نفى الولد فلوعن ثم اكذب نفسه فيقام عليه الحد كما إذا جاءت بولد واحد فقال هذا الولد ليس منى فلاعن الحاكم بينهما ثم قال هو ابني فالجواب ان قوله هما ابناي يحتمل الاكذاب ويحتمل الاخبار عن حكم لزمه شرعا وهو ثبوت نسب الولدين فلا يجعل اكذابا مع الاحتمال بل حمله على الاخبار أولى لأنه لو جعل اكذابا للزمه الحد ولو جعل اخبارا عما قلنا لا يلزمه وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ادرؤا الحدود بالشبهات وقال ادرؤا الحدود ما استطعتم حتى لو قال كذبت في اللعان وفيما قذفتها به من الزنا يحد لأنه نص على الاكذاب فزال الاحتمال وقد قال مشايخنا ان الاقرار بالولد بعد النفي إنما يكون اكذابا إذا كان المقر بحال لو لم يقر به للوعن به إذا كان من أهل اللعان وههنا لم يوجد لأنه لو لم يقر بهما لم يلاعن بخلاف الفصل الأول فإنه لو لم يقربهما للوعن به وعلى هذا قالوا لو ولدت امرأته ولدا فقال هو ابني ثم ولدت آخر فنفاه ثم أقر به لاحد عليه لأنه لم يصر مكذبا نفسه بهذا الاقرار ألا ترى انه لو لم يقر به لا يلاعن بنفي الولد لثبوت نسب الولدين ولو قال ليسا بابني كانا ابنيه ولا حد عليه لأنه أعاد القذف الأول وكرره لتقدم القذف منه واللعان والملاعن إذا كرر القذف لا يجب عليه الحد ولو طلق امرأته طلاقا رجعيا فجاءت بولد لأقل من سنتين بيوم فنفاه ثم جاءت بولد بعد سنتين بيوم فاقر به فقد بانت ولا لعان ولا حد في قول أبي حنيفة وأبى يوسف وقال محمد هذه رجعية وعلى الزوج الحد فنذكر أصلهما وأصله وتخرج المسألة عليه فمن أصلهما ان الولد الثاني يتبع الولد الأول لأنها جاءت به في مدة يثبت نسبه فيها وهكذا هو سابق في الولادة فكان الثاني تابعا له فجعل كأنها جاءت بهما لأقل من سنتين فلا تثبت الرجعة فتبين بالولد الثاني فتصير أجنبية فيتعذر اللعان ومن أصله ان الولد الأول يتبع الثاني لان الثاني حصل من وطئ حادث بعد الطلاق بيقين إذا الولد لا يبقى في البطن أكثر من سنتين والأول يحتمل انه حصل من وطئ حادث أيضا واننا نرد المحتمل إلى المحكم فجعل الأول تابعا للثاني فصار كأنها ولدتهما بعد سنتين والمطلقة طلاقا رجعيا إذا جاءت بولد لأكثر من سنتين ثبتت الرجعة لأنه يكون من وطئ حادث بعد الطلاق بيقين فيصير مراجعا لها بالوطئ فإذا أقر بالثاني بعد نفى الأول فقد أكذب نفسه فيحد وإن كان الطلاق بائنا والمسألة بحالها يحد ويثبت نسب الولدين عندهما وعند محمد لا حد ولا لعان ولا يثبت نسب الولدين لان من أصلهما ان الولد الثاني يتبع الأول فتجعل كأنها جاءت بهما لأقل من سنتين فيثبت نسبهما ولا يجب اللعان لزوال الزوجية ويجب الحد لا كذاب نفسه ومن أصله ان الأول يتبع الثاني وتجعل كأنها جاءت به لأكثر من سنتين والمرأة مبتوتة والمبتوتة إذا جاءت بولد لأكثر من سنتين لا يثبت نسب الولد ولا يحد قاذفها لان معها علامة الزنا وهو ولد غير ثابت النسب فلم تكن عفيفة فلا يجب الحد على قاذفها ومنها ان لا يكون نسب الولد محكوما بثبوته شرعا كذا ذكر الكرخي فإن كان لا يقطع نسبه فصورته ما روى عن أبي يوسف أنه قال في رجل جاءت امرأته بولد فنفاه ولم يلاعن حتى قذفها أجنبي بالولد الذي جاءت به فضرب القاضي الأجنبي الحد فان نسب الولد يثبت من الزوج ويسقط اللعان لان القاضي لما حد قاذفها بالولد فقد حكم بكذبه والحكم بكذبه حكم بثبوت نسب الولد والنسب المحكوم بثبوته لا يحتمل النفي باللعان كالنسب المقر به وإنما سقط اللعان لان الحاكم لما حد قاذفها فقد حكم باحصانها في عين ما قذفت به ثم إذا قطع النسب من الأب والحق الولد بالأم يبقى النسب في حق سائر الأحكام من الشهادة والزكاة والقصاص وغيرها حتى لا يجوز شهادة أحدهما للآخر وصرف الزكاة إليه ولا يجب القصاص على الأب بقتله ونحو ذلك من الأحكام الا انه لا يجرى التوارث بينهما ولا نفقة على الأب لأن النفي باللعان يثبت شرعا بخلاف الأصل بناء على زعمه وظنه مع كونه مولودا على فراشه وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم الولد للفراش فلا يظهر في حق سائر الأحكام (فصل) وأما بيان ما يبطل به حكم اللعان فكل ما يسقط اللعان بعد وجوبه يبطل الحكم بعد وجوده قبل التفريق وهو ما ذكرنا من جنونهما بعد اللعان قبل التفريق أو جنون أحدهما أو خرسهما أو خرس أحدهما أو ردتهما أو ردة أحدهما أو صيرورة أحدهما محدودا في قذف أو صيرورة المرأة موطوءة وطأ حراما واكذاب أحدهما نفسه حتى
(٢٤٨)