أجلهن لان أجلهن مدة حملهن وهذه العدة إنما تجب لئلا يصير الزوج بها ساقيا ماءه زرع غيره وشرط وجوبها أن يكون الحمل من النكاح صحيحا كان أو فاسدا لان الوطئ في النكاح الفاسد يوجب العدة ولا تجب على الحامل بالزنا لان الزنا لا يوجب العدة الا أنه إذا تزوج امرأة وهي حامل من الزنا جاز النكاح عند أبي حنيفة ومحمد لا يجوز له أن يطأها ما لم تضع لئلا يصير ساقيا ماءه زرع غيره (فصل) وأما بيان مقادير العدة وما تنقضي به فأما عدة الأقراء فإن كانت المرأة حرة فعدتها ثلاثة قروء لقوله تعالى والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء وسواء وجبت بالفرقة في النكاح الصحيح أو بالفرقة في النكاح الفاسد أو بالوطئ عن شبهة النكاح لما ذكرنا أن النكاح الفاسد بعد الدخول يجعل منعقدا في حق وجوب العدة ويلحق به فيه وشبهة النكاح ملحقة بالحقيقة فيما يحتاط فيه والنص الوارد في المطلقة يكون وارد فيها دلالة وكذلك أم الولد إذا أعتقت باعتاق المولى أو بموته فإنها تعتد بثلاثة قروء عندنا وعند الشافعي تعتد بحيضة واحدة وجه قوله إن هذه العدة لم تجب بزوال ملك النكاح لعدم النكاح وإنما وجبت بزوال ملك اليمين فكان وجوبها بطريق الاستبراء فيكتفي بحيضة واحدة كما في استبراء سائر المملوكات (ولنا) ما روى عن عمر وغيره من الصحابة رضي الله عنهم انهم قالوا عدة أم الولد ثلاث حيض وهذا نص فيه وبه تبين أن الواجب عدة وليس باستبراء الا أنهم سموه عدة والعدة لا تقدر بحيضة واحدة والدليل على أنه عدة انه يجب على الحرة والحرة لا يلزمها الاستبراء وإذا كان عدة لا يجوز تقديرها بحيضة واحدة كسائر العدد ولأن هذه العدة تجب بزوال الفراش لان أم الولد لها فراش الا أن فراشها قبل العتق غير مستحكم بل هو ضعيف لاحتماله النقل إلى غيره فإذا أعتقت فقد استحكم فالتحق بالفراش الثابت بالنكاح والعدة التي تجب بزوال الفراش الثابت بالنكاح وهو النكاح الفاسد مقدرة بثلاثة قروء ولهذا استوى في الواجب عليها الموت والعتق كما في النكاح الفاسد وعدة المستحاضة وغيرها سواء وهي ثلاثة أقراء لعموم النص وإن كانت أمة فقرءان عند عامة العلماء وقال نفاة القياس ثلاثة قروء كعدة الحرة احتجوا بعموم قوله تعالى والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء من غير تخصيص الحرة (ولنا) الحديث المشهور وهو ما روى عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال طلاق الأمة ثنتان وعدتها حيضتان وقال عمر رضي الله عنه عدتها حيضتان ولو استطعت لجعلتها حيضة ونصفا وبه تبين أن الإماء مخصوصات من عموم الكتاب الكريم وتخصيص الكتاب بالخبر المشهور جائز بالاجماع ولأن العدة حق من حقوق النكاح مقدر فيؤثر الرق في تنصيفه كالقسم كان ينبغي أن يتنصف فتعتد حيضة ونصفا كما أشار إليه عمر رضي الله عنه الا أنه لا يمكن لان الحيضة الواحدة لا تتجزأ فتكاملت ضرورة وسواء كان زوجها حرا أو عبدا بلا خلاف لأن العدة تعتبر بالنساء بالاجماع ويستوى في مقدار هذه العدة المسلمة والكتابية الحرة كالحرة والأمة كالأمة لان الدلائل لا توجب الفصل ثم اختلف أهل العلم فيما تنقضي به هذه العدة انه الحيض أم الأطهار قال أصحابنا الحيض وقال الشافعي الأطهار وفائدة الاختلاف ان من طلق امرأته في حالة الطهر لا يحتسب بذلك الطهر من العدة عندنا حتى لا تنقضي عدتها ما لم تحض ثلاث حيض بعده وعنده يحتسب بذلك الطهر من العدة فتنقضي عدتها بانقضاء ذلك الطهر الذي طلقها فيه وبطهر آخر بعده والمسألة مختلفة بين الصحابة رضي الله عنه م روى عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلى وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس وأبي موسى الأشعري وأبي الدرداء وعبادة بن الصامت وعبد الله بن قيس رضى الله تعالى عنهم أنهم قالوا الزوج أحق بمراجعتها ما لم تغتسل من الحيضة الثالثة كما هو مذهبنا وعن زيد بن ثابت وحذيفة وعبد الله بن عمر وعائشة رضي الله عنهم مثل قوله وحاصل الاختلاف راجع إلى أن القرء المذكور في قوله سبحانه ثلاثة قروء ما هو الحيض أم الطهر فعندنا الحيض وعنده الطهر ولا خلاف بين أهل اللغة في أن القرء من الأسماء المشتركة يذكر ويراد به الحيض ويذكر ويراد به الطهر على طريق الاشتراك فيكون حقيقة لكل واحد منهما كما في سائر الأسماء المشتركة من اسم العين وغير ذلك أما استعماله في الحيض فلقول
(١٩٣)