بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٣ - الصفحة ١٢١
هذا والأصل عندهما ان اختيار الأولى أو الوسطى أو الأخيرة صحيح ولا يقع الا واحدة غير أنهما يقولان لا يلزمها الألف الا إذا اختارت الأخيرة لان كل واحد من التخييرات تخيير على حدة لأنه كلام تام بنفسه ولم يذكر معه حرف الجمع فيجعل الكل كلاما واحدا فبقي كل واحد منهما تخييرا تاما بنفسه فيعطى لكل واحد منهما حكم نفسه والبدل لم يذكر الا في التخيير الأخير فلا يجب الا باختيار الأخيرة ولو ذكر حرف الواو أو حرف الفاء فقال اختاري واختاري واختاري بألف درهم أو قال اختاري فاختاري فاختاري بألف درهم فقالت اخترت الأولى أو الوسطى أو الأخيرة فعند أبي حنيفة لا يختلف الجواب فتطلق ثلاثا وعليها ألف درهم لما ذكرنا وعندهما لا يقع الطلاق في هذه الصورة لأنه لما جمع بين التخييرات الثلاث بحرف الجمع جعل الكل كلاما واحدا وقد أمرها أن تحرم نفسها عليه بألف درهم فلا تملك التحريم بأقل من ذلك كما إذا قال لها طلقي نفسك ثلاثا بألف درهم فطلقت نفسها واحدة انه لا يقع شئ لما قلنا كذا هذا والله أعلم بالصواب (فصل) وأما قوله أنت طالق ان شئت فهو مثل قوله اختاري في جميع ما وصفنا لان كل واحد منهما تمليك الطلاق الا ان الطلاق ههنا رجعي وهناك بائن لان المفوض ههنا صريح وهناك كناية وكذا إذا قال لها أنت طالق ان أحببت أو رضيت أو هويت أو أردت لأنه علق الطلاق بفعل من أفعال القلب فكان مثل قوله إن شئت وكذا إذا قال لها أنت طالق حيث شئت أو أين شئت أو أينما شئت أو حيثما شئت فهو مثل قوله إن شئت لان حيث وأين اسم مكان وما وصلة فيهما ولا تعلق للطلاق بالمكان فيلغو ذكرهما لعدم الفائدة ويبقى ذكر المشيئة فصار كأنه قال لها أنت طالق ان شئت وكذا إذا قال لها أنت طالق كم شئت أو ما شئت غير أن لها ان تطلق نفسها في المجلس ما شاءت واحدة أو ثنتين أو ثلاثا لان كلمة كم للقدر وقدر الطلاق هو العدد والعدد هو الواقع وكذا كلمة ما في مثل هذا الموضع تذكر لبيان القدر ويقال كل من طعامي ما شئت أي القدر الذي شئت ولو قال لها أنت طالق إذا شئت أو إذا ما شئت أو متى شئت أو متى ما شئت فلها ان تطلق نفسها في أي وقت شاءت في المجلس أو بعده وبعد القيام عنه لما مر وليس لها أن تطلق نفسها الا واحدة لأنه ليس في هذه الألفاظ ما يدل على التكرار على ما مر بخلاف قوله أنت طالق كلما شئت فان لها أن تطلق نفسها مرة بعد أخرى حتى تطلق نفسها ثلاثا لان المعلق بالمشيئة وإن كان واحدا وهو الثابت مقتضى قوله أنت طالق وهو الطلاق لكنه علق المشيئة بكلمة كلما وانها تقتضي تكرار الافعال فيتكرر المعلق بتكرر الشرط وإذا وقع الثلاث عند المشيئات المتكررة يبطل التعليق عند أصحابنا الثلاثة خلافا لزفر حتى لو تزوجت بزوج آخر ثم عادت إلى الزوج الأول فطلقت نفسها لا يقع شئ وليس لها ان تطلق نفسها ثلاثا في كلمة واحدة لما ذكرنا فيما تقدم ولان المعلق بكل مشيئة والمفوض إليها تطليقة واحدة وهي البائنة مقتضى قوله أنت طالق فلا تملك الثلاث ولو قال أنت طالق كيف شئت طلقت للحال تطليقة واحدة بقوله أنت طالق في قول أبي حنيفة وعند أبي يوسف ومحمد لا يقع عليها شئ ما لم تشأ والحاصل ان عند أبي حنيفة في قوله أنت طالق كيف شئت لا يتعلق أصل الطلاق بالمشيئة بل المعلق بالمشيئة صفة الواقع وتتقيد مشيئتها بالمجلس وعندهما تتعلق بالأصل والوصف بالمشيئة وتتقيد مشيئتها بالمجلس وجه قولهما ان الكيفية من باب الصفة وقد علق الوصف بالمشيئة وتعليق الوصف بالمشيئة تعليق الأصل بالمشيئة لاستحالة وجود الصفة بدون الموصوف وإذا تعلق أصل الطلاق بالمشيئة لا ينزل ما لم توجد المشيئة ولأبي حنيفة ان الزوج بقوله أنت طالق كيف شئت أوقع أصل الطلاق للحال وفوض تكييف الواقع إلى مشيئتها لان الكيفية للموجود لا للمعدوم إذ المعدوم لا يحتمل الكيفية فلابد من وجود أصل الطلاق لتتخير هي في الكيفية ولهذا قال بعض المحققين في تعليل المسألة لأبي حنيفة ان الزوج كيف المعدوم والمعدوم لا يكيف فلابد من الوجود ومن ضرورة الوجود الوقوع ثم إذا شاءت في مجلسها فإن لم ينو الزوج البينونة ولا الثلاث فشاءت واحدة بائنة أو ثلاثا كان ما شاءت لان الزوج فوض الكيفية إليها فان نوى الزوج البينونة أو الثلاث فإذا وافقت مشيئتها نية
(١٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الايمان والكلام فيه مطلب في بيان أنواع الايمان 2
2 فصل وأما ركن اليمين فهو الخ 5
3 فصل وأما شرائط ركن اليمين فأنواع 10
4 فصل وأما حكم اليمين فيختلف باختلافه 15
5 فصل في بيان أن اليمين على نية الحالف أو المستحلف 20
6 فصل وأما اليمين بغير الله فهي نوعان 21
7 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 26
8 فصل وأما حكم اليمين المعلق الخ 30
9 فصل وأما الحلف على الدخول الخ 36
10 فصل واما الحلف على الخروج فهو الخ 42
11 فصل وأما الحلف على الكلام فهو الخ 47
12 فصل وأما الحلف على الاظهار والاعلان الخ 53
13 فصل وأما الحلف على الأكل والشرب الخ 56
14 فصل واما الحلف على اللبس والكسوة الخ 69
15 فصل واما الحلف على الركوب فهو الخ 71
16 فصل واما الحلف على الجلوس فهو الخ 71
17 فصل وأما الحلف على السكنى والمساكنة فهو الخ 72
18 فصل وأما الحلف على المعرفة فهو الخ 75
19 فصل واما الحلف على أخذ الحق وقبضه الخ. 75
20 فصل وأما الحالف على الهدم فهو الخ 76
21 فصل وأما الحلف على الضرب والقتل فهو الخ 76
22 فصل وأما الحلف على المفارقة والوزن فهو الخ 78
23 فصل وأما الحلف على ما يضاف إلى غير الحالف 78
24 فصل وأما الحالف على ما يخرج من الحالف أو لا يخرج الخ 80
25 فصل وأما الحلف على أمور شرعية الخ 81
26 فصل واما الحلف على أمور متفرقة الخ 87
27 كتاب الطلاق والكلام عليه مطلب في أن صفة الطلاق نوعان سنة وبدعة 88
28 فصل وأما بيان الالفاظ التي يقع بها طلاق السنة فهو نوعين نص ودلالة أما النص الخ 91
29 مطلب وأما الدلالة فنحو أن يقول الخ 92
30 فصل وأما طلاق البدعة فالكلام فيه في ثلاثة مواضع 93
31 فصل وأما حكم الالفاظ التي يقع بها طلاق البدعة 96
32 فصل وأما طلاق البدعة فهو الخ 96
33 فصل وأما قدر الطلاق وعدده فنقول الخ 97
34 فصل وأما بيان ركن الطلاق الخ 98
35 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 99
36 فصل في النية في أحد نوعي الطلاق 101
37 فصل وأما الكناية فنوعان النوع الأول منه الخ 105
38 فصل وأما النوع الثاني فهو الخ 109
39 فصل وأما بيان صفة الواقع بها الخ 109
40 فصل وأما الكناية فثلاثة ألفاظ رواجع بلا خلاف 111
41 فصل وأما قوله أمرك بيدك فالكلام فيه الخ 113
42 فصل واما قوله اختاري فالكلام فيه الخ 118
43 فصل وأما قوله أنت طالق إن شئت فهو الخ 121
44 فصل وأما قوله طلقي نفسك فهو عندنا تمليك الخ 122
45 فصل وأما الرسالة فهو أن يبعث الزوج طلاق امرأته الغائبة الخ 126
46 فصل وأما الذي يرجع إلى المرأة فمنها الملك الخ 126
47 فصل وأما حكم الخلع فنقول الخ 151
48 فصل وأما الطلاق على مال فهو في أحكامه كالخلع 152
49 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس الركن الخ 153
50 مطلب وأما أحد نوعي الاستثناء فهو الخ 155
51 مطلب في مسائل نوع من الاستثناء 157
52 فصل وأما الذي يرجع إلى الوقت فهو الخ 161
53 فصل وأما شرائط ركن الايلاء فنوعان 170
54 فصل وأما حكم الايلاء فنقول الخ 175
55 فصل وأما بيان ما يبطل به الايلاء فنوعان 178
56 فصل وأما بيان حكم الطلاق فيختلف الخ 180
57 فصل وأما شرائط جواز الرجعة فمنها الخ 183
58 فصل وأما الطلاق البائن فنوعان الخ 187
59 فصل ومنها أن يكون نكاح الثاني صحيحا 187
60 فصل وأما الذي هو من التوابع فنوعان 190
61 فصل وأما عدة الأشهر فنوعان 192
62 فصل وأما عدة الحمل فهي مدة الحمل 192
63 فصل في بيان مقادير العدة وما تنقضى به 193
64 فصل في بيان ما يعرف به انقضاء العدة 198
65 فصل في بيان انتقال العدة وتغيرها 200
66 فصل وأما تغير العدة فنحو الأمة الخ 201
67 فصل في أحكام العدة 204
68 كتاب الظهار والكلام عليه 229
69 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر 232
70 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر به. 233
71 فصل وللظهار أحكام 234
72 فصل في بيان ما ينتهى به حكم الظهار أو يبطل 235
73 فصل في بيان كفارة الظهار والكلام عليها 235
74 كتاب اللعان والكلام عليه 237
75 فصل في بيان صفة اللعان 238
76 فصل في بيان سبب وجود اللعان 239
77 فصل في شرائط وجوب اللعان وجوازه 240
78 فصل في بيان ما يظهر به سبب وجوب اللعان 243
79 فصل في بيان ما يسقط به للعان بعد وجوبه 243
80 فصل في بيان حكم اللعان 244
81 فصل في بيان ما يبطل به حكم اللعان 248