بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٣ - الصفحة ٧٦
فقد نوى خلاف الظاهر وأراد التخفيف على نفسه فلا يصدق في القضاء ولو أخذ به ثوبا أو عرضا فقبض العرض فهو بمنزلة القبض للمال لأنه يصير مستوفيا بأخذ العوض كما يصير مستوفيا بأخذ نفس الحق ولو حلف الطالب ليأخذن ماله منه أو ليقضينه أو ليستوفينه ولم يوقت وقتا فأبرأه من المال أو وهبه له حنث في يمينه لان الابراء ليس بقبض ولا استيفاء ففات شرط البر فحنث ولو كان وقت وقتا فقال اليوم أو إلى كذا وكذا فأبرأه قبل ذلك أو وهبه له لم يحنث عند أبي حنيفة ومحمد إذا جاوز ذلك الوقت وعند أبي يوسف يحنث بناء على أن اليمين الموقتة يتعلق انعقادها بآخر الوقت عندهما فكأنه قال في آخر الوقت لأقبضن منه ديني ولا دين عليه فلا تنعقد اليمين عندهما وتنعقد عند أبي يوسف فيحنث أصل المسألة إذا حلف ليشربن الماء الذي في هذا الكوز اليوم فاهريق الماء قبل انقضاء اليوم وقد ذكرناها فيما تقدم فان قبض الدين فوجده زيوفا أو نبهرجة فهو قبض وبر في يمينه سواء كان حلف على القبض أو على الدفع لأنها من جنس حقه من حيث الأصل ألا ترى انه يجوز أخذهما في ثمن الصرف فوقع بهما الاقتضاء وإن كانت ستوقة فليس هذا بقبض لأنها ليست من جنس الدراهم ولهذا لا يجوز التجوز بها في ثمن الصرف وكذلك لو رد الثوب الذي أخذ على الدين بعيب أو أستحق كان قد بر في يمينه وكان هذا قبضا لان العيب لا يمنع صحة القبض وكذا المستحق يصح قبضه ثم يبطل لعدم الإجازة فانحلت اليمين فلا يتصور الحنث بعد ذلك وقد قالوا إذا اشترى بدينه بيعا فاسدا وقبضه فإن كان في قيمته وفاء بالحق فهو قابض لدينه ولا يحنث وان لم يكن فيه وفاء حنث لان المضمون في البيع الفاسد القيمة لا المسمى ولو غصب الحالف مالا مثل دينه بر لأنه وقع الاقتضاء به وكذلك لو استهلك له دنانير أو عروضا لان القيمة تجب في ذمته فيصير قصاصا وقال محمد إذا قال إن لم أتزن من فلان مالي عليه أو لم أقبض مالي عليه في كيس أو قال إن لم أقبض مالي عليك دراهم أو بالميزان أو قال إن لم أقبض دراهم قضاء من الدراهم التي لي عليك فأخذ بذلك عرضا أو شيئا مما يوزن من الزعفران أو غيره فهو حانث لأنه لما ذكر الوزن والكيس والدراهم فقد وقعت يمينه على جنس حقه فإذا أخذ عوضا عنه حنث (فصل) وأما الحالف على الهدم قال ابن سماعة وسمعت أبا يوسف يقول في رجل قال والله لأهدمن هذه الدار فان هدم سقوفها بر لأنه لا يقدر على أن يزيل اسم الدار بالهدم لأنه لو هدم جميع بنائها لكانت بذلك تسمى دارا لما ذكرنا انها اسم للعرصة فحملت اليمين على الكسر قال محمد إذا حلف لينقضن هذا الحائط أو ليهدمنه اليوم فنقض بعضه أو هدم بعضه ولم يهدم ما بقي حتى مضى اليوم يحنث قال والهدم عندنا ان يهدم حتى يبقى منه ما لا يسمى حائطا لان الحائط يمكن هدمه حتى يزيل الاسم عنه فوقعت اليمين على ذلك بخلاف الدار فان نوى هدم بعضه صدق ديانة لان ذلك يسمى هدما بمعنى الكسر ولو حلف ليكسرن هذا الحائط فكسر بعضه بر لأنه يقال له حائط مكسور فلا يعتبر ما يزيل به اسم الحائط فالحاصل أن ههنا ألفاظ ثلاثة الهدم والنقض والكسر والمسائل مبنية على معرفة معنى كل لفظ فالهدم اسم لإزالة البناء لأنه ضد البناء فان فعل في الحائط فعلا ينظر ان بقي بعده ما يسمى مبنيا حنث لأنه لا وجود للشئ مع وجود ما يضاده وان لم يبق ما يسمى مبنيا بر لتحققه في نفسه قال الله تعالى ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع والمراد منه استئصالها لا احداث صدع أو وهن في أبنيتها وكذلك النقض يقال فلان نقض بيته كذا أي أزالها ولو نقض بعض الحائط أو هدم بعضه وقال عنيت به بعضه يصدق فيما بينه وبين الله تعالى عز وجل لأنه نوى تخصيص العموم وانه محتمل فلا يصدقه القاضي لأنه عدول عن الظاهر والكسر عبارة عن احداث صدع أو شق فيما صلب من الأجسام بمنزلة الخرق فيما استرخى منها فإذا ثبت فيه هذا فقد بر في يمينه وان بقي التركيب والله تعالى أعلم (فصل) وأما الحالف على الضرب والقتل قال المعلى سألت محمدا عن رجل حلف بطلاق امرأته ليضربنها حتى يقتلها أو حتى ترفع ميتة ولا نية له قال إن ضربها ضربا شديدا كأشد الضرب بر في يمينه لأنه يراد بمثل هذا القول في العادة
(٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الايمان والكلام فيه مطلب في بيان أنواع الايمان 2
2 فصل وأما ركن اليمين فهو الخ 5
3 فصل وأما شرائط ركن اليمين فأنواع 10
4 فصل وأما حكم اليمين فيختلف باختلافه 15
5 فصل في بيان أن اليمين على نية الحالف أو المستحلف 20
6 فصل وأما اليمين بغير الله فهي نوعان 21
7 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 26
8 فصل وأما حكم اليمين المعلق الخ 30
9 فصل وأما الحلف على الدخول الخ 36
10 فصل واما الحلف على الخروج فهو الخ 42
11 فصل وأما الحلف على الكلام فهو الخ 47
12 فصل وأما الحلف على الاظهار والاعلان الخ 53
13 فصل وأما الحلف على الأكل والشرب الخ 56
14 فصل واما الحلف على اللبس والكسوة الخ 69
15 فصل واما الحلف على الركوب فهو الخ 71
16 فصل واما الحلف على الجلوس فهو الخ 71
17 فصل وأما الحلف على السكنى والمساكنة فهو الخ 72
18 فصل وأما الحلف على المعرفة فهو الخ 75
19 فصل واما الحلف على أخذ الحق وقبضه الخ. 75
20 فصل وأما الحالف على الهدم فهو الخ 76
21 فصل وأما الحلف على الضرب والقتل فهو الخ 76
22 فصل وأما الحلف على المفارقة والوزن فهو الخ 78
23 فصل وأما الحلف على ما يضاف إلى غير الحالف 78
24 فصل وأما الحالف على ما يخرج من الحالف أو لا يخرج الخ 80
25 فصل وأما الحلف على أمور شرعية الخ 81
26 فصل واما الحلف على أمور متفرقة الخ 87
27 كتاب الطلاق والكلام عليه مطلب في أن صفة الطلاق نوعان سنة وبدعة 88
28 فصل وأما بيان الالفاظ التي يقع بها طلاق السنة فهو نوعين نص ودلالة أما النص الخ 91
29 مطلب وأما الدلالة فنحو أن يقول الخ 92
30 فصل وأما طلاق البدعة فالكلام فيه في ثلاثة مواضع 93
31 فصل وأما حكم الالفاظ التي يقع بها طلاق البدعة 96
32 فصل وأما طلاق البدعة فهو الخ 96
33 فصل وأما قدر الطلاق وعدده فنقول الخ 97
34 فصل وأما بيان ركن الطلاق الخ 98
35 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 99
36 فصل في النية في أحد نوعي الطلاق 101
37 فصل وأما الكناية فنوعان النوع الأول منه الخ 105
38 فصل وأما النوع الثاني فهو الخ 109
39 فصل وأما بيان صفة الواقع بها الخ 109
40 فصل وأما الكناية فثلاثة ألفاظ رواجع بلا خلاف 111
41 فصل وأما قوله أمرك بيدك فالكلام فيه الخ 113
42 فصل واما قوله اختاري فالكلام فيه الخ 118
43 فصل وأما قوله أنت طالق إن شئت فهو الخ 121
44 فصل وأما قوله طلقي نفسك فهو عندنا تمليك الخ 122
45 فصل وأما الرسالة فهو أن يبعث الزوج طلاق امرأته الغائبة الخ 126
46 فصل وأما الذي يرجع إلى المرأة فمنها الملك الخ 126
47 فصل وأما حكم الخلع فنقول الخ 151
48 فصل وأما الطلاق على مال فهو في أحكامه كالخلع 152
49 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس الركن الخ 153
50 مطلب وأما أحد نوعي الاستثناء فهو الخ 155
51 مطلب في مسائل نوع من الاستثناء 157
52 فصل وأما الذي يرجع إلى الوقت فهو الخ 161
53 فصل وأما شرائط ركن الايلاء فنوعان 170
54 فصل وأما حكم الايلاء فنقول الخ 175
55 فصل وأما بيان ما يبطل به الايلاء فنوعان 178
56 فصل وأما بيان حكم الطلاق فيختلف الخ 180
57 فصل وأما شرائط جواز الرجعة فمنها الخ 183
58 فصل وأما الطلاق البائن فنوعان الخ 187
59 فصل ومنها أن يكون نكاح الثاني صحيحا 187
60 فصل وأما الذي هو من التوابع فنوعان 190
61 فصل وأما عدة الأشهر فنوعان 192
62 فصل وأما عدة الحمل فهي مدة الحمل 192
63 فصل في بيان مقادير العدة وما تنقضى به 193
64 فصل في بيان ما يعرف به انقضاء العدة 198
65 فصل في بيان انتقال العدة وتغيرها 200
66 فصل وأما تغير العدة فنحو الأمة الخ 201
67 فصل في أحكام العدة 204
68 كتاب الظهار والكلام عليه 229
69 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر 232
70 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر به. 233
71 فصل وللظهار أحكام 234
72 فصل في بيان ما ينتهى به حكم الظهار أو يبطل 235
73 فصل في بيان كفارة الظهار والكلام عليها 235
74 كتاب اللعان والكلام عليه 237
75 فصل في بيان صفة اللعان 238
76 فصل في بيان سبب وجود اللعان 239
77 فصل في شرائط وجوب اللعان وجوازه 240
78 فصل في بيان ما يظهر به سبب وجوب اللعان 243
79 فصل في بيان ما يسقط به للعان بعد وجوبه 243
80 فصل في بيان حكم اللعان 244
81 فصل في بيان ما يبطل به حكم اللعان 248