انقضت تجدد وجوب عدة أخرى بالعتق فكان عليها ان تعتد بها وذكر ابن سماعة في نوادره عن محمد إذا اشترى المكاتب امرأته وولده منها ومات وترك وفاء من ديون له أو مال فعدتها ثلاث حيض في شهرين وخمسة أيام لأني لا أعلم يؤدى المال فيحكم بعتقه أو يتوى فيحكم بعجزه فوجب الجمع بين العدتين ولو تزوج المكاتب بنت مولاه ثم مات المولى ومات المكاتب وترك وفاء فعليها أربعة أشهر وعشر دخل بها أو لم يدخل بها لان النكاح عندنا لا يفسد بموت المولى فإذا مات المكاتب عن منكوحته الحرة وجبت عليها عدة الحرائر وان لم يترك وفاء فعليها ثلاث حيض إن كان قد دخل بها وان لم يكن دخل بها فلا عدة عليها لأنه مات عاجزا فملكته قبل موته وانفسخ النكاح ووجبت عليها العدة بالفرقة في حال الحياة إن كان دخل بها والا فلا (فصل) وأما أحكام العدة فمنها انه لا يجوز للأجنبي نكاح المعتدة لقوله تعالى ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله قيل أي لا تعزموا على عقدة النكاح وقيل أي لا تعقدوا عقد النكاح حتى ينقضي ما كتب الله عليها من العدة ولان النكاح بعد الطلاق الرجعي قائم من كل وجه وبعد الثلاث والبائن قائم من وجه حال قيام العدة لقيام بعض الآثار والثابت من وجه كالثابت من كل وجه في باب الحرمات احتياطا ويجوز لصاحب العدة أن يتزوجها لان النهى عن التزوج للأجانب لا للأزواج لان عدة الطلاق إنما لزمتها حقا للزوج لكونها باقية على حكم نكاحه من وجه فإنما يظهر في حق التحريم على الأجنبي لا على الزوج إذ لا يجوز أن يمنع حقه ومنها انه لا يجوز للأجنبي خطبة المعتدة صريحا سواء كانت مطلقة أو متوفى عنها زوجها أما للمطلقة طلاقا رجعيا فلأنها زوجة المطلق لقيام ملك النكاح من كل وجه فلا يجوز خطبتها كما لا تجوز قبل الطلاق وأما المطلقة ثلاثا أو بائنا والمتوفى عنها زوجها فلان النكاح حال قيام العدة قائم من كل وجه لقيام بعض آثاره كالثابت من كل وجه في باب الحرمة ولان التصريح بالخطبة حال قيام النكاح من وجه وقوف موقف التهمة ورتع حول الحمى وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقفن مواقف التهم وقال صلى الله عليه وسلم من رتع حول الحمى يوشك أن يقع فيه فلا يجوز التصريح بالخطبة في العدة أصلا وأما التعريض فلا يجوز أيضا في عدة الطلاق ولا بأس به في عدة الوفاة والفرق بينهما من وجهين أحدهما انه لا يجوز للمعتدة من طلاق الخروج من منزلها أصلا بالليل ولا بالنهار فلا يمكن التعريض على وجه لا يقف عليه الناس والاظهار بذلك بالحضور إلى بيت زوجها قبيح وأما المتوفى عنها زوجها فيباح لها الخروج نهارا فيمكن التعريض على وجه لا يقف عليه سواها والثاني أن تعريض المطلقة اكتساب عداوة وبغض فيما بينها وبين زوجها إذ العدة من حقه بدليل انه إذا لم يدخل بها لا تجب العدة ومعنى العداوة لا يتقدر بينها وبين الميت ولا بينها وبين ورثته أيضا لأن العدة في المتوفى زوجها ليست لحق الزوج بدليل انها تجب قبل الدخول بها فلا يكون التعريض في هذه العدة تسبيبا إلى العداوة والبغض بينها وبين ورثة المتوفى فلم يكن بها بأس والأصل في جواز التعريض في عدة الوفاة قوله تعالى ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء واختلف أهل التأويل في التعريض انه ما هو قال بعضهم هو أن يقول لها انك لجميلة وان فيك لراغب وانك لتعجبيني أو انى لأرجو أن نجتمع أو ما أجاوزك إلى غيرك وانك لنافعة وهذا غير سديد ولا يحل لاحد أن يشافه امرأة أجنبية لا يحل له نكاحها للحال بمثل هذه الكلمات لان بعضها صريح في الخطبة وبعضها صريح في اظهار الرغبة فلا يجوز شئ من ذلك وإنما المرخص هو التعريض وهو أن يرى من نفسه الرغبة في نكاحها بدلالة في الكلام من غير تصريح به إذ التعريض في اللغة هو تضمين الكلام في الدلالة على شئ من غير التصريح به بالقول على ما ذكر في الخبر أن فاطمة بنت قيس لما استشارت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي معتدة فقال لها إذا انقضت عدتك فآذنيني فأذنته في رجلين كانا خطباها فقال لها أما فلان فإنه لا يرفع العصا عن عاتقه وأما فلان فإنه صعلوك لا مال له فهل لك في أسامة بن زيد فكان قوله صلى الله عليه وسلم آذنيني كناية عن خطاب إلى أن أشار عليه الصلاة والسلام إلى أسامة بن زيد
(٢٠٤)