حنث إذا لم يكن لأحدهما نية لان العربي إنما أراد بيمينه أن يقرأ بموضوع العرب وذلك المعرب دون الملحون فاما العجمي فإنما يريد اللغة العربية دون العجمية والملحون يعد من العربية والله عز وجل أعلم (فصل) وأما الحلف على الأكل والشرب والذوق والغداء والعشاء والسحور والضحوة والتصبح فلابد من بيان معاني هذه الأشياء فالاكل هو ايصال ما يحتمله المضغ بفيه إلى الجوف مضغ أو لم يمضغ كالخبز واللحم والفاكهة ونحوها والشرب ايصال ما لا يحتمل المضغ من المائعات إلى الجوف مثل الماء والنبيذ واللبن والعسل الممخوض والسويق الممخوض وغير ذلك فان وجد ذلك يحنث والا فلا يحنث الا إذا كان يسمى ذلك أكلا أو شربا في العرف والعادة فيحنث إذا عرف هذا فنقول إذا حلف لا يأكل كذا ولا يشربه فأدخله في فيه ومضغه ثم ألقاه لم يحنث حتى يدخله في جوفه لأنه بدون ذلك لا يكون أكلا وشربا بل يكون ذوقا لما نذكر معنى الذوق إن شاء الله تعالى في موضعه قال هشام سألت محمدا عن رجل حلف لا يأكل هذه البيضة أو لا يأكل هذه الجوزة فابتلعها قال قد حنث لوجود حد الاكل وهو ما ذكرنا ولو حلف لا يأكل عنبا أو رمانا فجعل يمضغه ويرمى بثقله ويبلع ماءه لم يحنث في الاكل ولا في الشرب لان ذلك ليس بأكل ولا شرب بل هو مص وان عصر ماء العنب فلم يشربه وأكل قشره وحصرمه فإنه يحنث لان الذاهب ليس الا الماء وذهاب الماء لا يخرجه من أن يكون أكلا له ألا ترى انه إذا مضغه وابتلع الماء انه لا يكون أكلا بابتلاع الماء بل بابتلاع الحصرم فدل ان أكل العنب هو أكل القشر والحصرم منه وقد وجد فيحنث وقال هشام عن محمد في رجل حلف لا يأكل سكرا فأخذ سكرة فجعلها في فيه فجعل يبلع ماءها حتى ذابت قال لم يأكل لأنه حين أوصلها إلى فيه وصلت وهي لا تحتمل المضغ وكذا روى عن أبي يوسف فيمن حلف لا يأكل رمانا فمص رمانة انه لا يحنث ولو حلف لا يأكل هذا اللبن فأكله بخبز أو تمر أو حلف لا يأكل هذا الخل فأكله بخبز يحنث لان أكل اللبن هكذا يكون وكذلك الخل لأنه من جملة الادام فيكون أكله بالخبز كاللبن فان أكل ذلك بانفراده لا يحنث لان ذلك شرب وليس بأكل فان صب على ذلك الماء ثم شربه لم يحنث في قوله لا آكل لعدم الاكل ويحنث في قوله لا أشرب لوجود الشرب وكذلك ان حلف لا يأكل هذا الخبز فجففه ثم دقه وصب عليه الماء فشربه لا يحنث لان هذا شرب لا أكل فان أكله مبلولا أو غير مبلول يحنث لان الخبز هكذا يؤكل عادة وكذلك السويق إذا شربه بالماء فهو شارب وليس بأكل ولو حلف لا يأكل طعاما فان ذلك يقع على الخبز واللحم والفاكهة سوى التمر ونحو ذلك ويقع على ما يؤكل على سبيل الادام مع الخبز لان الطعام في اللغة اسم لما يطعم الا انه في العرف اختص بما يؤكل بنفسه أو مع غيره عادة ولا يقع على الهليلج والسقمونيا وإن كان ذلك مطعوما في نفسه لأنه لا يؤكل عادة وان حلف لا يأكل من طعام فلان فأخذ من خله أو زيته أو كامخه أو ملحه فأكله بطعام نفسه يحنث لان العادة قد جرت بأكل هذه الأشياء مع الخبز إداما له قال النبي صلى الله عليه وسلم نعم الادام الخل فكان طعاما عرفا فيحنث فان أخذ من نبيذ فلان أو مائه فأكل به خبزا لا يحنث لأنه لا يؤكل مع الخبز عادة فلا يسمى طعاما وكذا قال أبو يوسف الخل طعام والنبيذ والماء شراب وقال محمد الخل والملح طعام لما ذكرنا ان الخل والملح مما يؤكل مع غيره عادة والنبيذ والماء لا يؤكل عادة ولو حلف لا يشترى طعاما فإنه يقع على الحنطة ودقيقها وكان ينبغي في القياس ان يقع على جميع المطعومات كما في اليمين على الاكل الا ان في الاستحسان يقع على الحنطة ودقيقها لان البيع لا يتم بنفسه بل بالبائع وبائع الحنطة يسمى بائع الطعام في العرف والاكل يتم بنفسه فيعتبر نفس الاكل دون غيره وصار هذا كمن حلف لا يشترى حديدا فاشترى سيفا لم يحنث لان بائعه لا يسمى حدادا ولو حلف لا يمس حديدا فمس سيفا يحنث لان المس فعل يتم بنفسه وعلى هذا باب الزيادات وروى عن أبي يوسف فيمن حلف لا يأكل طعاما فاضطر إلى ميتة فأكل منها لم يحنث وقال الكرخي وهو احدى الروايتين عن محمد وروى ابن رستم عن محمد انه يحنث وجه هذه الرواية ان الميتة في حال المخمصة طعام مباح في حق المضطر بمنزلة الطعام المباح في غير هذه الحالة فوجد شرط الحنث فيحنث وجه قول أبي يوسف واحدى
(٥٦)