بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٣ - الصفحة ١٠١
قد يشرط لثبوت الحكم من الشرائط ما لا يشرط لزواله فكان الاستدلال بالثبوت على الزوال استدلالا فاسدا (فصل) ومنها النية في أحد نوعي الطلاق وهو الكناية وجملة الكلام في هذا الشرط في موضعين أحدهما في بيان الألفاظ التي يقع بها الطلاق في الشرع والثاني في بيان صفة الواقع بها اما الأول فالألفاظ التي يقع بها الطلاق في الشرع نوعان صريح وكناية اما الصريح فهو اللفظ الذي لا يستعمل الا في حل قيد النكاح وهو لفظ الطلاق أو التطليق مثل قوله أنت طالق أو أنت الطلاق أو طلقتك أو أنت مطلقة مشددا سمى هذا النوع صريحا لان الصريح في اللغة اسم لما هو ظاهر المراد مكشوف المعنى عند السامع من قولهم صرح فلان بالامر أي كشفه وأوضحه وسمى البناء المشرف صرحا لظهوره على سائر الأبنية وهذه الألفاظ ظاهرة المراد لأنها لا تستعمل الا في الطلاق عن قيد النكاح فلا يحتاج فيها إلى النية لوقوع الطلاق إذ النية عملها في تعيين المبهم ولا ابهام فيها وقال الله تعالى فطلقوهن لعدتهن شرع الطلاق من غير شرط النية وقال سبحانه وتعالى الطلاق مرتان مطلقا وقال سبحانه وتعالى فان طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره حكم سبحانه وتعالى بزوال الحل مطلقا عن شرط النية وروينا ان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما لما طلق امرأته في حال الحيض أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يراجعها ولم يسأله هل نوى الطلاق أو لم ينو ولو كانت النية شرطا لسأله ولا مراجعة الا بعد وقوع الطلاق فدل على وقوع الطلاق من غير نية ولو قال لها أنت طالق ثم قال أردت انها طالق من وثاق لم يصدق في انقضاء لما ذكرنا ان ظاهر هذا الكلام الطلاق عن قيد النكاح فلا يصدقه القاضي في صرف الكلام عن ظاهره وكذا لا يسع للمرأة ان تصدقه لأنه خلاف الظاهر ويصدق فيما بينه وبين الله تعالى لأنه نوى ما يحتمله كلامه في الجملة والله تعالى مطلع على قلبه ولو قال أنت طالق وقال أردت انها طالق من العمل لم يصدق في القضاء ولا فيما بينه وبين الله تعالى لان هذا اللفظ لا يستعمل في الطلاق عن العمل فقد نوى ما لا يحتمله لفظه أصلا فلا يصدق أصلا وروى الحسن عن أبي حنيفة فيمن قال أنت طالق وقال نويت الطلاق من عمل أو قيد يدين فيما بينه وبين الله تعالى لأنها مطلقة من هذين الامرين حقيقة فقد نوى ما يحتمله حقيقة كلامه فجاز أن يصدق فيه ولو صرح فقال أنت طالق من وثاق لم يقع في القضاء لأن المرأة قد توصف بأنها طالق من وثاق وان لم يكن مستعملا فإذا صرح به يحمل عليه وان صرح فقال أنت طالق من هذا العمل وقع الطلاق في القضاء لان هذا اللفظ لا يستعمل في الطلاق عن العمل لا حقيقة ولا مجازا ولا يقع فيما بينه وبين الله تعالى لأنه يحتمله في الجملة وإن كان خلاف الظاهر وعلى قياس رواية الحسن ينبغي أن لا يقع أيضا في القضاء ولو قال أنت أطلق من امرأة فلان وهي مطلقة فذلك على نيته الا أن يكون جوابا لمسألة الطلاق لان لفظة أفعل ليست صريحا في الكلام ألا ترى ان من قال لآخر أنت أزنى من فلان لم يكن قذفا صريحا حتى لا يجب الحد ومعلوم ان صريح القذف يوجب الحد وإذا لم يكن صريحا وقف على النية الا إذا خرج جوابا لسؤال الطلاق فينصرف إليه بقرينة السؤال وكذا إذا قال لها أنت مطلقة وخفف فهو على نيته لما ذكرنا ان الانطلاق لا يستعمل في قيد النكاح وإنما يستعمل في القيد الحقيقي والحيس فلم يكن صريحا فوقف على النية وروى ابن سماعة عن محمد فيمن قال لامرأته كوني طالقا أو اطلقي قال أراه واقعا لان قوله كوني ليس أمرا حقيقة وإن كانت صيغته صيغة الامر بل هو عبارة عن اثبات كونها طالقا كما في قوله تعالى كن فيكون ان قوله كن ليس بأمر حقيقة وإن كانت صيغته صيغة الامر بل هو كناية عن التكوين ولا تكون طالقا الا بالطلاق وكذا قوله اطلقي وكذلك إذا قال لامرأته كوني حرة أو اعتقي ولو قال يا مطلقة وقع عليها الطلاق لأنه وصفها بكونها مطلقة ولا تكون مطلقة الا بالتطليق فان قال أردت به الشتم لا يصدق في القضاء لأنه خلاف الظاهر لأنه نوى فيما هو وصف أن لا يكون وصفا فكان عدولا عن الظاهر فلا يصدقه القاضي ويصدق فيما بينه وبين الله تعالى لأنه قد يراد بمثله الشتم ولو كان لها زوج قبله فقال عنيت ذلك الطلاق دين في القضاء لأنه نوى ما يحتمله لفظه لأنه وصفها بكونها مطلقة في نفسها من غير الإضافة إلى نفسه وقد تكون مطلقته وقد تكون مطلقة
(١٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الايمان والكلام فيه مطلب في بيان أنواع الايمان 2
2 فصل وأما ركن اليمين فهو الخ 5
3 فصل وأما شرائط ركن اليمين فأنواع 10
4 فصل وأما حكم اليمين فيختلف باختلافه 15
5 فصل في بيان أن اليمين على نية الحالف أو المستحلف 20
6 فصل وأما اليمين بغير الله فهي نوعان 21
7 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 26
8 فصل وأما حكم اليمين المعلق الخ 30
9 فصل وأما الحلف على الدخول الخ 36
10 فصل واما الحلف على الخروج فهو الخ 42
11 فصل وأما الحلف على الكلام فهو الخ 47
12 فصل وأما الحلف على الاظهار والاعلان الخ 53
13 فصل وأما الحلف على الأكل والشرب الخ 56
14 فصل واما الحلف على اللبس والكسوة الخ 69
15 فصل واما الحلف على الركوب فهو الخ 71
16 فصل واما الحلف على الجلوس فهو الخ 71
17 فصل وأما الحلف على السكنى والمساكنة فهو الخ 72
18 فصل وأما الحلف على المعرفة فهو الخ 75
19 فصل واما الحلف على أخذ الحق وقبضه الخ. 75
20 فصل وأما الحالف على الهدم فهو الخ 76
21 فصل وأما الحلف على الضرب والقتل فهو الخ 76
22 فصل وأما الحلف على المفارقة والوزن فهو الخ 78
23 فصل وأما الحلف على ما يضاف إلى غير الحالف 78
24 فصل وأما الحالف على ما يخرج من الحالف أو لا يخرج الخ 80
25 فصل وأما الحلف على أمور شرعية الخ 81
26 فصل واما الحلف على أمور متفرقة الخ 87
27 كتاب الطلاق والكلام عليه مطلب في أن صفة الطلاق نوعان سنة وبدعة 88
28 فصل وأما بيان الالفاظ التي يقع بها طلاق السنة فهو نوعين نص ودلالة أما النص الخ 91
29 مطلب وأما الدلالة فنحو أن يقول الخ 92
30 فصل وأما طلاق البدعة فالكلام فيه في ثلاثة مواضع 93
31 فصل وأما حكم الالفاظ التي يقع بها طلاق البدعة 96
32 فصل وأما طلاق البدعة فهو الخ 96
33 فصل وأما قدر الطلاق وعدده فنقول الخ 97
34 فصل وأما بيان ركن الطلاق الخ 98
35 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 99
36 فصل في النية في أحد نوعي الطلاق 101
37 فصل وأما الكناية فنوعان النوع الأول منه الخ 105
38 فصل وأما النوع الثاني فهو الخ 109
39 فصل وأما بيان صفة الواقع بها الخ 109
40 فصل وأما الكناية فثلاثة ألفاظ رواجع بلا خلاف 111
41 فصل وأما قوله أمرك بيدك فالكلام فيه الخ 113
42 فصل واما قوله اختاري فالكلام فيه الخ 118
43 فصل وأما قوله أنت طالق إن شئت فهو الخ 121
44 فصل وأما قوله طلقي نفسك فهو عندنا تمليك الخ 122
45 فصل وأما الرسالة فهو أن يبعث الزوج طلاق امرأته الغائبة الخ 126
46 فصل وأما الذي يرجع إلى المرأة فمنها الملك الخ 126
47 فصل وأما حكم الخلع فنقول الخ 151
48 فصل وأما الطلاق على مال فهو في أحكامه كالخلع 152
49 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس الركن الخ 153
50 مطلب وأما أحد نوعي الاستثناء فهو الخ 155
51 مطلب في مسائل نوع من الاستثناء 157
52 فصل وأما الذي يرجع إلى الوقت فهو الخ 161
53 فصل وأما شرائط ركن الايلاء فنوعان 170
54 فصل وأما حكم الايلاء فنقول الخ 175
55 فصل وأما بيان ما يبطل به الايلاء فنوعان 178
56 فصل وأما بيان حكم الطلاق فيختلف الخ 180
57 فصل وأما شرائط جواز الرجعة فمنها الخ 183
58 فصل وأما الطلاق البائن فنوعان الخ 187
59 فصل ومنها أن يكون نكاح الثاني صحيحا 187
60 فصل وأما الذي هو من التوابع فنوعان 190
61 فصل وأما عدة الأشهر فنوعان 192
62 فصل وأما عدة الحمل فهي مدة الحمل 192
63 فصل في بيان مقادير العدة وما تنقضى به 193
64 فصل في بيان ما يعرف به انقضاء العدة 198
65 فصل في بيان انتقال العدة وتغيرها 200
66 فصل وأما تغير العدة فنحو الأمة الخ 201
67 فصل في أحكام العدة 204
68 كتاب الظهار والكلام عليه 229
69 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر 232
70 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر به. 233
71 فصل وللظهار أحكام 234
72 فصل في بيان ما ينتهى به حكم الظهار أو يبطل 235
73 فصل في بيان كفارة الظهار والكلام عليها 235
74 كتاب اللعان والكلام عليه 237
75 فصل في بيان صفة اللعان 238
76 فصل في بيان سبب وجود اللعان 239
77 فصل في شرائط وجوب اللعان وجوازه 240
78 فصل في بيان ما يظهر به سبب وجوب اللعان 243
79 فصل في بيان ما يسقط به للعان بعد وجوبه 243
80 فصل في بيان حكم اللعان 244
81 فصل في بيان ما يبطل به حكم اللعان 248