عمله وإن كان فلان لا يعمل بيده حنث لان حقيقة النسج ما فعله الانسان بنفسه فان أمكن الحمل على الحقيقة يحمل عليها وان لم يكن يحمل على المجاز فإذا كان فلان لا ينسج بيده لم تكن الحقيقة مرادة باليمين فيحمل على المجاز وهو الامر بالعمل وروى بشر عن أبي يوسف فيمن حلف لا يلبس شيئا من السواد قال هذا على ما يلبس مثله ولا يحنث في التكة والزر والعروة لان ذلك ليس بلبس وان حلف لا يكسو فلانا شيئا ولا نية له فكساه قلنسوة أو خفين أو جوربين حنث لان الكسوة اسم لما يكسى به وذلك يوجد في القليل والكثير وروى عمرو عن محمد إذا حلف لا يكسو امرأة فبعث إليها مقنعة قال لا يحنث فجعل الكسوة عبارة عما يجزئ في كفارة اليمين وأجرى ذلك مجرى قوله لا ألبس ثوبا ولو حلف لا يكسو فلانا ثوبا فأعطاه دراهم يشترى بها ثوبا لم يحنث لأنه لم يكسه وإنما وهب له دراهم وشاوره فيما يفعل بها ولو أرسل إليه بثوب كسوة حنث لان الحقوق لا تتعلق بالرسول وإنما تتعلق بالمرسل [فصل] وأما الحلف على الركوب إذا حلف لا يركب دابة فهو على الدواب التي يركبها الناس في حوائجهم في مواضع اقامتهم فان ركب بعيرا أو بقرة لم يحنث والقياس أن يحنث في ركوب كل حيوان لان الدابة اسم لما يدب على وجه الأرض قال الله تعالى وما من دابة في الأرض الا على الله رزقها وقال عز وجل ان شر الدواب عند الله الذين كفروا الا انهم استحسنوا وحملوا اليمين على ما يركبه الناس في الأمصار ولقضاء الحوائج غالبا وهو الخيل والبغال والحمير تخصيصا للعموم بالعرف والعادة لأنا نعلم أنه ما أراد به كل حيوان فحملنا مطلق كلامه على العادة ومعلوم أن الفيل والبقرة والبعير لا يركب لقضاء الحوائج في الأمصار عادة فان نوى في يمينه الخيل خاصة دين فيما بينه وبين الله عز وجل لان اللفظ يحتمله ولا يدين في القضاء لأنه خلاف ظاهر العموم وان حلف لا يركب فرسا فركب برذونا أو حلف لا يركب برذونا فركب فرسا لم يحنث لان الفرس عبارة عن العربي والبرذون عن الشهري فصار كمن حلف لا يكلم رجلا عربيا فكلم عجميا ولو حلف لا يركب وقال نويت الخيل لا يصدق في القضاء ولا فيما بينه وبين الله عز وجل لان الركوب ليس بمذكور فلا يحتمل التخصيص فان حلف لا يركب الخيل فركب برذونا أو فرسا يحنث لان الخيل اسم جنس قال الله عز وجل والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة وقال صلى الله عليه وسلم الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة والمراد به الجنس فيعم جميع أنواعه ولو حلف لا يركب دابة وهو راكبها فمكث على حاله ساعة واقفا أو سائرا حنث لما ذكرنا أن الركوب يحتمل الابتداء ويتجدد أمثاله وكذلك لو حلف لا يلبس وهو لابس أو لا يجلس على هذا الفرش وهو جالس لما قلنا فان نزل عقيب يمينه أو نزع أو قام لم يحنث عند أصحابنا الثلاثة خلافا لزفر وقد ذكرنا المسألة فيما تقدم ولو حلف لا يركب دابة فلان فركب دابة لعبد فلان وعليه دين أو لا دين عليه لا يحنث في قول أبي حنيفة وعند محمد يحنث أما إذا كان عليه دين فلانه لا يملكها عند أبي حنيفة وعند أبي يوسف هي مضافة إلى العبد دون المولى وأما إذا لم يكن عليه دين فهي مضافة إلى العبد فلم يحنث وعند محمد هي ملك المولى حقيقة فيحنث بركوبها ولو حلف لا يركب مركبا ولا نوى شيئا فركب سفينة أو محملا أو دابة باكاف أو سرج حنث لوجود الركوب اما في الدابة بالسرج والاكاف فلا شك فيه وأما في السفينة فلان الله تعالى سمى ذلك ركوبا بقوله عز وجل وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها والله عز وجل أعلم.
[فصل] وأما الحلف على الجلوس فإذا حلف لا يجلس على الأرض فإنه لا يحنث الا أن يجلس عليها وليس بينه وبينها غير ثيابه فإن كان بينه وبين الأرض حصيرا وبورى أو بساط أو كرسي أو شئ بسطه لم يحنث لان الجالس على الأرض من باشر الأرض ولم يحل بينه وبينها شئ هذا هو الجلوس على الأرض الا أن الجلوس عليها بما هو متصل به من ثيابه يسمى جلوسا على الأرض عرفا وإذا حال بينهما ما هو منفصل عنه من البساط والحصير لا يسمى جلوسا ألا ترى أنه يقال جلس على البساط والحصير لا على الأرض فإذا حلف لا يجلس على هذا الفراش أو هذا الحصير أو هذا البساط فجعل عليه مثله ثم جلس لم يحنث لان الجلوس يضاف إلى الثاني دون الأول ألا ترى ان الطنفسة إذا جعلت على البوري لا يقال جلس على البوري بل يقال جلس على الطنفسة وكذلك إذا جعل الفراش