بطريق الأصالة أو بغيره باذنه أو أمره وذلك نوعان توكيل وتفويض أما التفويض فنحو قول الرجل لامرأته أمرك بيدك وقوله اختاري وقوله أنت طالق ان شئت وما يجرى مجراه وقوله طلقي نفسك (فصل) أما قوله أمرك بيدك فالكلام فيه يقع في مواضع في بيان صفة هذا التفويض وهو جعل الامر باليد وفي بيان حكمه وفي بيان شرط ثبوت الحكم وفي بيان شرط بقائه وما يبطل به وما لا يبطل وفي بيان صفة الحكم الثابت وفي بيان ما يصلح جواب الامر باليد من الألفاظ وبيان حكمها إذا وجد أما بيان صفته فهو انه لازم من جانب الزوج حتى لا يملك الرجوع عنه ولا نهى المرأة عما جعل إليها ولا فسخ ذلك لأنه ملكها الطلاق ومن ملك غيره شيئا فقد زالت ولايته من الملك فلا يملك ابطاله بالرجوع والنهى والفسخ بخلاف البيع فان الايجاب من البائع ليس بتمليك بل هو أحد ركني البيع فاحتمل الرجوع عنه ولان الطلاق بعد وجوده لا يحتمل الرجوع والفسخ فكذا بعد ايجابه بخلاف البيع فإنه يحتمل الفسخ بعد تمامه فيحتمل الفسخ والرجوع بعد ايجابه أيضا ولان هذا النوع من التمليك فيه معنى التعليق فلا يحتمل الرجوع عنه والفسخ كسائر التعليقات المطلقة بخلاف البيع فإنه ليس فيه معنى التعليق رأسا وكذلك لو قام هو عن المجلس لا يبطل الجعل لان قيامه دليل الابطال لكونه دليل الاعراض فإذا لم يبطل بصريح ابطاله كيف يبطل بدليل الابطال بخلاف البيع إذا أوجب البائع ثم قام قبول المشترى انه يبطل الايجاب لان البيع يبطل بصريح الابطال فجاز أن يبطل بدليل الابطال وأما من جانب المرأة فإنه غير لازم لأنه لما جعل الامر بيدها فقد خيرها بين اختيارها نفسها في التطليق وبين اختيارها زوجها والتخيير ينافي اللزوم (وأما) حكمه فهو صيرورة الامر بيدها في الطلاق لأنه جعل الامر بيدها في الطلاق وهو من أهل الجعل والمحل قابل للجعل فيصير الامر بيدها (وأما) شرط صيرورة الامر بيدها فشيئان أحدهما نية الزوج الطلاق لأنه من كنايات الطلاق فلا يصح من غير نية الطلاق ألا ترى أنه لا يملك ايقاعه بنفسه من غير نية الطلاق فكيف يملك تفويضه إلى غيره من غير نية الطلاق حتى لو قال الزوج ما أردت به الطلاق يصدق ولا يصير الامر بيدها لان هذا التصرف يحتمل الطلاق ويحتمل غيره الا إذا كان الحال حال الغضب والخصومة أو حال مذاكرة الطلاق فلا يصدق في القضاء لان الحال تدل على إرادة الطلاق ظاهرا فلا يصدق في العدول عن الظاهر فان ادعت المرأة انه أراد به بالطلاق أو ادعت ان ذلك كان في حال الغضب أو في حال ذكر الطلاق وهو ينكر فالقول قوله مع يمينه لأنها تدعى عليه الطلاق وهو ينكر فان أقامت البينة ان ذلك كان في حال الغضب أو ذكر الطلاق قبلت بينتها لان حال الغضب وذكر الطلاق يقف الشهود عليها ويتعلق علمهم بها فكانت شهادتهم عن علم بالمشهود به فتقبل ولو أقامت البينة على أنه نوى الطلاق لا تقبل بينتها لأنه لا وقوف للشهود على النية لأنه أمر في القلب فكانت هذه شهادة لا عن علم بالمشهود به فلم تقبل والثاني علم المرأة بجعل الامر بيدها وهي غائبة أو حاضرة لم تسمع لا يصير الامر بيدها ما لم تسمع أو يبلغها الخبر لان معنى صيرورة الامر بيدها في الطلاق هو ثبوت الخيار لها وهو اختيارها نفسها بالطلاق أو زوجها بترك الطلاق اختيار الايثار وهذا لا يتحقق الا بعد العلم بالتخيير فإذا علمت بالتخيير صار الامر بيدها في أي وقت علمت إن كان التفويض مطلقا عن الوقت وإن كان مؤقتا بوقت وعلمت في شئ من الوقت صار الامر بيدها فاما إذا علمت بعد مضى الوقت كله لا يصير الامر بيدها بهذا التفويض أبدا لان ذلك علم لا ينفع لان التفويض المؤقت بوقت ينتهى عند انتهاء الوقت فلو صار الامر بيدها بعد ذلك لصار من غير تفويضه وهذا لا يجوز (وأما) بيان شرط بقاء هذا الحكم وما يبطل به وما لا يبطل فلن يمكن معرفته الا بعد معرفة أقسام الامر باليد فنقول وبالله التوفيق جعل الامر باليد لا يخلوا ما أن يكون منجزا واما أن يكون معلقا بشرط واما أن يكون مضافا إلى وقت والمنجز لا يخلو اما أن يكون مطلقا واما أن يكون مؤقتا فإن كان مطلقا بان قال أمرك بيدك فشرط بقاء حكمه بقاء المجلس وهو مجلس علمها بالتفويض فما دامت في مجلسها فالامر بيدها لان جعل الامر بيدها تمليك الطلاق منها لأنه جعل أمرها في الطلاق بيدها تتصرف فيه برأيها وتدبيرها كيف
(١١٣)