينا والمراد منه استطاعة سلامة الأسباب والآلات فأي ذلك نوى صحت نيته وان لم يكن له نية يحمل على استطاعة الأسباب وهو ان لا يمنعه مانع من العوارض والاشتغال لأنه يراد بها ذلك في العرف والعادة فعند الاطلاق ينصرف إليه والله عز وجل أعلم (فصل) وأما حكم اليمين بالله تعالى فيختلف باختلاف اليمين أما يمين الغموس فحكمها وجوب الكفارة لكن بالتوبة والاستغفار لأنها جرأة عظيمة حتى قال الشيخ أبو منصور الماتريدي كان القياس عندي ان المتعمد بالحلف على الكذب يكفر لان اليمين بالله تعالى جعلت للتعظيم لله تعالى والحالف بالغموس مجترئ على الله عز وجل مستخف به ولهذا نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحلف بالآباء والطواغيت لان في ذلك تعظيما لهم وتبجيلا فالوزر له في الجرأة على الله أعظم وهذا لان التعمد بالحلف كاذبا على المعرفة بان الله عز وجل يسمع استشهاده بالله كاذبا مجترئ على الله سبحانه وتعالى ومستخف به وإن كان غيره يزعم أنه ذكر على طريق التعظيم وسبيل هذا سبيل أهل النفاق ان اظهارهم الايمان بالله سبحانه وتعالى استخفاف بالله تعالى لما كان اعتقادهم بخلاف ذلك وإن كان ذلك القول تعظيما في نفسه وصدقا في الحقيقة تلزمهم العقوبة لما فيه من الاستخفاف وكذا هذا ولكن نقول لا يكفر بهذا لان فعله ان خرج مخرج الجرأة على الله تعالى والاستخفاف به من حيث الظاهر لكن غرضه الوصول إلى مناه وشهوته لا القصد إلى ذلك وعلى هذا يخرج قول أبي حنيفة رحمه الله في سؤال السائل ان العاصي يطيع الشيطان ومن أطاع الشيطان فقد كفر كيف لا يكفر العاصي فقال لان فعله وان خرج مخرج الطاعة للشيطان لكن ما فعله قصد إلى طاعته وإنما يكفر بالقصد إذ الكفر عمل القلب لا بما يخرج فعله فعل معصية فكذلك الأول وأما الكفارة المعهودة وهي الكفارة بالمال فلا تجب عندنا وهي عند الشافعي تجب احتج بقوله تعالى لا يؤاخذكم الله باللغو في ايمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم نفي المؤاخذة باليمين اللغو في
(١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الايمان والكلام فيه مطلب في بيان أنواع الايمان 2
2 فصل وأما ركن اليمين فهو الخ 5
3 فصل وأما شرائط ركن اليمين فأنواع 10
4 فصل وأما حكم اليمين فيختلف باختلافه 15
5 فصل في بيان أن اليمين على نية الحالف أو المستحلف 20
6 فصل وأما اليمين بغير الله فهي نوعان 21
7 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 26
8 فصل وأما حكم اليمين المعلق الخ 30
9 فصل وأما الحلف على الدخول الخ 36
10 فصل واما الحلف على الخروج فهو الخ 42
11 فصل وأما الحلف على الكلام فهو الخ 47
12 فصل وأما الحلف على الاظهار والاعلان الخ 53
13 فصل وأما الحلف على الأكل والشرب الخ 56
14 فصل واما الحلف على اللبس والكسوة الخ 69
15 فصل واما الحلف على الركوب فهو الخ 71
16 فصل واما الحلف على الجلوس فهو الخ 71
17 فصل وأما الحلف على السكنى والمساكنة فهو الخ 72
18 فصل وأما الحلف على المعرفة فهو الخ 75
19 فصل واما الحلف على أخذ الحق وقبضه الخ. 75
20 فصل وأما الحالف على الهدم فهو الخ 76
21 فصل وأما الحلف على الضرب والقتل فهو الخ 76
22 فصل وأما الحلف على المفارقة والوزن فهو الخ 78
23 فصل وأما الحلف على ما يضاف إلى غير الحالف 78
24 فصل وأما الحالف على ما يخرج من الحالف أو لا يخرج الخ 80
25 فصل وأما الحلف على أمور شرعية الخ 81
26 فصل واما الحلف على أمور متفرقة الخ 87
27 كتاب الطلاق والكلام عليه مطلب في أن صفة الطلاق نوعان سنة وبدعة 88
28 فصل وأما بيان الالفاظ التي يقع بها طلاق السنة فهو نوعين نص ودلالة أما النص الخ 91
29 مطلب وأما الدلالة فنحو أن يقول الخ 92
30 فصل وأما طلاق البدعة فالكلام فيه في ثلاثة مواضع 93
31 فصل وأما حكم الالفاظ التي يقع بها طلاق البدعة 96
32 فصل وأما طلاق البدعة فهو الخ 96
33 فصل وأما قدر الطلاق وعدده فنقول الخ 97
34 فصل وأما بيان ركن الطلاق الخ 98
35 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 99
36 فصل في النية في أحد نوعي الطلاق 101
37 فصل وأما الكناية فنوعان النوع الأول منه الخ 105
38 فصل وأما النوع الثاني فهو الخ 109
39 فصل وأما بيان صفة الواقع بها الخ 109
40 فصل وأما الكناية فثلاثة ألفاظ رواجع بلا خلاف 111
41 فصل وأما قوله أمرك بيدك فالكلام فيه الخ 113
42 فصل واما قوله اختاري فالكلام فيه الخ 118
43 فصل وأما قوله أنت طالق إن شئت فهو الخ 121
44 فصل وأما قوله طلقي نفسك فهو عندنا تمليك الخ 122
45 فصل وأما الرسالة فهو أن يبعث الزوج طلاق امرأته الغائبة الخ 126
46 فصل وأما الذي يرجع إلى المرأة فمنها الملك الخ 126
47 فصل وأما حكم الخلع فنقول الخ 151
48 فصل وأما الطلاق على مال فهو في أحكامه كالخلع 152
49 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس الركن الخ 153
50 مطلب وأما أحد نوعي الاستثناء فهو الخ 155
51 مطلب في مسائل نوع من الاستثناء 157
52 فصل وأما الذي يرجع إلى الوقت فهو الخ 161
53 فصل وأما شرائط ركن الايلاء فنوعان 170
54 فصل وأما حكم الايلاء فنقول الخ 175
55 فصل وأما بيان ما يبطل به الايلاء فنوعان 178
56 فصل وأما بيان حكم الطلاق فيختلف الخ 180
57 فصل وأما شرائط جواز الرجعة فمنها الخ 183
58 فصل وأما الطلاق البائن فنوعان الخ 187
59 فصل ومنها أن يكون نكاح الثاني صحيحا 187
60 فصل وأما الذي هو من التوابع فنوعان 190
61 فصل وأما عدة الأشهر فنوعان 192
62 فصل وأما عدة الحمل فهي مدة الحمل 192
63 فصل في بيان مقادير العدة وما تنقضى به 193
64 فصل في بيان ما يعرف به انقضاء العدة 198
65 فصل في بيان انتقال العدة وتغيرها 200
66 فصل وأما تغير العدة فنحو الأمة الخ 201
67 فصل في أحكام العدة 204
68 كتاب الظهار والكلام عليه 229
69 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر 232
70 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر به. 233
71 فصل وللظهار أحكام 234
72 فصل في بيان ما ينتهى به حكم الظهار أو يبطل 235
73 فصل في بيان كفارة الظهار والكلام عليها 235
74 كتاب اللعان والكلام عليه 237
75 فصل في بيان صفة اللعان 238
76 فصل في بيان سبب وجود اللعان 239
77 فصل في شرائط وجوب اللعان وجوازه 240
78 فصل في بيان ما يظهر به سبب وجوب اللعان 243
79 فصل في بيان ما يسقط به للعان بعد وجوبه 243
80 فصل في بيان حكم اللعان 244
81 فصل في بيان ما يبطل به حكم اللعان 248