بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٣ - الصفحة ١٧٤
أربعة أشهر الا ان العدو أو السلطان منعه عن ذلك فان فيأه لا يكون الا بالفعل ويمكن أن يوفق بين القولين في الحبس بان يحمل ما ذكره القاضي على أن يقدر أحدهما على أن يصل إلى صاحبه في السجن والوجه في المنع من العدو أو السلطان ان ذلك نادر وعلى شرف الزوال فكان ملحقا بالعدم وأما الحكمي فمثل أن يكون محرما وقت الايلاء وبينه وبين الحج أربعة أشهر وإذا عرف هذا فنقول لا خلاف في أنه إذا كان عاجزا عن الجماع حقيقة انه ينتقل الفئ بالجماع إلى الفئ بالقول واختلف أصحابنا فيما إذا كان قادرا على الجماع حقيقة وعاجزا عنه حكما أنه هل يصح الفئ بالقول قال أصحابنا الثلاثة لا يصح ولا يكون فيؤه الا بالجماع وقال زفر يصح وجه قوله إن العجز حكما كالعجز حقيقة في أصول الشريعة كما في الخلوة فإنه يستوى المانع الحقيقي والشرعي في المنع من صحة الخلوة كذا هذا ولنا أنه قادر على الجماع حقيقة فيصير ظالما بالمنع فلا يندفع الظلم عنها الا بايفائها حقها بالجماع وحق العبد لا يسقط لأجل حق الله تعالى في الجملة لغنا الله عز وجل وحاجة العبد والثاني دوام العجز عن الجماع إلى أن تمضي المدة حتى لو قدر على الجماع في المدة بطل الفئ بالقول وانتقل إلى الفئ بالجماع حتى لو تركها ولم يقربها في المدة حتى مضت تبين لما ذكرنا أن الفئ باللسان بدل عن الفئ بالجماع ومن قدر على الأصل قبل حصول المقصود بالبدل بطل حكم البدل كالمتيمم إذا قدر على الماء في الصلاة وكذا إذا آلى وهو صحيح ثم مرض فإن كان قدر مدة صحته ما يمكن فيه الجماع ففيؤه بالجماع لأنه كان قادرا على الجماع في مدة الصحة فإذا لم يجامعها مع القدرة عليه فقد فرط في ايفاء حقها فلا يعذر بالمرض الحادث وإن كان لا يمكنه فيؤه بالجماع لقصره ففيؤه بالقول لأنه إذا لم يقدر على الجماع فيه لم يكن مفرطا في ترك الجماع فكان معذورا ولو آلى وهو مريض فلم يفئ باللسان إليها حتى مضت المدة فبانت ثم صح ثم مرض فتزوجها وهو مريض ففاء إليها باللسان صح فيؤه في قول أبي يوسف حتى لو تمت أربعة أشهر من وقت التزوج لا تبين وقال محمد لا يصح (وجه) قوله أنه إذا صح في المدة الثانية فقد قدر على الجماع حقيقة فسقط اعتبار الفئ باللسان في تلك المدة وإن كان لا يقدر على جماعها الا بمعصية كما إذا كان محرما ففاء بلسانه أنه لم يصح فيؤه باللسان لكونه قادرا على الجماع حقيقة وإن كان لا يقدر عليه الا بمعصية كذا هذا ولأبي يوسف أن الصحة إنما تمنع الفئ باللسان للقدرة على ايفائها حقها في الجماع ولا حق لها في حالة البينونة فلا تعتبر الصحة مانعة منه والثالث قيام ملك النكاح وقت الفئ بالقول وهو أن تكون المرأة في حال ما يفئ إليها زوجته غير بائنة منه فإن كانت بائنة منه ففاء بلسانه لم يكن ذلك فيأ ويبقى الايلاء لان الفئ بالقول حال قيام النكاح إنما يرفع الايلاء في حق حكم الطلاق لحصول ايفاء حقها به ولا حق لها حالة البينونة على ما نذكره ولا يعتبر الفئ وصار وجودها والعدم بمنزلة فيبقى الايلاء فإذا تزوجها ومضت المدة تبين منه بخلاف الفئ بالفعل وهو الجماع انه يصح بعد زوال الملك وثبوت البينونة حتى لا يبقى الايلاء بل يبطل لأنه حنث بالوطئ فانحلت اليمين وبطلت ولم يوجد الحنث ههنا فلا تنحل اليمين فلا يرتفع الايلاء ثم الفئ بالقول عندنا إنما يصح في حق حكم الطلاق حتى لا يقع الطلاق بمضي المدة الا في حق الحنث لان اليمين في حق حكم الحنث باقية لأنها لا تنحل الا بالحنث والحنث إنما يحصل بفعل المحلوف عليه والقول ليس محلوفا عليه فلا تنحل به اليمين هذا الذي ذكرنا مذهب أصحابنا وقال الشافعي لا فئ الا بالجماع واليه مال الطحاوي ووجهه ان الفئ بالحنث ولا حنث باللسان فلا يحصل الفئ به وهذا لان الحنث هو فعل المحلوف عليه والمحلوف عليه هو القربان فلا يحصل الفئ الا به ولنا اجماع الصحابة رضي الله عنهم فإنه روى عن علي رضي الله عنه وابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهم أنهم قالوا الفئ عند العجز بالقول وكذا روى عن جماعة من التابعين مثل مسروق والشعبي وإبراهيم النخعي وسعيد بن جبير ولان الفئ في اللغة هو الرجوع يقال فاء الظل أي رجع ومعنى الرجوع في الايلاء هو أنه بالايلاء عزم على منع حقها في الجماع وأكد العزم باليمين فبالفئ رجع عما عزم والرجوع كما يكون بالفعل يكون بالقول وهذا لان وقوع الطلاق لصيرورته ظالما بمنع حقها والظلم عند القدرة على الجماع بمنع حقها في الجماع فيكون إزالة الظلم بإيفاء حقها في الجماع فيكون إزالة هذا الظلم بذكر ايفاء حقها في الجماع أيضا وعند العجز عن الجماع يكون بايذائه إياها منع حقها
(١٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الايمان والكلام فيه مطلب في بيان أنواع الايمان 2
2 فصل وأما ركن اليمين فهو الخ 5
3 فصل وأما شرائط ركن اليمين فأنواع 10
4 فصل وأما حكم اليمين فيختلف باختلافه 15
5 فصل في بيان أن اليمين على نية الحالف أو المستحلف 20
6 فصل وأما اليمين بغير الله فهي نوعان 21
7 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 26
8 فصل وأما حكم اليمين المعلق الخ 30
9 فصل وأما الحلف على الدخول الخ 36
10 فصل واما الحلف على الخروج فهو الخ 42
11 فصل وأما الحلف على الكلام فهو الخ 47
12 فصل وأما الحلف على الاظهار والاعلان الخ 53
13 فصل وأما الحلف على الأكل والشرب الخ 56
14 فصل واما الحلف على اللبس والكسوة الخ 69
15 فصل واما الحلف على الركوب فهو الخ 71
16 فصل واما الحلف على الجلوس فهو الخ 71
17 فصل وأما الحلف على السكنى والمساكنة فهو الخ 72
18 فصل وأما الحلف على المعرفة فهو الخ 75
19 فصل واما الحلف على أخذ الحق وقبضه الخ. 75
20 فصل وأما الحالف على الهدم فهو الخ 76
21 فصل وأما الحلف على الضرب والقتل فهو الخ 76
22 فصل وأما الحلف على المفارقة والوزن فهو الخ 78
23 فصل وأما الحلف على ما يضاف إلى غير الحالف 78
24 فصل وأما الحالف على ما يخرج من الحالف أو لا يخرج الخ 80
25 فصل وأما الحلف على أمور شرعية الخ 81
26 فصل واما الحلف على أمور متفرقة الخ 87
27 كتاب الطلاق والكلام عليه مطلب في أن صفة الطلاق نوعان سنة وبدعة 88
28 فصل وأما بيان الالفاظ التي يقع بها طلاق السنة فهو نوعين نص ودلالة أما النص الخ 91
29 مطلب وأما الدلالة فنحو أن يقول الخ 92
30 فصل وأما طلاق البدعة فالكلام فيه في ثلاثة مواضع 93
31 فصل وأما حكم الالفاظ التي يقع بها طلاق البدعة 96
32 فصل وأما طلاق البدعة فهو الخ 96
33 فصل وأما قدر الطلاق وعدده فنقول الخ 97
34 فصل وأما بيان ركن الطلاق الخ 98
35 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 99
36 فصل في النية في أحد نوعي الطلاق 101
37 فصل وأما الكناية فنوعان النوع الأول منه الخ 105
38 فصل وأما النوع الثاني فهو الخ 109
39 فصل وأما بيان صفة الواقع بها الخ 109
40 فصل وأما الكناية فثلاثة ألفاظ رواجع بلا خلاف 111
41 فصل وأما قوله أمرك بيدك فالكلام فيه الخ 113
42 فصل واما قوله اختاري فالكلام فيه الخ 118
43 فصل وأما قوله أنت طالق إن شئت فهو الخ 121
44 فصل وأما قوله طلقي نفسك فهو عندنا تمليك الخ 122
45 فصل وأما الرسالة فهو أن يبعث الزوج طلاق امرأته الغائبة الخ 126
46 فصل وأما الذي يرجع إلى المرأة فمنها الملك الخ 126
47 فصل وأما حكم الخلع فنقول الخ 151
48 فصل وأما الطلاق على مال فهو في أحكامه كالخلع 152
49 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس الركن الخ 153
50 مطلب وأما أحد نوعي الاستثناء فهو الخ 155
51 مطلب في مسائل نوع من الاستثناء 157
52 فصل وأما الذي يرجع إلى الوقت فهو الخ 161
53 فصل وأما شرائط ركن الايلاء فنوعان 170
54 فصل وأما حكم الايلاء فنقول الخ 175
55 فصل وأما بيان ما يبطل به الايلاء فنوعان 178
56 فصل وأما بيان حكم الطلاق فيختلف الخ 180
57 فصل وأما شرائط جواز الرجعة فمنها الخ 183
58 فصل وأما الطلاق البائن فنوعان الخ 187
59 فصل ومنها أن يكون نكاح الثاني صحيحا 187
60 فصل وأما الذي هو من التوابع فنوعان 190
61 فصل وأما عدة الأشهر فنوعان 192
62 فصل وأما عدة الحمل فهي مدة الحمل 192
63 فصل في بيان مقادير العدة وما تنقضى به 193
64 فصل في بيان ما يعرف به انقضاء العدة 198
65 فصل في بيان انتقال العدة وتغيرها 200
66 فصل وأما تغير العدة فنحو الأمة الخ 201
67 فصل في أحكام العدة 204
68 كتاب الظهار والكلام عليه 229
69 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر 232
70 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر به. 233
71 فصل وللظهار أحكام 234
72 فصل في بيان ما ينتهى به حكم الظهار أو يبطل 235
73 فصل في بيان كفارة الظهار والكلام عليها 235
74 كتاب اللعان والكلام عليه 237
75 فصل في بيان صفة اللعان 238
76 فصل في بيان سبب وجود اللعان 239
77 فصل في شرائط وجوب اللعان وجوازه 240
78 فصل في بيان ما يظهر به سبب وجوب اللعان 243
79 فصل في بيان ما يسقط به للعان بعد وجوبه 243
80 فصل في بيان حكم اللعان 244
81 فصل في بيان ما يبطل به حكم اللعان 248