أربعة أشهر الا ان العدو أو السلطان منعه عن ذلك فان فيأه لا يكون الا بالفعل ويمكن أن يوفق بين القولين في الحبس بان يحمل ما ذكره القاضي على أن يقدر أحدهما على أن يصل إلى صاحبه في السجن والوجه في المنع من العدو أو السلطان ان ذلك نادر وعلى شرف الزوال فكان ملحقا بالعدم وأما الحكمي فمثل أن يكون محرما وقت الايلاء وبينه وبين الحج أربعة أشهر وإذا عرف هذا فنقول لا خلاف في أنه إذا كان عاجزا عن الجماع حقيقة انه ينتقل الفئ بالجماع إلى الفئ بالقول واختلف أصحابنا فيما إذا كان قادرا على الجماع حقيقة وعاجزا عنه حكما أنه هل يصح الفئ بالقول قال أصحابنا الثلاثة لا يصح ولا يكون فيؤه الا بالجماع وقال زفر يصح وجه قوله إن العجز حكما كالعجز حقيقة في أصول الشريعة كما في الخلوة فإنه يستوى المانع الحقيقي والشرعي في المنع من صحة الخلوة كذا هذا ولنا أنه قادر على الجماع حقيقة فيصير ظالما بالمنع فلا يندفع الظلم عنها الا بايفائها حقها بالجماع وحق العبد لا يسقط لأجل حق الله تعالى في الجملة لغنا الله عز وجل وحاجة العبد والثاني دوام العجز عن الجماع إلى أن تمضي المدة حتى لو قدر على الجماع في المدة بطل الفئ بالقول وانتقل إلى الفئ بالجماع حتى لو تركها ولم يقربها في المدة حتى مضت تبين لما ذكرنا أن الفئ باللسان بدل عن الفئ بالجماع ومن قدر على الأصل قبل حصول المقصود بالبدل بطل حكم البدل كالمتيمم إذا قدر على الماء في الصلاة وكذا إذا آلى وهو صحيح ثم مرض فإن كان قدر مدة صحته ما يمكن فيه الجماع ففيؤه بالجماع لأنه كان قادرا على الجماع في مدة الصحة فإذا لم يجامعها مع القدرة عليه فقد فرط في ايفاء حقها فلا يعذر بالمرض الحادث وإن كان لا يمكنه فيؤه بالجماع لقصره ففيؤه بالقول لأنه إذا لم يقدر على الجماع فيه لم يكن مفرطا في ترك الجماع فكان معذورا ولو آلى وهو مريض فلم يفئ باللسان إليها حتى مضت المدة فبانت ثم صح ثم مرض فتزوجها وهو مريض ففاء إليها باللسان صح فيؤه في قول أبي يوسف حتى لو تمت أربعة أشهر من وقت التزوج لا تبين وقال محمد لا يصح (وجه) قوله أنه إذا صح في المدة الثانية فقد قدر على الجماع حقيقة فسقط اعتبار الفئ باللسان في تلك المدة وإن كان لا يقدر على جماعها الا بمعصية كما إذا كان محرما ففاء بلسانه أنه لم يصح فيؤه باللسان لكونه قادرا على الجماع حقيقة وإن كان لا يقدر عليه الا بمعصية كذا هذا ولأبي يوسف أن الصحة إنما تمنع الفئ باللسان للقدرة على ايفائها حقها في الجماع ولا حق لها في حالة البينونة فلا تعتبر الصحة مانعة منه والثالث قيام ملك النكاح وقت الفئ بالقول وهو أن تكون المرأة في حال ما يفئ إليها زوجته غير بائنة منه فإن كانت بائنة منه ففاء بلسانه لم يكن ذلك فيأ ويبقى الايلاء لان الفئ بالقول حال قيام النكاح إنما يرفع الايلاء في حق حكم الطلاق لحصول ايفاء حقها به ولا حق لها حالة البينونة على ما نذكره ولا يعتبر الفئ وصار وجودها والعدم بمنزلة فيبقى الايلاء فإذا تزوجها ومضت المدة تبين منه بخلاف الفئ بالفعل وهو الجماع انه يصح بعد زوال الملك وثبوت البينونة حتى لا يبقى الايلاء بل يبطل لأنه حنث بالوطئ فانحلت اليمين وبطلت ولم يوجد الحنث ههنا فلا تنحل اليمين فلا يرتفع الايلاء ثم الفئ بالقول عندنا إنما يصح في حق حكم الطلاق حتى لا يقع الطلاق بمضي المدة الا في حق الحنث لان اليمين في حق حكم الحنث باقية لأنها لا تنحل الا بالحنث والحنث إنما يحصل بفعل المحلوف عليه والقول ليس محلوفا عليه فلا تنحل به اليمين هذا الذي ذكرنا مذهب أصحابنا وقال الشافعي لا فئ الا بالجماع واليه مال الطحاوي ووجهه ان الفئ بالحنث ولا حنث باللسان فلا يحصل الفئ به وهذا لان الحنث هو فعل المحلوف عليه والمحلوف عليه هو القربان فلا يحصل الفئ الا به ولنا اجماع الصحابة رضي الله عنهم فإنه روى عن علي رضي الله عنه وابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهم أنهم قالوا الفئ عند العجز بالقول وكذا روى عن جماعة من التابعين مثل مسروق والشعبي وإبراهيم النخعي وسعيد بن جبير ولان الفئ في اللغة هو الرجوع يقال فاء الظل أي رجع ومعنى الرجوع في الايلاء هو أنه بالايلاء عزم على منع حقها في الجماع وأكد العزم باليمين فبالفئ رجع عما عزم والرجوع كما يكون بالفعل يكون بالقول وهذا لان وقوع الطلاق لصيرورته ظالما بمنع حقها والظلم عند القدرة على الجماع بمنع حقها في الجماع فيكون إزالة الظلم بإيفاء حقها في الجماع فيكون إزالة هذا الظلم بذكر ايفاء حقها في الجماع أيضا وعند العجز عن الجماع يكون بايذائه إياها منع حقها
(١٧٤)