بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٣ - الصفحة ١٥٥
وقد وجدت فاما السماع فليس بشرط لكونه كلا فان الأصم يصح استثناؤه وإن كان لا يسمع والصحيح ما ذكره الفقيه أبو جعفر لان الحروف المنظومة وإن كانت كلاما عند الكرخي وعندنا هي دلالة الكلام وعبارة عنه لا نفس الكلام في الغائب والشاهد جميعا فلم توجد الحروف المنظومة ههنا لان الحروف لا تتحقق بدون الصوت فالحروف المنظومة لا تتحقق بدون الأصوات المتقطعة بتقطيع خاص فإذا لم يوجد الصوت لم توجد الحروف فلم يوجد الكلام عنده ولا دلالة الكلام عندنا فلم يكن استثناء والله الموفق وأما الذي يخص أحد النوعين وهو الاستثناء الوضعي فهو أن يكون المستثنى بعض المستثنى منه لا كله لما ذكرنا ان الاستثناء تكلم بالباقي بعد الثنيا ولا يكون تكلما بالباقي الا أن يكون المستثنى بعض المستثنى منه لا كله ولان الاستثناء يجرى مجرى التخصيص والتخصيص يرد على بعض أفراد العموم لا على الكل لان ذلك يكون نسخا لا تخصيصا وكذا الاستثناء نسخ الحكم ونسخ الحكم يكون بعد ثبوته والطلاق بعد وقوعه لا يحتمل النسخ فبطل الاستثناء ومن مشايخنا من قال إن استثناء الكل من الكل إنما يصبح لأنه رجوع والطلاق مما لا يحتمل الرجوع عنه وكذا العتاق وكذا الاعتاق وكذا الاقرار وهذا غير سديد لأنه لو كان كذلك لصح فيما يحتمل الرجوع وهو الوصية ومع هذا لا يصح حتى لو قال أوصيت لفلان بثلث مالي الا ثلث مالي لم يصح الاستثناء وتصح الوصية فدل ان عدم الصحة ليس لمكان الرجوع بل لما قلنا إنه ليس باستثناء ويصح استثناء البعض من الكل سواء كان المستثنى أقل من المستثنى منه أو أكثر عند عامة العلماء وعامة أهل اللغة وروى عن أبي يوسف انه لا يصح استثناء الأكثر من الأقل وهو قول الفراء وجه قولهما ان الاستثناء من باب اللغة وأهل اللغة لم يتكلموا باستثناء الأكثر من الأقل ولان الاستثناء وضع في الأصل لاستدراك الغلط والغلط يجرى في الأقل لا في الأكثر ولنا ان أهل اللغة قالوا الاستثناء تكلم بالباقي بعد الثنيا من غير فصل بين الأقل والأكثر الا انه قل استعمالهم الاستثناء في مثله لقلة حاجتهم إليه لقلة وقوع الغلط فيه وهذا لا يكون منهم اخراجا للفظ من أن يكون استثناء حقيقة كمن أكل لحم الخنزير لا يمتنع أحد من أهل اللسان من اطلاق القول بأنه أكل لحم الخنزير وإن كان يقل استعمال هذه اللفظة لكن قلة استعمالها لقلة وجود الاكل لا لانعدام معنى اللفظ حقيقة كذا هذا وعلى هذا يخرج مسائل هذا النوع إذا قال لامرأته أنت طالق ثلاثا الا واحدة يقع ثنتان لان هذا استثناء صحيح لكونه تكلما بالباقي بعد الثنيا والباقي بعد استثناء الواحدة من الثلاث ثنتان الا ان للثنتين اسمين أحدهما ثنتان والآخر ثلاث الا واحدة ولو قال الا اثنتين يقع واحدة لان استثناء الأكثر من الأقل استثناء صحيح أيضا لما ذكرنا ولو قال الا ثلاثا وقع الثلاث لان الاستثناء لم يصح لأنه استثناء الكل من الكل ولو قال أنت طالق ثلاثا الا واحدة وواحدة وواحدة وقع الثلاث وبطل الاستثناء في قول أبي حنفية ومحمد وقال أبو يوسف جاز استثناء الأولى والثانية وبطل استثناء الثالثة وتلزمه واحدة وجه قوله إن استثناء الأولى والثانية استثناء البعض من الكل فصح الا انه لو سكت عليه لجاز فأما استثناء الثالثة فاستثناء الكل من الكل فلم يصح فالتحق بالعدم فيقع واحدة ولأبي حنيفة ومحمد ان أول الكلام في الاستثناء يقف على آخره فكان استثناء الكل من الكل فلا يصح كما لو قال ثلاثا الا ثلاثا ولأنه لما قال الا واحدة وواحدة وواحدة فقد جمع بين الكل بحرف الجمع فصار كأنه قال الا ثلاثا ولو قال أنت طالق واحدة وواحدة وواحدة الا ثلاثا يقع الثلاث ويبطل الاستثناء في قولهم جميعا لان الاستثناء إذا كان موصولا لا يقف أول الكلام على آخره فكان الاستثناء راجعا إلى الكل فبطل ولأنه ذكر جملتين وجمع بين كل جملة بحرف الجمع فكان استثناء الجملة من الجملة فلا يصح وإذا قال أنت طالق اثنتين واثنتين الا اثنتين يقع ثنتان في قول أبى يوسف ومحمد وقال زفر يقع ثلاث كذا ذكر القدوري ولم يذكر قول أبي حنيفة وجه قول زفر ان الأصل في الاستثناء انه ينصرف إلى ما يليه لأنه أقرب إليه وهو متصل به أيضا ولا ينصرف إلى غيره الا بدليل ومتى انصرف إلى ما يليه كان استثناء الكل من الكل فلا يصح ولهما ان الاستثناء يصحح ما أمكن ولو جعلناه مما يليه لبطل ولو صرف إلى الجملتين يصح
(١٥٥)
مفاتيح البحث: الأكل (3)، الوصية (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الايمان والكلام فيه مطلب في بيان أنواع الايمان 2
2 فصل وأما ركن اليمين فهو الخ 5
3 فصل وأما شرائط ركن اليمين فأنواع 10
4 فصل وأما حكم اليمين فيختلف باختلافه 15
5 فصل في بيان أن اليمين على نية الحالف أو المستحلف 20
6 فصل وأما اليمين بغير الله فهي نوعان 21
7 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 26
8 فصل وأما حكم اليمين المعلق الخ 30
9 فصل وأما الحلف على الدخول الخ 36
10 فصل واما الحلف على الخروج فهو الخ 42
11 فصل وأما الحلف على الكلام فهو الخ 47
12 فصل وأما الحلف على الاظهار والاعلان الخ 53
13 فصل وأما الحلف على الأكل والشرب الخ 56
14 فصل واما الحلف على اللبس والكسوة الخ 69
15 فصل واما الحلف على الركوب فهو الخ 71
16 فصل واما الحلف على الجلوس فهو الخ 71
17 فصل وأما الحلف على السكنى والمساكنة فهو الخ 72
18 فصل وأما الحلف على المعرفة فهو الخ 75
19 فصل واما الحلف على أخذ الحق وقبضه الخ. 75
20 فصل وأما الحالف على الهدم فهو الخ 76
21 فصل وأما الحلف على الضرب والقتل فهو الخ 76
22 فصل وأما الحلف على المفارقة والوزن فهو الخ 78
23 فصل وأما الحلف على ما يضاف إلى غير الحالف 78
24 فصل وأما الحالف على ما يخرج من الحالف أو لا يخرج الخ 80
25 فصل وأما الحلف على أمور شرعية الخ 81
26 فصل واما الحلف على أمور متفرقة الخ 87
27 كتاب الطلاق والكلام عليه مطلب في أن صفة الطلاق نوعان سنة وبدعة 88
28 فصل وأما بيان الالفاظ التي يقع بها طلاق السنة فهو نوعين نص ودلالة أما النص الخ 91
29 مطلب وأما الدلالة فنحو أن يقول الخ 92
30 فصل وأما طلاق البدعة فالكلام فيه في ثلاثة مواضع 93
31 فصل وأما حكم الالفاظ التي يقع بها طلاق البدعة 96
32 فصل وأما طلاق البدعة فهو الخ 96
33 فصل وأما قدر الطلاق وعدده فنقول الخ 97
34 فصل وأما بيان ركن الطلاق الخ 98
35 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 99
36 فصل في النية في أحد نوعي الطلاق 101
37 فصل وأما الكناية فنوعان النوع الأول منه الخ 105
38 فصل وأما النوع الثاني فهو الخ 109
39 فصل وأما بيان صفة الواقع بها الخ 109
40 فصل وأما الكناية فثلاثة ألفاظ رواجع بلا خلاف 111
41 فصل وأما قوله أمرك بيدك فالكلام فيه الخ 113
42 فصل واما قوله اختاري فالكلام فيه الخ 118
43 فصل وأما قوله أنت طالق إن شئت فهو الخ 121
44 فصل وأما قوله طلقي نفسك فهو عندنا تمليك الخ 122
45 فصل وأما الرسالة فهو أن يبعث الزوج طلاق امرأته الغائبة الخ 126
46 فصل وأما الذي يرجع إلى المرأة فمنها الملك الخ 126
47 فصل وأما حكم الخلع فنقول الخ 151
48 فصل وأما الطلاق على مال فهو في أحكامه كالخلع 152
49 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس الركن الخ 153
50 مطلب وأما أحد نوعي الاستثناء فهو الخ 155
51 مطلب في مسائل نوع من الاستثناء 157
52 فصل وأما الذي يرجع إلى الوقت فهو الخ 161
53 فصل وأما شرائط ركن الايلاء فنوعان 170
54 فصل وأما حكم الايلاء فنقول الخ 175
55 فصل وأما بيان ما يبطل به الايلاء فنوعان 178
56 فصل وأما بيان حكم الطلاق فيختلف الخ 180
57 فصل وأما شرائط جواز الرجعة فمنها الخ 183
58 فصل وأما الطلاق البائن فنوعان الخ 187
59 فصل ومنها أن يكون نكاح الثاني صحيحا 187
60 فصل وأما الذي هو من التوابع فنوعان 190
61 فصل وأما عدة الأشهر فنوعان 192
62 فصل وأما عدة الحمل فهي مدة الحمل 192
63 فصل في بيان مقادير العدة وما تنقضى به 193
64 فصل في بيان ما يعرف به انقضاء العدة 198
65 فصل في بيان انتقال العدة وتغيرها 200
66 فصل وأما تغير العدة فنحو الأمة الخ 201
67 فصل في أحكام العدة 204
68 كتاب الظهار والكلام عليه 229
69 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر 232
70 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر به. 233
71 فصل وللظهار أحكام 234
72 فصل في بيان ما ينتهى به حكم الظهار أو يبطل 235
73 فصل في بيان كفارة الظهار والكلام عليها 235
74 كتاب اللعان والكلام عليه 237
75 فصل في بيان صفة اللعان 238
76 فصل في بيان سبب وجود اللعان 239
77 فصل في شرائط وجوب اللعان وجوازه 240
78 فصل في بيان ما يظهر به سبب وجوب اللعان 243
79 فصل في بيان ما يسقط به للعان بعد وجوبه 243
80 فصل في بيان حكم اللعان 244
81 فصل في بيان ما يبطل به حكم اللعان 248