بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٣ - الصفحة ١٦٨
يمين عندنا ويصير موليا حتى لو تركها أربعة أشهر بانت بتطليقة لان الأصل في تحريم الحلال أن يكون يمينا لما تبين وان قال أردت به الكذب يصدق فيما بينه وبين الله تعالى ولا يكون شيئا ولا يصدق في نفى اليمين في القضاء وقد اختلف السلف رضي الله عنهم في هذه المسألة روى عن أبي بكر وعمر و عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس وعائشة رضي الله عنهم انهم قالوا الحرام يمين حتى روى عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال إذا حرم الرجل امرأته فهو يمين يكفرها اما كان لكم في رسول الله أسوة حسنة وروى عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أنه قال إن نوى طلاقا فطلاق وان لم ينو طلاقا فيمين يكفرها وعن زيد بن ثابت رضي الله عنه أنه قال فيه كفارة يمين ومنهم من جعله طلاقا ثلاثا وهو قول علي رضي الله عنه ومنهم من جعله طلاقا رجعيا وعن مسروق أنه قال ليس ذلك بشئ ما أبالي حرمتها أو قصعة من ثريد وقال الشافعي ليس بيمين وفيه كفارة يمين بنفس اللفظ ولقب المسألة ان تحريم الحلال هل هو يمين عندنا يمين وعنده ليس بيمين (وجه) قوله إن تحريم الحلال تغيير الشرع والعبد لا يملك تغيير الشرع ولهذا خرج قوله تعالى يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك مخرج العتاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم فدل انه ليس لأحد ان يحرم ما أحل الله سبحانه وتعالى وبه تبين أن اليمين لا يحرم المحلوف عليه على الحالف وإنما يمنعه منه بكونه حلالا (ولنا) الكتاب والسنة والاجماع أما الكتاب فقوله عز وجل يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك إلى قوله قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم قيل نزلت الآية في تحريم جاريته مارية القبطية لما قال صلى الله عليه وسلم هي على حرام وسمى الله تعالى ذلك يمينا بقوله قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم أي وسع الله عليكم أو أباح لكم ان تحلوا من أيمانكم بالكفارة وفي بعض القراءات قد فرض الله لكم كفارة أيمانكم والخطاب عام يتناول رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمته وأما السنة فما روى ابن عباس عن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم جعل الحرام يمينا وأما الاجماع فما روى عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم ان النبي صلى الله عليه وسلم جعل الحرام يمينا وبعضهم نص على وجوب كفارة اليمين فيه وكفارة اليمين ولا يمين لا تتصور فدل على أنه يمين وقول من جعله طلاقا ثلاثا محمول على ما إذا نوى الثلاث لان الحرمة نوعان غليظة وخفيفة فكانت نية الثلاث تعيين بعض ما يحتمله اللفظ فيصح وإذا نوى واحدة كانت واحدة بائنة لان اللفظ ينبئ عن الحرمة والطلاق الرجعي لا يوجب الحرمة للحال واثبات حكم اللفظ على الوجه الذي ينبئ عنه اللفظ أولى ولان المخالف يوجب فيه كفارة يمين وكفارة اليمين تستدعى وجود اليمين فدل ان هذا اللفظ يمين في الشرع فإذا نوى به الكذب لا يصدق في ابطال اليمين في القضاء لعدوله عن الظاهر وأما قوله إن تحريم الحلال تغيير الشرع فالجواب عنه من وجهين أحدهما ان هذا ليس بتحويم الحلال من الحالف حقيقة بل من الله سبحانه وتعالى لان التحريم اثبات الحرمة كالتحليل اثبات الحل والعبد لا يملك ذلك بل الحرمة والحل وسائر الحكومات الشرعية ثبتت باثبات الله تعالى لا صنع للعبد فيها أصلا إنما من العبد مباشرة سبب الثبوت هذا هو المذهب عند أهل السنة والجماعة فلم يكن هذا من الزوج تحريم ما أحله الله تعالى بل مباشرة سبب ثبوت الحرمة أو منع النفس عن الانتفاع بالحلال لان التحريم في اللغة عبارة عن المنع وقد يمنع المرء من تناول الحلال لغرض له في ذلك ويسمى ذلك تحريما قال الله تعالى وحرمنا عليه المراضع من قبل والمراد منه امتناع سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام عن الارتضاع من غير ثدي أمه لا التحريم الشرعي وعلى أحد هذين الوجهين يحمل التحريم المضاف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فان قيل لو كان الامر على ما ذكرتم لم يكن ذلك منه تحريم الحلال حقيقة فما معنى الحاق العتاب به فالجواب عنه من وجهين أحدهما ان ظاهر الكلام إن كان يوهم العتاب فليس بعتاب في الحقيقة بل هو تخفيف المؤنة عليه صلى الله عليه وسلم في حسن العشرة والصحبة مع أزواجه لأنه كان مندوبا إلى حسن العشرة معهن والشفقة عليهن والرحمة بهن فبلغ من حسن العشرة والصحبة مبلغا امتنع عن الامتناع بما أحل الله له يبتغى به حسن العشرة فخرج ذلك مخرج تخفيف المؤنة في حسن
(١٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الايمان والكلام فيه مطلب في بيان أنواع الايمان 2
2 فصل وأما ركن اليمين فهو الخ 5
3 فصل وأما شرائط ركن اليمين فأنواع 10
4 فصل وأما حكم اليمين فيختلف باختلافه 15
5 فصل في بيان أن اليمين على نية الحالف أو المستحلف 20
6 فصل وأما اليمين بغير الله فهي نوعان 21
7 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 26
8 فصل وأما حكم اليمين المعلق الخ 30
9 فصل وأما الحلف على الدخول الخ 36
10 فصل واما الحلف على الخروج فهو الخ 42
11 فصل وأما الحلف على الكلام فهو الخ 47
12 فصل وأما الحلف على الاظهار والاعلان الخ 53
13 فصل وأما الحلف على الأكل والشرب الخ 56
14 فصل واما الحلف على اللبس والكسوة الخ 69
15 فصل واما الحلف على الركوب فهو الخ 71
16 فصل واما الحلف على الجلوس فهو الخ 71
17 فصل وأما الحلف على السكنى والمساكنة فهو الخ 72
18 فصل وأما الحلف على المعرفة فهو الخ 75
19 فصل واما الحلف على أخذ الحق وقبضه الخ. 75
20 فصل وأما الحالف على الهدم فهو الخ 76
21 فصل وأما الحلف على الضرب والقتل فهو الخ 76
22 فصل وأما الحلف على المفارقة والوزن فهو الخ 78
23 فصل وأما الحلف على ما يضاف إلى غير الحالف 78
24 فصل وأما الحالف على ما يخرج من الحالف أو لا يخرج الخ 80
25 فصل وأما الحلف على أمور شرعية الخ 81
26 فصل واما الحلف على أمور متفرقة الخ 87
27 كتاب الطلاق والكلام عليه مطلب في أن صفة الطلاق نوعان سنة وبدعة 88
28 فصل وأما بيان الالفاظ التي يقع بها طلاق السنة فهو نوعين نص ودلالة أما النص الخ 91
29 مطلب وأما الدلالة فنحو أن يقول الخ 92
30 فصل وأما طلاق البدعة فالكلام فيه في ثلاثة مواضع 93
31 فصل وأما حكم الالفاظ التي يقع بها طلاق البدعة 96
32 فصل وأما طلاق البدعة فهو الخ 96
33 فصل وأما قدر الطلاق وعدده فنقول الخ 97
34 فصل وأما بيان ركن الطلاق الخ 98
35 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 99
36 فصل في النية في أحد نوعي الطلاق 101
37 فصل وأما الكناية فنوعان النوع الأول منه الخ 105
38 فصل وأما النوع الثاني فهو الخ 109
39 فصل وأما بيان صفة الواقع بها الخ 109
40 فصل وأما الكناية فثلاثة ألفاظ رواجع بلا خلاف 111
41 فصل وأما قوله أمرك بيدك فالكلام فيه الخ 113
42 فصل واما قوله اختاري فالكلام فيه الخ 118
43 فصل وأما قوله أنت طالق إن شئت فهو الخ 121
44 فصل وأما قوله طلقي نفسك فهو عندنا تمليك الخ 122
45 فصل وأما الرسالة فهو أن يبعث الزوج طلاق امرأته الغائبة الخ 126
46 فصل وأما الذي يرجع إلى المرأة فمنها الملك الخ 126
47 فصل وأما حكم الخلع فنقول الخ 151
48 فصل وأما الطلاق على مال فهو في أحكامه كالخلع 152
49 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس الركن الخ 153
50 مطلب وأما أحد نوعي الاستثناء فهو الخ 155
51 مطلب في مسائل نوع من الاستثناء 157
52 فصل وأما الذي يرجع إلى الوقت فهو الخ 161
53 فصل وأما شرائط ركن الايلاء فنوعان 170
54 فصل وأما حكم الايلاء فنقول الخ 175
55 فصل وأما بيان ما يبطل به الايلاء فنوعان 178
56 فصل وأما بيان حكم الطلاق فيختلف الخ 180
57 فصل وأما شرائط جواز الرجعة فمنها الخ 183
58 فصل وأما الطلاق البائن فنوعان الخ 187
59 فصل ومنها أن يكون نكاح الثاني صحيحا 187
60 فصل وأما الذي هو من التوابع فنوعان 190
61 فصل وأما عدة الأشهر فنوعان 192
62 فصل وأما عدة الحمل فهي مدة الحمل 192
63 فصل في بيان مقادير العدة وما تنقضى به 193
64 فصل في بيان ما يعرف به انقضاء العدة 198
65 فصل في بيان انتقال العدة وتغيرها 200
66 فصل وأما تغير العدة فنحو الأمة الخ 201
67 فصل في أحكام العدة 204
68 كتاب الظهار والكلام عليه 229
69 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر 232
70 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر به. 233
71 فصل وللظهار أحكام 234
72 فصل في بيان ما ينتهى به حكم الظهار أو يبطل 235
73 فصل في بيان كفارة الظهار والكلام عليها 235
74 كتاب اللعان والكلام عليه 237
75 فصل في بيان صفة اللعان 238
76 فصل في بيان سبب وجود اللعان 239
77 فصل في شرائط وجوب اللعان وجوازه 240
78 فصل في بيان ما يظهر به سبب وجوب اللعان 243
79 فصل في بيان ما يسقط به للعان بعد وجوبه 243
80 فصل في بيان حكم اللعان 244
81 فصل في بيان ما يبطل به حكم اللعان 248