بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٣ - الصفحة ١٥٩
عطف جملة على جملة بحرف الواو ولم تثبت الشركة بينهما في الخبر لما قلنا كذا هذا ولو أدخل الاستثناء على جملتين كل واحدة منهما يمين بان قال امرأتي طالق ان دخلت الدار وعبدي حر ان كلمت فلانا إن شاء الله تعالى انصرف الاستثناء إلى ما يليه في قول أبى يوسف فتطلق امرأته ولا يعتق عبده وقال محمد ينصرف إلى الجملتين جميعا ولا يقع الطلاق ولا العتاق وجه قول محمد على نحو ما ذكرنا ان الكلام معطوف بعضه على بعض بحرف العطف لأنه عطف احدى الجملتين على الأخرى بحرف الواو فيجعلهما كلاما واحدا كما في التنجيز بأن يقول امرأته طالق وعبده حر إن شاء الله تعالى وأي فرق بين التنجيز والتعليق وحجة أبى يوسف على نحو ما ذكرنا ان الأصل في الاستثناء أن ينصرف لما يليه لما بينا وانصرافه إلى غيره لتتم الجملة الناقصة صورة ومعنى أو معنى على ما ذكرنا وههنا كل واحدة من الجملتين تامة صورة ومعنى أما الصورة فظاهر وأما المعنى فلانه لما علق كل جزاء بشرط على حدة علم أن غرضه ليس جعلهما جميعا جزاء واحدا فكان كل واحد منهما جملة واحدة فكان كل واحد منهما من الطلاق والعتاق جزاء تاما صورة ومعنى ولو قدم الاستثناء فقال إن شاء الله تعالى فأنت طالق فهو استثناء صحيح لأنه وصل الطلاق بالاستثناء بحرف الوصل وهو الفاء فيصح التعليق بمشيئة الله تعالى كما لو قال إن دخلت الدار فأنت طالق وكذا لو قال إن شاء الله تعالى وأنت طالق لان الواو للجمع فتصير الجملة كلاما واحدا ولو قال إن شاء الله تعالى أنت طالق جاز الاستثناء في قول أبي حنيفة وأبى يوسف ولا يقع الطلاق وقال محمد هو استثناء منقطع والطلاق واقع في القضاء ويدين فيما بينه وبين الله عز وجل انه أراد به الاستثناء (وجه) قول محمد ان الجزاء إذا كان متأخرا عن الشرط لابد من ذكر حرف الاتصال وهو حرف الفاء ليتصل الجزاء بالشرط وإذا لم يوجد لم يتصل فكان قوله إن شاء الله تعالى استثناء منقطعا فلم يصح ويقع الطلاق كما إذا قال إن دخلت الدار فأنت طالق فإنه لا يتعلق لعدم حرف التعليق وهو حرف الفاء فيبقى تنجيزا فيقع الطلاق كذا هذا ولهما ان الفاء يضمر في كلامه تصحيحا للاستثناء والاضمار في مثل هذا الكلام جائز قال الشاعر من يفعل الحسنات الله يشكرها * والشر بالشر عند الله مثلان أي فالله يشكرها أو يجعل الكلام على التقديم والتأخير تصحيحا للاستثناء كأنه قال أنت طالق إن شاء الله تعالى والتقديم والتأخير في الكلام جائز أيضا في اللغة وهذان الوجهان يصحان لتصحيح الاستثناء فيما بيه وبين الله تعالى لا في القضاء لان كل واحد منهما خلاف الظاهر فلا يصدقه القاضي ألا ترى انه إذا قال إن دخلت الدار أنت طالق لا يتعلق وان أمكن تصحيح التعليق بأحد هذين الطريقين لكن لما كان خلاف الظاهر لم يتعلق ولا يصدق انه أراد به التعليق في القضاء وإنما يصدق فيما بينه وبين الله تعالى لا غير كذا هذا (ووجه) الفرق بين المسئلتين ان الحاجة إلى ذكر حرف الفاء في التعليق بسائر الشروط إذا كان الجزاء متأخرا عن الشرط في الملك ليتصل الجزاء بالشرط فيوجد عند وجود الشرط لأنه شرط يمكن الوقوف عليه والعلم به على تقدير وجوده فلا بد من وصل الجزاء بالشرط بحرف الوصل بخلاف التعليق بمشيئة الله تعالى ووقوع هذا الطلاق مما لا سبيل لنا إلى الوقوف عليه رأسا حتى تقع الحاجة إلى وصل الجزاء به ليوجد عند وجوده فكان تعطيلا في علمنا فلا حاجة إلى ذكر حرف الوصل قبل هذا الشرط والدليل على التفرقة بين الشرطين انه إذا قال إن شاء الله تعالى وأنت طالق يصح الاستثناء ولو قال إن دخلت الدار وأنت طالق لا يصح التعليق ويقع الطلاق للحال ولو قال عنيت به التعليق لا يصدق قضاء ولا ديانة لما ذكرنا كذا هذا هذا كله إذا علق الطلاق بمشيئة الله تعالى فأما إذا علق الطلاق بمشيئة غير الله فان علق بمشيئة من يتوقف على مشيئته من العباد بأن قال إن شاء زيد فالطلاق موقوف على مشيئته في المجلس الذي يعلم فيه بالتعليق لان هذا النوع من التعليق تمليك لما نذكر فيتقيد بالمجلس كسائر التمليكات وان علقه بمشيئة من لا يوقف على مشيئته نحو أن يقول إن شاء جبريل أو الملائكة أو الجن أو الشياطين فهو بمنزلة التعليق بمشيئة الله تعالى لأنه لا يتوقف على مشيئة هؤلاء كما
(١٥٩)
مفاتيح البحث: الوقوف (2)، الحج (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الايمان والكلام فيه مطلب في بيان أنواع الايمان 2
2 فصل وأما ركن اليمين فهو الخ 5
3 فصل وأما شرائط ركن اليمين فأنواع 10
4 فصل وأما حكم اليمين فيختلف باختلافه 15
5 فصل في بيان أن اليمين على نية الحالف أو المستحلف 20
6 فصل وأما اليمين بغير الله فهي نوعان 21
7 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 26
8 فصل وأما حكم اليمين المعلق الخ 30
9 فصل وأما الحلف على الدخول الخ 36
10 فصل واما الحلف على الخروج فهو الخ 42
11 فصل وأما الحلف على الكلام فهو الخ 47
12 فصل وأما الحلف على الاظهار والاعلان الخ 53
13 فصل وأما الحلف على الأكل والشرب الخ 56
14 فصل واما الحلف على اللبس والكسوة الخ 69
15 فصل واما الحلف على الركوب فهو الخ 71
16 فصل واما الحلف على الجلوس فهو الخ 71
17 فصل وأما الحلف على السكنى والمساكنة فهو الخ 72
18 فصل وأما الحلف على المعرفة فهو الخ 75
19 فصل واما الحلف على أخذ الحق وقبضه الخ. 75
20 فصل وأما الحالف على الهدم فهو الخ 76
21 فصل وأما الحلف على الضرب والقتل فهو الخ 76
22 فصل وأما الحلف على المفارقة والوزن فهو الخ 78
23 فصل وأما الحلف على ما يضاف إلى غير الحالف 78
24 فصل وأما الحالف على ما يخرج من الحالف أو لا يخرج الخ 80
25 فصل وأما الحلف على أمور شرعية الخ 81
26 فصل واما الحلف على أمور متفرقة الخ 87
27 كتاب الطلاق والكلام عليه مطلب في أن صفة الطلاق نوعان سنة وبدعة 88
28 فصل وأما بيان الالفاظ التي يقع بها طلاق السنة فهو نوعين نص ودلالة أما النص الخ 91
29 مطلب وأما الدلالة فنحو أن يقول الخ 92
30 فصل وأما طلاق البدعة فالكلام فيه في ثلاثة مواضع 93
31 فصل وأما حكم الالفاظ التي يقع بها طلاق البدعة 96
32 فصل وأما طلاق البدعة فهو الخ 96
33 فصل وأما قدر الطلاق وعدده فنقول الخ 97
34 فصل وأما بيان ركن الطلاق الخ 98
35 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 99
36 فصل في النية في أحد نوعي الطلاق 101
37 فصل وأما الكناية فنوعان النوع الأول منه الخ 105
38 فصل وأما النوع الثاني فهو الخ 109
39 فصل وأما بيان صفة الواقع بها الخ 109
40 فصل وأما الكناية فثلاثة ألفاظ رواجع بلا خلاف 111
41 فصل وأما قوله أمرك بيدك فالكلام فيه الخ 113
42 فصل واما قوله اختاري فالكلام فيه الخ 118
43 فصل وأما قوله أنت طالق إن شئت فهو الخ 121
44 فصل وأما قوله طلقي نفسك فهو عندنا تمليك الخ 122
45 فصل وأما الرسالة فهو أن يبعث الزوج طلاق امرأته الغائبة الخ 126
46 فصل وأما الذي يرجع إلى المرأة فمنها الملك الخ 126
47 فصل وأما حكم الخلع فنقول الخ 151
48 فصل وأما الطلاق على مال فهو في أحكامه كالخلع 152
49 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس الركن الخ 153
50 مطلب وأما أحد نوعي الاستثناء فهو الخ 155
51 مطلب في مسائل نوع من الاستثناء 157
52 فصل وأما الذي يرجع إلى الوقت فهو الخ 161
53 فصل وأما شرائط ركن الايلاء فنوعان 170
54 فصل وأما حكم الايلاء فنقول الخ 175
55 فصل وأما بيان ما يبطل به الايلاء فنوعان 178
56 فصل وأما بيان حكم الطلاق فيختلف الخ 180
57 فصل وأما شرائط جواز الرجعة فمنها الخ 183
58 فصل وأما الطلاق البائن فنوعان الخ 187
59 فصل ومنها أن يكون نكاح الثاني صحيحا 187
60 فصل وأما الذي هو من التوابع فنوعان 190
61 فصل وأما عدة الأشهر فنوعان 192
62 فصل وأما عدة الحمل فهي مدة الحمل 192
63 فصل في بيان مقادير العدة وما تنقضى به 193
64 فصل في بيان ما يعرف به انقضاء العدة 198
65 فصل في بيان انتقال العدة وتغيرها 200
66 فصل وأما تغير العدة فنحو الأمة الخ 201
67 فصل في أحكام العدة 204
68 كتاب الظهار والكلام عليه 229
69 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر 232
70 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر به. 233
71 فصل وللظهار أحكام 234
72 فصل في بيان ما ينتهى به حكم الظهار أو يبطل 235
73 فصل في بيان كفارة الظهار والكلام عليها 235
74 كتاب اللعان والكلام عليه 237
75 فصل في بيان صفة اللعان 238
76 فصل في بيان سبب وجود اللعان 239
77 فصل في شرائط وجوب اللعان وجوازه 240
78 فصل في بيان ما يظهر به سبب وجوب اللعان 243
79 فصل في بيان ما يسقط به للعان بعد وجوبه 243
80 فصل في بيان حكم اللعان 244
81 فصل في بيان ما يبطل به حكم اللعان 248