بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٣ - الصفحة ٢١
ثلاثا وروى عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من حلف على يمين وهو فيها فاجر ليقتطع بها مال امرئ مسلم لقى الله تعالى وهو عليه غضبان وأما إذا كان مظلوما فهو لا يقتطع بيمينه حقا فلا يأثم وان نوى غير الظاهر قال وأما اليمن على المستقبل إذا قصد بها الحالف معنى دون معنى فهو على نيته دون نية المستحلف لأنه عقد وهو العاقد فينعقد على ما عقده (فصل) وأما اليمين بغير الله عز وجل فهي في الأصل نوعان أحدهما ما ذكرنا وهو اليمين بالآباء والأبناء والأنبياء والملائكة صلوات الله عليهم والصوم والصلاة وسائر الشرائع والكعبة والحرم وزمزم والقبر والمنبر ونحو ذلك ولا يجوز الحلف بشئ من ذلك لما ذكرنا وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا حلفتم فاحلفوا بالله ولو حلف بذلك لا يعتد به ولا حكم له أصلا والثاني بالشرط والجزاء وهذا النوع ينقسم إلى قسمين يمين بالقرب ويمين بغير القرب أما اليمين بالقرب فهي أن يقول إن فعلت كذا فعلى صلاة أو صوم أو الحجة أو عمرة أو بدنة أو هدى أو عتق رقبة أو صدقة ونحو ذلك وقد اختلف في حكم هذه اليمين انه هل يجب الوفاء بالمسمى بحيث لا يخرج عن عهدته الا به أو يخرج عنها بالكفارة مع الاتفاق على أنها يمين حقيقة حتى أنه لو حلف لا يحلف فقال ذلك يحنث بلا خلاف لوجود ركن اليمين وهو ما ذكره ووجود معنى اليمين أيضا وهو القوة على الامتناع من تحصيل الشرط خوفا من لزوم المذكور ونذكر حكم هذا النوع إن شاء الله في كتاب النذر لان هذا التصرف يسمى أيضا نذرا معلقا بالشرط لوجود معنى النذر وهو التزامه القربة عند وجود الشرط (وأما) اليمين بغير القرب فهي الحلف بالطلاق والعتاق فلا بد من بيان ركنه وبيان شرائط الركن وبيان حكمه وبيان ما يبطل به الركن أما الركن فهو ذكر شرط وجزاء مربوط بالشرط معلق به في قدر الحاجة إلى معرفة المسمى بالشرط والجزاء ومعرفة معناهما أما المسمى بالشرط فما دخل فيه حرف من حروف الشرط وهي ان وإذا وإذا ما ومتى ومتى ما ومهما وأشياء أخر ذكرها أهل النحو واللغة وأصل حروفه ان الخفيفة وغيرها داخل عليها لأنها لا تستعمل الا في الشرط وما سواها من الحروف يستعمل فيه وفي غيره وهو الوقت وهذا أمارة الأصالة والتبعية وذكر الكرخي مع هذه الحروف كلما وعدها من حروف الشرط وانها ليست بشرط في الحقيقة فان أهل اللغة لم يعدوها من حروف الشرط لكن فيها معنى الشرط وهو توقف الحكم على وجود ما دخلت عليه لذلك سماه شرطا وفي قوله كل امرأة أتزوجها فهي طالق وقوله كل عبد اشتريته فهو حر إنما توقف الطلاق والعتاق على الزوج والشراء لا على طريق التعليق بالشرط بل لأنه أوقع الطلاق والعتاق على امرأة متصفة بأنه تزوجها وعلى عبد متصف بأنه اشتراه ويحصل الاتصاف بذلك عند التزوج والشراء وأما معنى الشرط فهو العلامة ومنه أشراط الساعة أي علاماتها ومنه الشرطي والشراط والمشرط فسمى ما جعله الحالف علما لنزول الجزاء شرطا حتى لو ذكره لمقصود آخر لا يكون شرطا على ما نذكر إن شاء الله تعالى وأما المسمى بالجزاء فما دخل فيه حرف التعليق وهي حرف الفاء إذا كان متأخرا في الذكر عن الشرط كقوله إن دخلت الدار فأنت طالق فاما إذا كان الجزاء متقدما فلا حاجة إلى حرف الفاء بل يتعلق بالشرط بدون حرف التعليق لأنه قد يعقب قوله أنت طالق ما يبين انه يمين فيخرج به من أن يكون تطليقا إلى كونه يمينا وتعليقا فلا حاجة في مثل هذا إلى حرف التعليق بخلاف حروف الشرط فإنها لازمة للشرط سواء تقدم ذكرها على الجزاء أو تأخر وإنما اختصت الفاء بالجزاء لأنها حرف يقتضى التعقيب من غير تراخى كقول القائل جاءني زيد فعمرو والجزاء يتعقب الشرط بلا تراخى وأما معنى الجزاء فجزاء الشرط ما علق بالشرط ثم قد يكون مانعا من تحصيل الشرط إذا كان الشرط مرغوبا عنه لوقاحة عاقبته وقد يكون حاملا على تحصيله لحسن عاقبته لكن الحمل والمنع من الاغراض المطلوبة من اليمين ومن ثمراتها بمنزلة الربح بالبيع والولد بالنكاح فانعدامها لا يخرج التصرف عن كونه كانعدام الربح في البيع والولد في النكاح لان وجود التصرف بوجود ركنه لا لحصول المقصود منه كوجود البيع والنكاح وغيرهما
(٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الايمان والكلام فيه مطلب في بيان أنواع الايمان 2
2 فصل وأما ركن اليمين فهو الخ 5
3 فصل وأما شرائط ركن اليمين فأنواع 10
4 فصل وأما حكم اليمين فيختلف باختلافه 15
5 فصل في بيان أن اليمين على نية الحالف أو المستحلف 20
6 فصل وأما اليمين بغير الله فهي نوعان 21
7 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 26
8 فصل وأما حكم اليمين المعلق الخ 30
9 فصل وأما الحلف على الدخول الخ 36
10 فصل واما الحلف على الخروج فهو الخ 42
11 فصل وأما الحلف على الكلام فهو الخ 47
12 فصل وأما الحلف على الاظهار والاعلان الخ 53
13 فصل وأما الحلف على الأكل والشرب الخ 56
14 فصل واما الحلف على اللبس والكسوة الخ 69
15 فصل واما الحلف على الركوب فهو الخ 71
16 فصل واما الحلف على الجلوس فهو الخ 71
17 فصل وأما الحلف على السكنى والمساكنة فهو الخ 72
18 فصل وأما الحلف على المعرفة فهو الخ 75
19 فصل واما الحلف على أخذ الحق وقبضه الخ. 75
20 فصل وأما الحالف على الهدم فهو الخ 76
21 فصل وأما الحلف على الضرب والقتل فهو الخ 76
22 فصل وأما الحلف على المفارقة والوزن فهو الخ 78
23 فصل وأما الحلف على ما يضاف إلى غير الحالف 78
24 فصل وأما الحالف على ما يخرج من الحالف أو لا يخرج الخ 80
25 فصل وأما الحلف على أمور شرعية الخ 81
26 فصل واما الحلف على أمور متفرقة الخ 87
27 كتاب الطلاق والكلام عليه مطلب في أن صفة الطلاق نوعان سنة وبدعة 88
28 فصل وأما بيان الالفاظ التي يقع بها طلاق السنة فهو نوعين نص ودلالة أما النص الخ 91
29 مطلب وأما الدلالة فنحو أن يقول الخ 92
30 فصل وأما طلاق البدعة فالكلام فيه في ثلاثة مواضع 93
31 فصل وأما حكم الالفاظ التي يقع بها طلاق البدعة 96
32 فصل وأما طلاق البدعة فهو الخ 96
33 فصل وأما قدر الطلاق وعدده فنقول الخ 97
34 فصل وأما بيان ركن الطلاق الخ 98
35 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 99
36 فصل في النية في أحد نوعي الطلاق 101
37 فصل وأما الكناية فنوعان النوع الأول منه الخ 105
38 فصل وأما النوع الثاني فهو الخ 109
39 فصل وأما بيان صفة الواقع بها الخ 109
40 فصل وأما الكناية فثلاثة ألفاظ رواجع بلا خلاف 111
41 فصل وأما قوله أمرك بيدك فالكلام فيه الخ 113
42 فصل واما قوله اختاري فالكلام فيه الخ 118
43 فصل وأما قوله أنت طالق إن شئت فهو الخ 121
44 فصل وأما قوله طلقي نفسك فهو عندنا تمليك الخ 122
45 فصل وأما الرسالة فهو أن يبعث الزوج طلاق امرأته الغائبة الخ 126
46 فصل وأما الذي يرجع إلى المرأة فمنها الملك الخ 126
47 فصل وأما حكم الخلع فنقول الخ 151
48 فصل وأما الطلاق على مال فهو في أحكامه كالخلع 152
49 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس الركن الخ 153
50 مطلب وأما أحد نوعي الاستثناء فهو الخ 155
51 مطلب في مسائل نوع من الاستثناء 157
52 فصل وأما الذي يرجع إلى الوقت فهو الخ 161
53 فصل وأما شرائط ركن الايلاء فنوعان 170
54 فصل وأما حكم الايلاء فنقول الخ 175
55 فصل وأما بيان ما يبطل به الايلاء فنوعان 178
56 فصل وأما بيان حكم الطلاق فيختلف الخ 180
57 فصل وأما شرائط جواز الرجعة فمنها الخ 183
58 فصل وأما الطلاق البائن فنوعان الخ 187
59 فصل ومنها أن يكون نكاح الثاني صحيحا 187
60 فصل وأما الذي هو من التوابع فنوعان 190
61 فصل وأما عدة الأشهر فنوعان 192
62 فصل وأما عدة الحمل فهي مدة الحمل 192
63 فصل في بيان مقادير العدة وما تنقضى به 193
64 فصل في بيان ما يعرف به انقضاء العدة 198
65 فصل في بيان انتقال العدة وتغيرها 200
66 فصل وأما تغير العدة فنحو الأمة الخ 201
67 فصل في أحكام العدة 204
68 كتاب الظهار والكلام عليه 229
69 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر 232
70 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر به. 233
71 فصل وللظهار أحكام 234
72 فصل في بيان ما ينتهى به حكم الظهار أو يبطل 235
73 فصل في بيان كفارة الظهار والكلام عليها 235
74 كتاب اللعان والكلام عليه 237
75 فصل في بيان صفة اللعان 238
76 فصل في بيان سبب وجود اللعان 239
77 فصل في شرائط وجوب اللعان وجوازه 240
78 فصل في بيان ما يظهر به سبب وجوب اللعان 243
79 فصل في بيان ما يسقط به للعان بعد وجوبه 243
80 فصل في بيان حكم اللعان 244
81 فصل في بيان ما يبطل به حكم اللعان 248