العدة على الكافرة لجريان حكمنا على أهل الذمة ولا يجري حكمنا على الحربية ولا عدة على الزانية حاملا كانت أو غير حامل لان الزنا لا يتعلق به ثبوت النسب ومنها الفرقة في النكاح الفاسد بتفريق القاضي أو بالمتاركة وشرطها الدخول لان النكاح الفاسد يجعل منعقدا عند الحاجة وهي عند استيفاء المنافع وقد مست الحاجة إلى الانعقاد لوجوب العدة وصيانة للماء عن الضياع بثبوت النسب وتجب هذه العدة على الحرة والأمة والمسلمة والكتابية لان الموجب لا يوجب الفصل ويستوى فيها الفرقة والموت لان وجوب هذه العدة على وجه الاستبراء وقد مست الحاجة في الاستبراء لوجود الوطئ فأما عدة الوفاة فإنما تجب لمعنى آخر وهو اظهار الحزن على ما فاتها من نعمة النكاح على ما نذكر إن شاء الله تعالى والنكاح الفاسد ليس بنكاح على الحقيقة فلم يكن نعمة ثم يعتبر الوجوب في الفرقة من وقت الفرقة وفي الموت من وقت الموت عند أصحابنا الثلاثة وعند زفر من آخر وطئ وطئها والمسألة مرت في كتاب النكاح ومنها الوطئ عن شبهة النكاح بان زفت إليه غير امرأته فوطئها لان الشبهة تقام مقام الحقيقة في موضع الاحتياط وايجاب العدة من باب الاحتياط ومنها عتق أم الولد ومنها موت مولاها بان أعتقها سيدها أو مات عنها وسبب وجوب هذه العدة هو زوال الفراش وهذا عندنا وعند الشافعي لا عدة عليها وإنما عليها الاستبراء بحيضة واحدة وسبب وجوبها عنده هو زوال ملك اليمين ونذكر المسألة في بيان مقادير العدد إن شاء الله تعالى (فصل) وأما عدة الأشهر فنوعان نوع يجب بدلا عن الحيض ونوع يجب أصلا بنفسه أما الذي يجب بدلا عن الحيض فهو عدة الصغيرة والآيسة والمرأة التي لم تحض رأسا في الطلاق وسبب وجوبها هو الطلاق وهو سبب وجوب عدة الأقراء وانها تجب قضاء لحق النكاح الذي استوفي فيه المقصود وشرط وجوبها شيئان أحدهما أحد الأشياء الثلاثة الصغر أو الكبر أو فقد الحيض أصلا مع عدم الصغر والكبر والأصل فيه قوله تعالى واللائي يئسن من المحيض من نسائكم ان ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن والثاني الدخول أو ما هو في معناه وهو الخلوة الصحيحة في النكاح الصحيح لعموم قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها من غير تخصيص الا أن الخلوة الصحيحة في النكاح الصحيح ألحقت بالدخول في حق وجوب العدة لما ذكرنا انها ألحقت به في حق تأكيد كل المهر ففي وجوب العدة أولى احتياطا وتجب هذه العدة على الحرة والأمة وأصل الوجوب ان ما وجبت له لا يختلف وهو ما بينا وإنما يختلفان في مقدار الواجب على ما نذكر إن شاء الله تعالى وكذا يستوى فيها المسلمة والكتابية لعموم النص وكذا المعنى الذي له وجبت لا يوجب الفصل وأما الذي يجب أصلا بنفسه فهو عدة الوفاة وسبب وجوبها الوفاة قال الله تعالى والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا وانها تجب لاظهار الحزن بفوت نعمة النكاح إذا النكاح كان نعمة عظيمة في حقها فان الزوج كان سبب صيانتها وعفافها وايفائها بالنفقة والكسوة والمسكن فوجبت عليها العدة اظهارا للحزن بفوت النعمة وتعريفا لقدرها وشرط وجوبها النكاح الصحيح فقط فتجب هذه العدة على المتوفي عنها زوجها سواء كانت مدخولا بها أو غير مدخول بها وسواء كانت ممن تحيض أو ممن لا تحيض لعموم قوله عز وجل والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا ولما ذكرنا انها تجب اظهارا للحزن بفوت نعمة النكاح وقد وجد وإنما شرطنا النكاح الصحيح لان الله تعالى أوجبها على الأزواج ولا يصير زوجا حقيقة الا بالنكاح الصحيح وسواء كانت مسلمة أو كتابية تحت مسلم لعموم النص ولوجود المعنى الذي وجبت له وسواء كانت حرة أو أمة أو مدبرة أو مكاتبة أو مستسعاة لا يختلف أصل الحكم لان ما وجبت له لا يختلف وإنما يختلف القدر لما نذكر (فصل) وأما عدة الحبل فهي مدة الحمل وسبب وجوبها الفرقة أو الوفاة والأصل فيه قوله تعالى وأولات الأحمال أجلهن ان يضعن حملهن أي انقضاء أجلهن أن يضعن حملهن وإذا كان انقضاء أجلهن بوضع حملهن كان
(١٩٢)