بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٣ - الصفحة ١٧١
الايلاء في حق هذا الحكم شرائط بعضها يعم كل يمين بالطلاق وبعضها يخص الايلاء أما الذي يعم فما ذكرنا من الشرائط فيما تقدم من العقل والبلوغ وقيام ملك النكاح والإضافة إلى الملك حتى لا يصلح ايلاء الصبي والمجنون لأنهما ليسا من أهل الطلاق وكذا لو آلى من أمته أو مدبرته أو أم ولده لم يصح ايلاؤه في حق هذا الحكم لان الله تعالى خص الايلاء بالزوجات بقوله عز وجل للذين يؤلون من نسائهم والزوجة اسم للمملوكة بملك النكاح وشرع الايلاء في حق هذا الحكم ثبت بخلاف القياس بهذه الآية الشريفة وانها وردت في الأزواج فتختص بهم ولان اعتبار الايلاء في حق هذا الحكم لدفع الظلم عنها من قبل الزوج لمنع حقها في الجماع منعا مؤكدا باليمين ولا حق للأمة قبل مولاها في الجماع فلم يتحقق الظلم فلا تقع الحاجة إلى الدفع لوقوع الطلاق ولان الفرقة الحاصلة بمضي المدة من غير فئ فرقة بطلاق ولا طلاق بدون النكاح ولو آلى منها وهي مطلقة فإن كان الطلاق رجعيا فهو مول لقيام الملك من كل وجه ولهذا صح طلاقه وظهاره ويتوارثان وإن كان بائنا أو ثلاثا لم يكن موليا لزوال الملك والمحل بالإبانة والثلاث والايلاء لا ينعقد في غير الملك ابتداء وإن كان يبقى بدون الملك على ما نذكره إن شاء الله تعالى وعلى هذا يخرج ما إذا قال لأجنبية والله لا أقربك ثم تزوجها انه لا يصير موليا في حق حكم البر حتى لو مضت أربعة أشهر فصاعدا بعد التزوج ولم يفئ إليها لا يقع عليها شئ لانعدام الملك والإضافة إلى الملك ولو قربها بعد التزوج أو قبله تلزمه الكفارة لانعقاد اليمين في حق الحنث ولو قال لها ان تزوجتك فوالله لا أقربك فتزوجها صار موليا عندنا لوجود الملك عند التزوج واليمين بالطلاق يصح في الملك أو مضافا إلى الملك وههنا وجدت الإضافة إلى الملك فيصير موليا بخلاف الفصل الأول وكذا جميع ما ذكرنا من شرائط صحة التطليق فهو من شرط صحة الايلاء في حق الطلاق وأما الذي يخص الايلاء فشيئان أحدهما المدة وهي ان يحلف على أربعة أشهر فصاعدا في الحرة أو يحلف مطلقا أو مؤبدا حتى لو حلف على أقل من أربعة أشهر لم يكن موليا في حق الطلاق وهذا قول عامة العلماء وعامة الصحابة رضي الله عنهم وقال بعض أهل العلم ان مدة الايلاء غير مقدرة يستوى فيها القليل والكثير حتى لو حلف لا يقربها يوما أو ساعة كان موليا حتى لو تركها أربعة أشهر بانت وكذا روى عن ابن مسعود رضي الله عنه وقال ابن عباس رضي الله عنهما ان الايلاء على الأبد وقال الشافعي لا يكون موليا حتى يحلف على أكثر من أربعة أشهر وجه قول الأولين ما روى عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم آلى من نسائه شهرا فلما كان تسعة وعشرين يوما ترك ايلاءهن فقيل له انك آليت شهرا يا رسول الله فقال الشهر تسعة وعشرون يوما ولان الله تعالى لم يذكر في كتابه الكريم للايلاء مدة بل أطلقه اطلاقا بقوله عز وجل للذين يؤلون من نسائهم فيجرى على اطلاقه وإنما ذكر المدة لثبوت البينونة حتى تبين بمضي المدة من غير فئ لا ليصير ايلاء شرعا وبه نقول ولنا قوله تعالى للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر ذكر للايلاء في حكم الطلاق مدة مقدرة فلا يكون الحلف على ما دونها ايلاء في حق هذا الحكم وهذا لان الايلاء ليس بطلاق حقيقة وإنما جعل طلاقا معلقا بشرط البر شرعا بوصف كونه مانعا من الجماع أربعة أشهر فصاعدا فلا يجعل طلاقا بدونه ولان الايلاء هو اليمين التي تمنع الجماع خوفا من لزوم الحنث وبعد مضى يوم أو شهر يمكنه أن يطأها من غير حنث يلزمه فلا يكون هذا ايلاء وأما قولهم إن المدة ذكرت لثبوت حكم الايلاء لا للايلاء فنقول ذكر المدة في حكم الايلاء لا يكون ذكرا في الايلاء لان الحكم ثبت بالايلاء إذ به يتأكد المنع المحقق للظلم وأما الحديث فالمروي ان النبي صلى الله عليه وسلم آلى ان لا يدخل على نسائه شهرا وعندنا من حلف لا يدخل على امرأته يوما أو شهرا أو سنة لا يكون موليا في حق حكم الطلاق لان الايلاء يمين يمنع الجماع وهذا لا يمنع الجماع وقول عبد الله بن عباس رضي الله عنهما الايلاء على الأبد محتمل يحتمل أن يكون معناه ان الايلاء إذا ذكر مطلقا عن الوقت يقع على الأبد وان لم يذكر الأبد ونحن نقول به ويحتمل انه أراد به أن ذكر الأبد شرط صحة الايلاء في حق حكم الطلاق فيحمل على الأول توفيقا بين الأقاويل والدليل عليه ما روى عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال كان ايلاء أهل الجاهلية السنة
(١٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الايمان والكلام فيه مطلب في بيان أنواع الايمان 2
2 فصل وأما ركن اليمين فهو الخ 5
3 فصل وأما شرائط ركن اليمين فأنواع 10
4 فصل وأما حكم اليمين فيختلف باختلافه 15
5 فصل في بيان أن اليمين على نية الحالف أو المستحلف 20
6 فصل وأما اليمين بغير الله فهي نوعان 21
7 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 26
8 فصل وأما حكم اليمين المعلق الخ 30
9 فصل وأما الحلف على الدخول الخ 36
10 فصل واما الحلف على الخروج فهو الخ 42
11 فصل وأما الحلف على الكلام فهو الخ 47
12 فصل وأما الحلف على الاظهار والاعلان الخ 53
13 فصل وأما الحلف على الأكل والشرب الخ 56
14 فصل واما الحلف على اللبس والكسوة الخ 69
15 فصل واما الحلف على الركوب فهو الخ 71
16 فصل واما الحلف على الجلوس فهو الخ 71
17 فصل وأما الحلف على السكنى والمساكنة فهو الخ 72
18 فصل وأما الحلف على المعرفة فهو الخ 75
19 فصل واما الحلف على أخذ الحق وقبضه الخ. 75
20 فصل وأما الحالف على الهدم فهو الخ 76
21 فصل وأما الحلف على الضرب والقتل فهو الخ 76
22 فصل وأما الحلف على المفارقة والوزن فهو الخ 78
23 فصل وأما الحلف على ما يضاف إلى غير الحالف 78
24 فصل وأما الحالف على ما يخرج من الحالف أو لا يخرج الخ 80
25 فصل وأما الحلف على أمور شرعية الخ 81
26 فصل واما الحلف على أمور متفرقة الخ 87
27 كتاب الطلاق والكلام عليه مطلب في أن صفة الطلاق نوعان سنة وبدعة 88
28 فصل وأما بيان الالفاظ التي يقع بها طلاق السنة فهو نوعين نص ودلالة أما النص الخ 91
29 مطلب وأما الدلالة فنحو أن يقول الخ 92
30 فصل وأما طلاق البدعة فالكلام فيه في ثلاثة مواضع 93
31 فصل وأما حكم الالفاظ التي يقع بها طلاق البدعة 96
32 فصل وأما طلاق البدعة فهو الخ 96
33 فصل وأما قدر الطلاق وعدده فنقول الخ 97
34 فصل وأما بيان ركن الطلاق الخ 98
35 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 99
36 فصل في النية في أحد نوعي الطلاق 101
37 فصل وأما الكناية فنوعان النوع الأول منه الخ 105
38 فصل وأما النوع الثاني فهو الخ 109
39 فصل وأما بيان صفة الواقع بها الخ 109
40 فصل وأما الكناية فثلاثة ألفاظ رواجع بلا خلاف 111
41 فصل وأما قوله أمرك بيدك فالكلام فيه الخ 113
42 فصل واما قوله اختاري فالكلام فيه الخ 118
43 فصل وأما قوله أنت طالق إن شئت فهو الخ 121
44 فصل وأما قوله طلقي نفسك فهو عندنا تمليك الخ 122
45 فصل وأما الرسالة فهو أن يبعث الزوج طلاق امرأته الغائبة الخ 126
46 فصل وأما الذي يرجع إلى المرأة فمنها الملك الخ 126
47 فصل وأما حكم الخلع فنقول الخ 151
48 فصل وأما الطلاق على مال فهو في أحكامه كالخلع 152
49 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس الركن الخ 153
50 مطلب وأما أحد نوعي الاستثناء فهو الخ 155
51 مطلب في مسائل نوع من الاستثناء 157
52 فصل وأما الذي يرجع إلى الوقت فهو الخ 161
53 فصل وأما شرائط ركن الايلاء فنوعان 170
54 فصل وأما حكم الايلاء فنقول الخ 175
55 فصل وأما بيان ما يبطل به الايلاء فنوعان 178
56 فصل وأما بيان حكم الطلاق فيختلف الخ 180
57 فصل وأما شرائط جواز الرجعة فمنها الخ 183
58 فصل وأما الطلاق البائن فنوعان الخ 187
59 فصل ومنها أن يكون نكاح الثاني صحيحا 187
60 فصل وأما الذي هو من التوابع فنوعان 190
61 فصل وأما عدة الأشهر فنوعان 192
62 فصل وأما عدة الحمل فهي مدة الحمل 192
63 فصل في بيان مقادير العدة وما تنقضى به 193
64 فصل في بيان ما يعرف به انقضاء العدة 198
65 فصل في بيان انتقال العدة وتغيرها 200
66 فصل وأما تغير العدة فنحو الأمة الخ 201
67 فصل في أحكام العدة 204
68 كتاب الظهار والكلام عليه 229
69 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر 232
70 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر به. 233
71 فصل وللظهار أحكام 234
72 فصل في بيان ما ينتهى به حكم الظهار أو يبطل 235
73 فصل في بيان كفارة الظهار والكلام عليها 235
74 كتاب اللعان والكلام عليه 237
75 فصل في بيان صفة اللعان 238
76 فصل في بيان سبب وجود اللعان 239
77 فصل في شرائط وجوب اللعان وجوازه 240
78 فصل في بيان ما يظهر به سبب وجوب اللعان 243
79 فصل في بيان ما يسقط به للعان بعد وجوبه 243
80 فصل في بيان حكم اللعان 244
81 فصل في بيان ما يبطل به حكم اللعان 248