بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٣ - الصفحة ٥٦
حنث إذا لم يكن لأحدهما نية لان العربي إنما أراد بيمينه أن يقرأ بموضوع العرب وذلك المعرب دون الملحون فاما العجمي فإنما يريد اللغة العربية دون العجمية والملحون يعد من العربية والله عز وجل أعلم (فصل) وأما الحلف على الأكل والشرب والذوق والغداء والعشاء والسحور والضحوة والتصبح فلابد من بيان معاني هذه الأشياء فالاكل هو ايصال ما يحتمله المضغ بفيه إلى الجوف مضغ أو لم يمضغ كالخبز واللحم والفاكهة ونحوها والشرب ايصال ما لا يحتمل المضغ من المائعات إلى الجوف مثل الماء والنبيذ واللبن والعسل الممخوض والسويق الممخوض وغير ذلك فان وجد ذلك يحنث والا فلا يحنث الا إذا كان يسمى ذلك أكلا أو شربا في العرف والعادة فيحنث إذا عرف هذا فنقول إذا حلف لا يأكل كذا ولا يشربه فأدخله في فيه ومضغه ثم ألقاه لم يحنث حتى يدخله في جوفه لأنه بدون ذلك لا يكون أكلا وشربا بل يكون ذوقا لما نذكر معنى الذوق إن شاء الله تعالى في موضعه قال هشام سألت محمدا عن رجل حلف لا يأكل هذه البيضة أو لا يأكل هذه الجوزة فابتلعها قال قد حنث لوجود حد الاكل وهو ما ذكرنا ولو حلف لا يأكل عنبا أو رمانا فجعل يمضغه ويرمى بثقله ويبلع ماءه لم يحنث في الاكل ولا في الشرب لان ذلك ليس بأكل ولا شرب بل هو مص وان عصر ماء العنب فلم يشربه وأكل قشره وحصرمه فإنه يحنث لان الذاهب ليس الا الماء وذهاب الماء لا يخرجه من أن يكون أكلا له ألا ترى انه إذا مضغه وابتلع الماء انه لا يكون أكلا بابتلاع الماء بل بابتلاع الحصرم فدل ان أكل العنب هو أكل القشر والحصرم منه وقد وجد فيحنث وقال هشام عن محمد في رجل حلف لا يأكل سكرا فأخذ سكرة فجعلها في فيه فجعل يبلع ماءها حتى ذابت قال لم يأكل لأنه حين أوصلها إلى فيه وصلت وهي لا تحتمل المضغ وكذا روى عن أبي يوسف فيمن حلف لا يأكل رمانا فمص رمانة انه لا يحنث ولو حلف لا يأكل هذا اللبن فأكله بخبز أو تمر أو حلف لا يأكل هذا الخل فأكله بخبز يحنث لان أكل اللبن هكذا يكون وكذلك الخل لأنه من جملة الادام فيكون أكله بالخبز كاللبن فان أكل ذلك بانفراده لا يحنث لان ذلك شرب وليس بأكل فان صب على ذلك الماء ثم شربه لم يحنث في قوله لا آكل لعدم الاكل ويحنث في قوله لا أشرب لوجود الشرب وكذلك ان حلف لا يأكل هذا الخبز فجففه ثم دقه وصب عليه الماء فشربه لا يحنث لان هذا شرب لا أكل فان أكله مبلولا أو غير مبلول يحنث لان الخبز هكذا يؤكل عادة وكذلك السويق إذا شربه بالماء فهو شارب وليس بأكل ولو حلف لا يأكل طعاما فان ذلك يقع على الخبز واللحم والفاكهة سوى التمر ونحو ذلك ويقع على ما يؤكل على سبيل الادام مع الخبز لان الطعام في اللغة اسم لما يطعم الا انه في العرف اختص بما يؤكل بنفسه أو مع غيره عادة ولا يقع على الهليلج والسقمونيا وإن كان ذلك مطعوما في نفسه لأنه لا يؤكل عادة وان حلف لا يأكل من طعام فلان فأخذ من خله أو زيته أو كامخه أو ملحه فأكله بطعام نفسه يحنث لان العادة قد جرت بأكل هذه الأشياء مع الخبز إداما له قال النبي صلى الله عليه وسلم نعم الادام الخل فكان طعاما عرفا فيحنث فان أخذ من نبيذ فلان أو مائه فأكل به خبزا لا يحنث لأنه لا يؤكل مع الخبز عادة فلا يسمى طعاما وكذا قال أبو يوسف الخل طعام والنبيذ والماء شراب وقال محمد الخل والملح طعام لما ذكرنا ان الخل والملح مما يؤكل مع غيره عادة والنبيذ والماء لا يؤكل عادة ولو حلف لا يشترى طعاما فإنه يقع على الحنطة ودقيقها وكان ينبغي في القياس ان يقع على جميع المطعومات كما في اليمين على الاكل الا ان في الاستحسان يقع على الحنطة ودقيقها لان البيع لا يتم بنفسه بل بالبائع وبائع الحنطة يسمى بائع الطعام في العرف والاكل يتم بنفسه فيعتبر نفس الاكل دون غيره وصار هذا كمن حلف لا يشترى حديدا فاشترى سيفا لم يحنث لان بائعه لا يسمى حدادا ولو حلف لا يمس حديدا فمس سيفا يحنث لان المس فعل يتم بنفسه وعلى هذا باب الزيادات وروى عن أبي يوسف فيمن حلف لا يأكل طعاما فاضطر إلى ميتة فأكل منها لم يحنث وقال الكرخي وهو احدى الروايتين عن محمد وروى ابن رستم عن محمد انه يحنث وجه هذه الرواية ان الميتة في حال المخمصة طعام مباح في حق المضطر بمنزلة الطعام المباح في غير هذه الحالة فوجد شرط الحنث فيحنث وجه قول أبي يوسف واحدى
(٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الايمان والكلام فيه مطلب في بيان أنواع الايمان 2
2 فصل وأما ركن اليمين فهو الخ 5
3 فصل وأما شرائط ركن اليمين فأنواع 10
4 فصل وأما حكم اليمين فيختلف باختلافه 15
5 فصل في بيان أن اليمين على نية الحالف أو المستحلف 20
6 فصل وأما اليمين بغير الله فهي نوعان 21
7 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 26
8 فصل وأما حكم اليمين المعلق الخ 30
9 فصل وأما الحلف على الدخول الخ 36
10 فصل واما الحلف على الخروج فهو الخ 42
11 فصل وأما الحلف على الكلام فهو الخ 47
12 فصل وأما الحلف على الاظهار والاعلان الخ 53
13 فصل وأما الحلف على الأكل والشرب الخ 56
14 فصل واما الحلف على اللبس والكسوة الخ 69
15 فصل واما الحلف على الركوب فهو الخ 71
16 فصل واما الحلف على الجلوس فهو الخ 71
17 فصل وأما الحلف على السكنى والمساكنة فهو الخ 72
18 فصل وأما الحلف على المعرفة فهو الخ 75
19 فصل واما الحلف على أخذ الحق وقبضه الخ. 75
20 فصل وأما الحالف على الهدم فهو الخ 76
21 فصل وأما الحلف على الضرب والقتل فهو الخ 76
22 فصل وأما الحلف على المفارقة والوزن فهو الخ 78
23 فصل وأما الحلف على ما يضاف إلى غير الحالف 78
24 فصل وأما الحالف على ما يخرج من الحالف أو لا يخرج الخ 80
25 فصل وأما الحلف على أمور شرعية الخ 81
26 فصل واما الحلف على أمور متفرقة الخ 87
27 كتاب الطلاق والكلام عليه مطلب في أن صفة الطلاق نوعان سنة وبدعة 88
28 فصل وأما بيان الالفاظ التي يقع بها طلاق السنة فهو نوعين نص ودلالة أما النص الخ 91
29 مطلب وأما الدلالة فنحو أن يقول الخ 92
30 فصل وأما طلاق البدعة فالكلام فيه في ثلاثة مواضع 93
31 فصل وأما حكم الالفاظ التي يقع بها طلاق البدعة 96
32 فصل وأما طلاق البدعة فهو الخ 96
33 فصل وأما قدر الطلاق وعدده فنقول الخ 97
34 فصل وأما بيان ركن الطلاق الخ 98
35 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 99
36 فصل في النية في أحد نوعي الطلاق 101
37 فصل وأما الكناية فنوعان النوع الأول منه الخ 105
38 فصل وأما النوع الثاني فهو الخ 109
39 فصل وأما بيان صفة الواقع بها الخ 109
40 فصل وأما الكناية فثلاثة ألفاظ رواجع بلا خلاف 111
41 فصل وأما قوله أمرك بيدك فالكلام فيه الخ 113
42 فصل واما قوله اختاري فالكلام فيه الخ 118
43 فصل وأما قوله أنت طالق إن شئت فهو الخ 121
44 فصل وأما قوله طلقي نفسك فهو عندنا تمليك الخ 122
45 فصل وأما الرسالة فهو أن يبعث الزوج طلاق امرأته الغائبة الخ 126
46 فصل وأما الذي يرجع إلى المرأة فمنها الملك الخ 126
47 فصل وأما حكم الخلع فنقول الخ 151
48 فصل وأما الطلاق على مال فهو في أحكامه كالخلع 152
49 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس الركن الخ 153
50 مطلب وأما أحد نوعي الاستثناء فهو الخ 155
51 مطلب في مسائل نوع من الاستثناء 157
52 فصل وأما الذي يرجع إلى الوقت فهو الخ 161
53 فصل وأما شرائط ركن الايلاء فنوعان 170
54 فصل وأما حكم الايلاء فنقول الخ 175
55 فصل وأما بيان ما يبطل به الايلاء فنوعان 178
56 فصل وأما بيان حكم الطلاق فيختلف الخ 180
57 فصل وأما شرائط جواز الرجعة فمنها الخ 183
58 فصل وأما الطلاق البائن فنوعان الخ 187
59 فصل ومنها أن يكون نكاح الثاني صحيحا 187
60 فصل وأما الذي هو من التوابع فنوعان 190
61 فصل وأما عدة الأشهر فنوعان 192
62 فصل وأما عدة الحمل فهي مدة الحمل 192
63 فصل في بيان مقادير العدة وما تنقضى به 193
64 فصل في بيان ما يعرف به انقضاء العدة 198
65 فصل في بيان انتقال العدة وتغيرها 200
66 فصل وأما تغير العدة فنحو الأمة الخ 201
67 فصل في أحكام العدة 204
68 كتاب الظهار والكلام عليه 229
69 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر 232
70 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر به. 233
71 فصل وللظهار أحكام 234
72 فصل في بيان ما ينتهى به حكم الظهار أو يبطل 235
73 فصل في بيان كفارة الظهار والكلام عليها 235
74 كتاب اللعان والكلام عليه 237
75 فصل في بيان صفة اللعان 238
76 فصل في بيان سبب وجود اللعان 239
77 فصل في شرائط وجوب اللعان وجوازه 240
78 فصل في بيان ما يظهر به سبب وجوب اللعان 243
79 فصل في بيان ما يسقط به للعان بعد وجوبه 243
80 فصل في بيان حكم اللعان 244
81 فصل في بيان ما يبطل به حكم اللعان 248