من ألفاظ الطلاق وإنما خالفه من حيث الوصف فإذا وقع الأصل استتبع الوصف المملك فيقع ما فوض إليها والله الموفق للصواب (فصل) وأما الرسالة فهي أن يبعث الزوج طلاق امرأته الغائبة على يد انسان فيذهب الرسول إليها ويبلغها الرسالة على وجهها فيقع عليها الطلاق لان الرسول ينقل كلام المرسل فكان كلامه ككلامه والله الموفق ومنها عدم الشك من الزوج في الطلاق وهو شرط الحكم بوقوع الطلاق حتى لو شك فيه لا يحكم بوقوعه حتى لا يجب عليه أن يعتزل امرأته لان النكاح كان ثابتا بيقين ووقع الشك في زواله بالطلاق فلا يحكم بزواله بالشك كحياة المفقود انها لما كانت ثابتة ووقع الشك في زوالها لا يحكم بزوالها بالشك حتى لا يورث ماله ولا يرث هو أيضا من أقاربه والأصل في نفى اتباع الشك قوله تعالى ولا تقف ما ليس لك به علم وقوله عليه الصلاة والسلام لما سئل عن الرجل يخيل إليه انه يجد الشئ في الصلاة لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا اعتبر اليقين وألغى الشك ثم شك الزوج لا يخلو اما ان وقع في أصل التطليق أطلقها أم لا واما ان وقع في عدد الطلاق وقدره انه طلقها واحدة أو اثنتين أو ثلاثا أو صفة الطلاق انه طلقها رجعية أو بائنة فان وقع في أصل الطلاق لا يحكم بوقوعه لما قلنا وان وقع في القدر يحكم بالأقل لأنه متيقن به وفي الزيادة شك وان وقع في وصفه يحكم بالرجعية لأنها أضعف الطلاقين فكانت متيقنا بها (فصل) وأما الذي يرجع إلى المرأة فمنها الملك أو علقة من علائقه فلا يصح الطلاق الا في الملك أو في علقة من علائق الملك وهي عدة الطلاق أو مضافا إلى الملك وجملة الكلام فيه أن الطلاق لا يخلو اما أن يكون تنجيزا واما أن يكون تعليقا بشرط واما أن يكون إضافة إلى وقت أما التنجيز في غير الملك والعدة فباطل بان قال لامرأة أجنبية أنت طالق أو طلقتك لأنه ابطال الحل ورفع القيد ولا حل ولا قيد في الأجنبية فلا يتصور ابطاله ورفعه وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لا طلاق قبل النكاح وإن كانت منكوحة الغير وقف على اجازته عندنا خلافا للشافعي والمسألة تأتى في كتاب البيوع وأما التعليق بشرط فنوعان تعليق في الملك وتعليق بالملك والتعليق في الملك نوعان حقيقي وحكمي أما الحقيقي فنحو أن يقول لامرأته ان دخلت هذه الدار فأنت طالق أو ان كلمت فلانا أو ان قدم فلان ونحو ذلك وانه صحيح بلا خلاف لان الملك موجود في الحال فالظاهر بقاؤه إلى وقت وجود الشرط فكان الجزاء غالب الوجود عند وجود الشرط فيحصل ما هو المقصود من اليمين وهو التقوى على الامتناع من تحصيل الشرط فصحت اليمين ثم إذا وجد الشرط والمرأة في ملكه أو في العدة يقع الطلاق والا فلا يقع الطلاق ولكن تنحل اليمين لا إلى جزاء حتى أنه لو قال لامرأته ان دخلت هذه الدار فأنت طالق فدخلت الدار وهي في ملكه طلقت وكذا إذا أبانها قبل دخول الدار فدخلت الدار وهي في العدة عندنا لان المبانة يلحقها صريح الطلاق عندنا وان أبانها قبل دخول الدار وانقضت عدتها ثم دخلت الدار لا يقع الطلاق لعدم الملك والعدة ولكن تبطل اليمين حتى لو تزوجها ثانيا ودخلت الدار لا يقع شئ لان المعلق بالشرط يصير عند الشرط كالمنجز والتنجيز في غير الملك والعدة باطل فان قيل أليس أن الصحيح إذا قال لامرأته ان دخلت الدار فأنت طالق ثم جن فدخلت الدار انه يقع طلاقه ولو نجز فيه تلك الحالة لا يقع فالجواب من وجهين أحدهما ان التطليق كلامه السابق عند الشرط فتعتبر الأهلية وقت وجوده وقد وجدت والثاني انا إنما اعتبرناه تنجيزا حكما وتقديرا والمجنون من أهل ان يقع الطلاق على امرأته بطريق الحكم فان العنين إذا أجل فمضت المدة وقد جن يفرق القاضي بينهما ويكون ذلك طلاقا فاطرد الكلام بحمد الله تعالى ولو أبانها قبل دخول الدار ولم تدخل الدار حتى تزوجها ثم دخلت يقع الطلاق لان اليمين لم تبطل بالإبانة لأنه يتصور عود الملك فما قامت الجزاء على وجه لا يتصور عوده ولو قال لامرأته ان دخلت هذه الدار فأنت طالق ثلاثا فطلقها واحدة أو ثنتين قبل دخول الدار فتزوجت بزوج آخر ودخل بها ثم عادت إلى الزوج الأول فدخلت طلقت ثلاثا في قول أبي حنيفة وأبى يوسف وعند محمد هي طالق ما بقي من الطلقات الثلاث شئ وأصل هذه المسألة ان من طلق
(١٢٦)