يوما ينظر إن كان قد بقي من السنة أربعة أشهر فصاعدا صار موليا لوجود كمال المدة ولوجود حد المولى وان بقي أقل من ذلك لم يصر موليا لنقصان المدة ولانعدام حد الايلاء وعلى هذا الخلاف إذا قال والله لا أقربك سنة الا مرة غير أن في قوله الا يوما إذا قربها وقد بقي من السنة أربعة أشهر فصاعدا لا يصير موليا ما لم تغرب الشمس من ذلك اليوم ويعتبر ابتداء المدة من وقت غروب الشمس من ذلك اليوم لان اليوم اسم لجميع هذا الوقت من أوله إلى آخره فلا ينتهي الا بغروب الشمس وفي قوله الا مرة يصير موليا عقيب القربان بلا فصل ويعتبر ابتداء من وقت فراغه من القربان مرة لان المستثنى ههنا هو القربان مرة لا اليوم والمستثنى هناك هو اليوم لا المرة لذلك افترقا ثم مدة أشهر الايلاء تعتبر بالأهلة أم بالأيام فنقول لا خلاف ان الايلاء إذا وقع في غرة الشهر تعتبر المدة بالأهلة وإذا وقع في بعض الشهر لم يذكر عن أبي حنيفة نص رواية وقال أبو يوسف تعتبر بالأيام وذلك مائة وعشرون يوما وروى عن زفر انه يعتبر بقية الشهر بالأيام والشهر الثاني والثالث بالأهلة وتكمل أيام الشهر الأول بالأيام من أول الشهر الرابع ويحتمل أن يكون هذا على اختلافهم في عدة الطلاق والوفاة على ما نذكره هناك إن شاء الله تعالى والثاني ترك الفئ في المدة لان الله تعالى جعل عزم الطلاق شرط وقوعه بقوله فان عزموا الطلاق فان الله سميع عليم وكلمة ان للشرط وعزم الطلاق ترك الفئ في المدة والكلام في الفئ يقع في مواضع في تفسير الفئ المذكور في الآية الكريمة انه ما هو وفي بيان شرط صحة الفئ وفي بيان وقت الفئ انه في المدة أو بعد انقضائها أما الأول فالفئ عندنا على ضربين أحدهما بالفعل وهو الجماع في الفرج حتى لو جامعها فيما دون الفرج أو قبلها بشهوة أو لمسها لشهوة أو نظر إلى فرجها عن شهوة لا يكون ذلك فيأ لان حقها في الجماع في الفرج فصار ظالما بمنعه فلا يندفع الظلم الا به فلا يحصل الفئ وهو الرجوع عما عزم عليه عند القدرة الا به بخلاف الرجعة انها تثبت بالجماع فيما دون الفرج وبالمس عن شهوة والنظر إلى الفرج عن شهوة لان البينونة هناك بعد انقضاء العدة تثبت من وقت وجود الطلاق من وجه فلو لم تثبت الرجعة به لصار مرتكبا للحرام فجعل الاقدام عليه دلالة الرجعة تحرزا عن الحرام وهذا المعنى لم يوجد ههنا لان البينونة بعد انقضاء المدة ثبتت مقصورة على الحال فلو لم يجعل منه فيأ لم يصر مرتكبا للحرام لذلك فافترقا والثاني بالقول والكلام فيه يقع في موضعين أحدهما في صورة الفئ بالقول والثاني في بيان شرط صحته أما صورته فهي أن يقول لها فئت إليك أو راجعتك وما أشبه ذلك وذكر الحسن عن أبي حنيفة في صفة الفئ أن يقول الزوج اشهدوا اني قد فئت إلى امرأتي وأبطلت الايلاء وليس هذا من أبي حنيفة شرط الشهادة على الفئ فإنه يصح بدون الشهادة وإنما ذكر الشهادة احتياطا لباب الفروج لاحتمال أن يدعى الزوج الفئ إليها بعد مضي المدة فتكذبه المرأة فيحتاج إلى إقامة البينة عليه الا أن تكون الشهادة شرطا لصحة الفئ وقد قال أصحابنا انه إذا اختلف الزوج والمرأة في الفئ مع بقاء المدة والزوج ادعى الفئ وأنكرت المرأة فالقول قول الزوج لان المدة إذا كانت باقية فالزوج يملك الفئ فيها وقد دعى الفئ في وقت يملك انشاءه فيه فكان الظاهر شاهدا له فكان القول قوله وان اختلفا بعد مضي المدة فالقول قول المرأة لان الزوج يدعى الفئ في وقت لا يملك انشاء الفئ فيه فكان الظاهر شاهدا عليه للمرأة فكان القول قولها وأما شرط صحته فلصحة الفئ بالقول شرائط ثلاثة أحدها العجز عن الجماع فلا يصح مع القدرة على الجماع لان الأصل هو الفئ بالجماع لان الظلم به يندفع حقيقة وإنما الفئ بالقول خلف عنه ولا عبرة بالخلف مع القدرة على الأصل كالتيمم مع الوضوء ونحو ذلك ثم الشرط هو العجز عن الجماع حقيقة أو مطلق العجز اما حقيقة واما حكما فجملة الكلام فيه أن العجز نوعان حقيقي وحكمي أما الحقيقي فنحو أن يكون أحد الزوجين مريضا مرضا يتعذر معه الجماع أو كانت المرأة صغيرة لا يجامع مثلها أو رتقاء أو يكون الزوج مجبوبا أو يكون بينهما مسافة لا يقدر على قطعها في مدة الايلاء أو تكون ناشزة محتجبة في مكان لا يعرفه أو يكون محبوسا لا يقدر أن يدخلها وفيؤه في هذا كله بالقول كذا ذكره القدوري في شرحه مختصر الكرخي وذكر القاضي في شرحه مختصر الطحاوي أنه لو آلى من امرأته وهي محبوسة أو هو محبوس أو كان بينه وبن امرأته مسافة أقل من
(١٧٣)