أخرى كأخت امرأته أو امرأة لها زوج أو مجوسية أو مرتدة أنه لا يكون مظاهرا لأنها غير محرمة على التأبيد والله أعلم (فصل) وأما حكم الظهار فللظهار أحكام منها حرمة الوطئ قبل التكفير لقوله عز وجل والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا أي فليحرروا كما في قوله سبحانه وتعالى والوالدات يرضعن أولادهن أي ليرضعن وقوله تعالى والمطلقات يتربصن بأنفسهن أي ليتربصن أمر المظاهر بتحرير رقبة قبل المسيس فلو لم يحرم الوطئ قبل المسيس لم يكن للامر بتقديم التحرير قبل المسيس معنى وهو كقوله عز وجل يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة وانه يدل على حرمة النجوى قبل الصدقة إذ لو لم يحرم لم يكن للامر بتقديم الصدقة على النجوى معنى فكذا هذا وروى أن مسلمة بن صخر البياضي ظاهر من امرأته ثم أبصرها في ليلة قمراء وعليها خلخال فضة فأعجبته فوطئها فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم استغفر الله ولا تعد حتى تكفر أمره صلى الله عليه وسلم بالاستغفار والاستغفار إنما يكون عن الذنب فدل على حرمة الوطئ وكذا نهى المظاهر عن العود إلى الجماع ومطلق النهى للتحريم فيدل على حرمة الجماع قبل الكفارة وروى عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال إذا قال أنت على كظهر أمي لم تحل له حتى يكفر ومنها حرمة الاستمتاع بها من المباشرة والتقبيل واللمس عن شهوة والنظر إلى فرجها عن شهوة قبل أن يكفر لقوله عز وجل من قبل أن يتماسا وأخف ما يقع عليه اسم المس هو اللمس باليد إذ هو حقيقة لهما جميعا أعني الجماع واللمس باليد لوجود معنى المس باليد فيهما ولان الاستمتاع داع إلى الجماع فإذا حرم الجماع حرم الداعي إليه إذ لو لم يحرم لأدى إلى التناقض ولهذا حرم في الاستبراء وفي الاحرام بخلاف باب الحيض والنفاس لان الاستمتاع هناك لا يفضى إلى الجماع لوجود المانع وهو استعمال الأذى فامتنع عمل الداعي للتعارض فلا يفضى إلى الجماع ولأن هذه الحرمة إنما حصلت بتشبيه امرأته بأمه فكانت قبل انتهائها بالتكفير وحرمة الام سواء وتلك الحرمة تمنع من الاستمتاع كذا هذه ولان الظهار كان طلاق القوم في الجاهلية فنقله الشرع من تحريم المحل إلى تحريم الفعل فكانت حرمة الفعل في المظاهر منها مع بقاء النكاح كحرمة الفعل في المطلقة بعد زوال النكاح وتلك الحرمة تعم البدن كله كذا هذه ولا ينبغي للمرأة إذا طاهر منها زوجها أن تدعه يقربها بالوطئ والاستمتاع حتى يكفر لان ذلك حرام عليه والتمكين من الحرام حرام ومنها ان للمرأة أن تطالبه بالوطئ وإذا طالبته به فعلى الحاكم أن يجبره حتى يكفر ويطأ لأنه بالتحريم بالظهار أضر بها حيث منعها حقها في الوطئ مع قيام الملك فكان لها المطالبة بإيفاء حقها ودفع التضرر عنها وفي وسعه ايفاء حقها بإزالة الحرمة بالكفارة فيجب عليه ذلك ويجبر عليه لو امتنع ويستوى في هذه الأحكام جميع أنواع الكفارات كلها من الاعتاق والصيام والطعام أعني كما أنه لا يباح له وطؤها والاستمتاع بها قبل التحرير والصوم لا يباح له قبل الاطعام وهذا قول عامة العلماء وقال مالك إن كانت كفارته الاطعام جاز له أن يطأها قبله لان الله تعالى ما شرط تقديم هذا النوع على المسيس في كتابه الكريم ألا ترى انه لم يذكر فيه من قبل أن يتماسا وإنما شرط سبحانه وتعالى في النوعين الأولين فقط فيقتصر الشرط على الموضع المذكور ولنا انه لو أبيح له الوطئ قبل الاطعام فيطؤها ومن الجائز انه يقدر على الاعتاق والصيام في خلال الاطعام فتنتقل كفارته إليه فتبين ان وطأه كان حراما فيجب صيانته عن الحرام بايجاب تقديم الاطعام احتياطا وعلى هذا يخرج ما إذا ظاهر الرجل من أربع نسوة له ان عليه أربع كفارات سواء ظاهر منهن بأقوال مختلفة أو بقول واحد وقال الشافعي إذا ظاهر بكلمة واحدة فعليه كفارة واحدة وجه قوله إن الظهار أحد نوعي التحريم فيعتبر بالنوع الآخر وهو الايلاء وهناك لا يجب الا كفارة واحدة بان قال لنسائه الأربع والله لا أقربكن فقربهن فكذا ههنا (ولنا) الفرق بين الظهار وبين الايلاء وهو ان الظهار وإن كان بكلمة واحدة فإنها تتناول كل واحدة منهن على حيالها فصار مظاهرا من كل واحدة منهن والظهار تحريم
(٢٣٤)