وعشر بالاجماع لعموم قوله تعالى والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا ولان الحمل إذا لم يكن موجودا وقت الموت وجبت العدة بالأشهر فلا تتغير بالحمل الحادث وإذا كان موجودا وقت الموت وجبت عدة الحبل فكان انقضاؤها بوضع الحمل ولا يثبت نسب الولد في الوجهين جميعا لان الولد لا يحصل عادة الا من الماء والصبي لا ماء له حقيقة ويستحيل وجوده عادة فيستحيل تقديره وقال أبو يسوف ومحمد في زوجة الكبير تأتى بولد بعد موته لأكثر من سنتين وقد تزوجت بعد مضى أربعة أشهر وعشر أن النكاح جائز لان إقدامها على النكاح في هذه الحالة اقرار منها بانقضاء العدة لتحرز المسلمة عن النكاح في العدة ولم يرد على اقرارها ما يبطله ألا ترى أنها لو جاءت بعد التزويج بولد لستة أشهر فصاعدا كان النكاح جائزا لما بينا فههنا أولى وإذا كانت المعتدة حاملا فولدت ولدين انقضت عدتها بالأخير منهما عند عامة العلماء وقال الحسن البصري إذا وضعت أحد الولدين انقضت عدتها واحتج بقوله سبحانه وتعالى وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ولم يقل أحمالهن فإذا وضعت إحداهما فقد وضعت حملها الا أن ما قاله لا يستقيم لوجهين أحدهما أنه قرئ في بعض الروايات أن يضعن أحمالهن والثاني أنه علق انقضاء العدة بوضع الحمل لا بالولادة حيث قال سبحانه وتعالى يضعن حملهن ولم يقل يلدن والحمل اسم لجميع ما في بطنها ووضع أحد الولدين وضع بعض حملها لا وضع حملها فلا تنقضي به العدة ولان وضع الحمل إنما تنقضي به العدة لبراءة الرحم بوضعه وما دام في بطنها ولد لا تحصل البراءة منه فلا تنقضي العدة (فصل) (وأما) بيان ما يعرف به انقضاء العدة فما يعرف به انقضاء العدة نوعان قول وفعل (أما) القول فهو اخبار المعتدة بانقضاء العدة في مدة يحتمل الانقضاء في مثلها فلابد من بيان أقل المدة التي تصدق فيها المعتدة في اقرارها بانقضاء عدتها وجملة الكلام فيه أن المعتدة إن كانت من ذوات الأشهر فإنها لا تصدق في أقل من ثلاثة أشهر في عدة الطلاق إن كانت حرة ومن شهر ونصف إن كانت أمة وفي عدة الوفاة لا تصدق في أقل من أربعة أشهر وعشر إن كانت حرة ومن شهرين وخمسة أيام إن كانت أمة ولا خلاف في هذه الجملة وإن كانت من ذوات الأقراء فإن كانت معتدة من وفاة فكذلك لا تصدق في أقل مما ذكرنا في الحرة والأمة وإن كانت معتدة من طلاق فان أخبرت بانقضاء عدتها في مدة تنقضي في مثلها العدة يقبل قولها وان أخبرت في مدة لا تنقضي في مثلها العدة لا يقبل قولها الا إذا فسرت ذلك بان قالت أسقطت سقطا مستبين الخلق أو بعضه فيقبل قولها وإنما كان كذلك لأنها أمينة في اخبارها عن انقضاء عدتها فان الله تعالى ائتمنها في ذلك بقوله عز وجل ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن قيل في التفسير أنه الحيض والحبل والقول قول الأمين مع اليمين كالمودع إذا قال رددت الوديعة أو هلكت فإذا أخبرت بالانقضاء في مدة تنقضي في مثلها يقبل قولها ولا يقبل إذا كانت المدة مما لا تنقضي في مثلها العدة لان قول الأمين إنما يقبل فيما لا يكذبه الظاهر والظاهر ههنا يكذبها فلا يقبل قولها الا إذا فسرت فقال أسقطت سقطا مستبين الخلق أو بعض الخلق مع يمينها فيقبل قولها مع هذا التفسير لأن الظاهر لا يكذبها مع التفسير ثم اختلف في أقل ما تصدق فيه المعتدة بالأقراء قال أبو حنيفة أقل ما تصدق فيه الحرة ستون يوما وقال أبو يوسف محمد تسعة وثلاثون يوما واختلف الرواية في تخريج قول أبي حنيفة فتخريجه في رواية محمد أنه يبدأ بالظهر خمسة عشر يوما ثم بالحيض خمسة أيام ثم بالطهر خمسة عشر يوما ثم بالحيض خمسة أيام ثم بالطهر خمسة عشر يوما ثم بالحيض خمسة أيام فتلك ستون يوما وتخريجه على رواية الحسن أنه يبدأ بالحيض عشرة أيام ثم بالطهر خمسة عشر يوما ثم بالحيض عشرة أيام ثم بالطهر خمسة عشر يوما ثم بالحيض عشرة أيام فذلك ستون يوما فاختلف التخريج مع اتفاق الحكم وتخريج قول أبى يوسف ومحمد أنه يبدأ بالحيض ثلاثة أيام ثم بالطهر خمسة عشر يوما ثم بالحيض ثلاثة أيام ثم بالطهر خمسة عشر يوما ثم بالحيض ثلاثة أيام فذلك تسعة وثلاثون يوما وجه قولهما أن المرأة أمينة في هذا الباب والأمين يصدق ما أمكن وأمكن تصديقها بان يحكم بالطلاق في آخر الطهر فيبدأ بالعدة من الحيض فيعتبر أقله وذلك ثلاثة ثم أقل الطهر وهو خمسة عشر يوما ثم أقل الحيض ثم أقل الطهر ثم أقل الحيض
(١٩٨)